أخبار لبنان

هكذا "تأرجح" سقف الموقف الرئاسي والخطوة التالية "توقيع التشكيلة‎"‎.. عون يَحشر "حزب الله": أللّهم نفسي

تم النشر في 22 أيلول 2020 | 00:00

المصدر:"نداء الوطن "


أمّا وقد عَبر رئيس الجمهورية ميشال عون أمس "مَطهر" التأليف غاسلاً يده من ذنب التعطيل ‏والتدنيس بالدستور، فالأوجب الثناء على موقفه وحثه على المضي قدماً في طريق العودة إلى ‏جادة الصواب الوطني ومغادرة رصيف المصالح والتحالفات الضيقة التي عقدها وأوصلت البلد ‏إلى الدرك الأسفل سيادياً وسياسياً ودستورياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً وحياتياً وصحياً. ‏فبغض النظر عن المنطلقات التي انطلق منها في موقفه المستجد، والتي لا شك في كونها ‏مسبقة الدفع من رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، يبقى أنّ رئيس الجمهورية بدا ‏أمس كمن يتلو "فعل الندامة" أمام الكنيسة المارونية للتأخر في اللحاق بركب مواقفها السيادية ‏العابرة للطوائف والمذاهب، ليردّ بذلك "الصاع صاعين" إلى رفض "حزب الله" الضمانة ‏العونية في حقيبة المالية، وليحشر تالياً الثنائي الشيعي في زاوية عدم دستورية مطلبه، نازعاً ‏عن الحزب الغطاء المسيحي الذي لطالما تلحّف به منذ العام 2006، على قاعدة "أللهم نفسي" ‏التي أضحت تحكم الأداء العوني اليوم خشية أن تكوي "جهنّم" العقوبات العهد وتياره‎.

‎"‎الدستور لا ينص على تخصيص أي وزارة لأي طائفة أو فريق وأدعو إلى الغاء التوزيع ‏الطائفي للوزارات السيادية"، موقف أكد من خلاله رئيس الجمهورية أمس أنه غير مستعد ‏لتحمّل أوزار إفشال المبادرة الفرنسية أمام الرئيس إيمانويل ماكرون والمجتمع الدولي، وأنه ‏راغب بالنأي بنفسه عن تداعيات وعواقب تعطيل "حزب الله" لمفاعيل هذه المبادرة حكومياً. ‏فعون، وإن كان استهل كلمته بالإشارة إلى عدم وجود "أي حل قريب" لملف التأليف في ظل ‏رفض "الحلول المنطقية والوسطية" التي طرحها (توزير شخصية مسيحية يسميها رئيس ‏الجمهورية لحقيبة المالية) لكنه في المقابل لم يقفل الباب أمام إمكانية وصول الأمور إلى ‏مستوى حثّه الرئيس المكلف على تقديم تشكيلته وتوقيعها في حال لم تقع "عجيبة" تتيح التأليف ‏توافقياً خلال الأيام المقبلة، لا سيما وأنه شدد على أنّ أولويته في المرحلة الراهنة تكمن في ‏‏"تشكيل الحكومة سريعاً" وليس الدعوة إلى أي حوار، مع إبدائه تمسكاً لافتاً بتكليف مصطفى ‏أديب وعدم تحبيذ دفعه إلى الاعتذار عن تأليف "حكومة المهمة" المدعومة فرنسياً‎.

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مطلعة على حيثيات موقف رئيس الجمهورية لـ"نداء الوطن" ‏أن اجتماعاً مطولاً سبق إطلالته المتفلزة في قصر بعبدا ظهر أمس، ضم عون وباسيل وعدداً ‏من النواب والوزراء السابقين المقربين من رئيس "التيار الوطني"، وجرى خلاله النقاش في ‏سقف الموقف الرئاسي الواجب اتخاذه إزاء الملف الحكومي، مشيرةً إلى أنّ الاجتماع الذي بدأ ‏قرابة الساعة الحادية عشرة والنصف وفرض تأجيلاً متكرراً لموعد انعقاد المؤتمر الصحافي ‏حتى الثانية والنصف، شهد "تأرجحاً في الرأي" بين فريق يطالب بتضمين رئيس الجمهورية ‏كلمته دعوةً صريحة إلى الرئيس المكلف لكي يقدّم تشكيلته الحكومية بصيغتها الحالية وإبداء ‏الاستعداد لتوقيعها وإحالتها إلى مجلس النواب لحسم مصيرها في جلسة الثقة، وبين فريق ‏فضّل التريث في اعتماد هذه الخطوة لكي لا يرتفع منسوب التصعيد والتوتر أكثر في مواجهة ‏‏"حزب الله" وإفساح المجال أمام الثنائي الشيعي لتلقف مبادرة رئيس الجمهورية وانتظار كيفية ‏تعامله معها "وبعدها لكل حادث حديث‎".

وأوضحت المصادر أنه في محصلة النقاش رجحت كفة التريث في ميزان الموقف الرئاسي، ‏من دون استبعاد كلي لفكرة دعوة الرئيس المكلف إلى تقديم التشكيلة الوزارية المرتكزة على ‏مبدأ المداورة الشاملة في الحقائب لتوقيعها دستورياً، وتفضيل إرجاء هذه الخطوة إلى وقت ‏لاحق بوصفها "الخرطوشة الأخيرة" في حال عدم تجاوب الثنائي الشيعي مع الطرح الرئاسي، ‏مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ هذا الطرح لم يكن مفاجئاً للمتابعين ولا حتى للثنائي الشيعي ‏نفسه، سيّما أنه أتى في سياق متدرّج من المواقف أطلقها "التيار الوطني" ورئيسه خلال ‏الأسابيع الأخيرة تأكيداً على التمايز عن موقف "حزب الله" وحركة "أمل" تحت تأثير وهج ‏العقوبات الأميركية التي بدأت نيرانها تلفح قيادات الصف الأول لبنانياً، وباتت اليوم بمثابة ‏الدافع الرئيس والمحرك الأساس لآلية اتخاذ المواقف وتحديد بوصلة التوجهات السياسية ‏والرئاسية في بعبدا كما في ميرنا الشالوحي‎.

توازياً، وفي ما يشبه الهجمة الدستورية المرتدة على عرقلة ولادة الحكومة، تزامن موقف ‏الرئاسة الأولى مع تسطير الرئيس المكلف أول بيان إعلامي له أمس شدد فيه على أن "لبنان ‏لا يملك ترف إهدار الوقت"، مذكراً الأطراف بتعهداتها الداعمة "لتسهيل تشكيل حكومة مهمة ‏محددة البرنامج مؤلفة من اختصاصيين وتكون قادرة على وقف الانهيار وبدء العمل على ‏إخراج البلد من الأزمات‎".

وإذ أكد أديب أنه لن يألو جهداً لتحقيق هذا الهدف بالتعاون مع رئيس الجمهورية، تمنى في ‏المقابل على الجميع "العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية فوراً من دون إبطاء"، مع تحميله ‏بشكل غير مباشر كل طرف يدفع باتجاه تأخير ولادة الحكومة العتيدة مسؤولية "تفاقم الأزمة ‏ودفع الناس نحو المزيد من الفقر، والدولة نحو المزيد من العجز‎