أخبار لبنان

الحلول" مقفلة" أمام التشكيل!

تم النشر في 22 أيلول 2020 | 00:00

المصدر: "الشرق الأوسط "


طرح الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، مبادرة تقضي بـ"إلغاء التوزيع ‏الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية، وعدم تخصيصها لطوائف محددة"، ‏ليكون ذلك مخرجاً للأزمة الناشئة عن تمسك "الثنائي الشيعي"، المتمثل ‏بـ"حركة أمل" و"حزب الله"، بالاحتفاظ بحقيبة المالية وتسمية رئيسها في ‏الحكومة العتيدة التي دعا الرئيس المكلف بتشكيلها مصطفى أديب لإنجاح ‏المبادرة الفرنسية، و"تسهيل تشكيل حكومة اختصاصيين قادرة على وقف ‏الانهيار‎".

وتنقسم الحقائب السيادية في لبنان إلى أربعة، هي "الخارجية" و"الداخلية" ‏و"المال" و"الدفاع"، وتتقاسمها الطوائف الأربع الكبرى مناصفة، وهي ‏‏"الموارنة" و"الأرثوذكس" و"السنة" و"الشيعة". ويعد الشيعة أن تمسكهم ‏بالمالية كونها تؤمن مشاركتهم بالسلطة التنفيذية، عبر توقيع وزير المال على ‏المراسيم والقرارات التي تتطلب إنفاقاً مالياً، إلى جانب توقيعي رئيسي ‏الجمهورية والحكومة‎.

ورأى عون "أننا اليوم أمام أزمة تشكيل حكومة، ولم يكن مفترضاً أن تحصل ‏لأن الاستحقاقات التي تنتظر لبنان لا تسمح بهدر أي دقيقة. ومع تصلب ‏المواقف، لا يبدو في الأفق أي حل قريب لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالباً ‏ومغلوباً‎".

وفي مؤتمر صحافي عقده، عد عون أنه "إذا لم تُشكل الحكومة (رايحين على ‏جهنم)"، لافتاً إلى أنه "طرحنا حلولاً منطقية وسطية لتشكيل الحكومة، ولكن لم ‏يتم القبول بها من الفريقين، وتبقى العودة إلى النصوص الدستورية واحترامها ‏هي الحل الذي ليس فيه غالب ولا مغلوب"، مشيراً إلى أنه جرت "4 زيارات ‏لرئيس الحكومة المكلف، ولم يستطع أن يقدم لنا أي تصور أو تشكيلة أو توزيع ‏للحقائب أو الأسماء، ولم تتحلحل العقد‎".

وقال عون إن "رئيس الحكومة المكلف لا يريد الأخذ برأي رؤساء الكتل في ‏توزيع الحقائب وتسمية الوزراء، ويطرح المداورة الشاملة، ويلتقي معه في هذا ‏الموقف رؤساء حكومة سابقون. ويسجل له أنه يرفض التأليف إن لم يكن ثمة ‏توافق وطني على التشكيلة الحكومية‎".

ورأى عون أنه "لا يجوز استبعاد الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة لأن ‏هذه الكتل هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي، وإن كان التأليف ‏محصوراً بالتوقيع بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية"، كما أنه "لا ‏يجوز فرض وزراء وحقائب من فريق على الآخرين، خصوصاً أنه لا يملك ‏الأكثرية النيابية‎".‎

وشدد عون على أن "الدستور لا ينص على تخصيص أي وزارة لأي طائفة من ‏الطوائف أو لأي فريق من الأفرقاء، كما لا يمكن منح أي وزير سلطة لا ينص ‏عليها الدستور". ورأى أن "التصلب في الموقفين لن يوصلنا إلى أي نتيجة، ‏سوى مزيد من التأزيم، في حين أن لبنان أكثر ما يحتاج إليه في ظل كل أزماته ‏المتلاحقة هو بعض الحلحلة والتضامن، ليتكمن من النهوض ومواجهة ‏مشكلاته‎".

واقترح عون "إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية، وعدم ‏تخصيصها لطوائف محددة، بل جعلها متاحة لكل الطوائف، فتكون القدرة على ‏الإنجاز -وليس الانتماء الطائفي- هي المعيار في اختيار الوزراء"، متسائلاً: ‏‏"هل نقوم بهذه الخطوة ونبدأ عملية الإنقاذ المتاحة أمامنا أم سنبقى رهائن ‏الطوائفية والمذهبية؟"، مشدداً على أنه "لا الاستقواء بعضنا على بعضنا سينفع، ‏ولا الاستقواء بالخارج سيجدي؛ وحده تفاهمنا المبني على الدستور والتوازن هو ‏ما سيأخذنا إلى الاستقرار والنهوض‎".

‎- ‎ترف هدر الوقت‎

كان الرئيس المكلف مصطفى أديب قد أعلن، في بيان، أن "لبنان لا يملك ترف ‏إهدار الوقت، وسط كم الأزمات غير المسبوقة التي يمر بها، مالياً ونقدياً ‏واقتصادياً واجتماعياً وصحياً". وقال: "إن أوجاع اللبنانيين التي يتردد صداها ‏على امتداد الوطن، وعبر رحلات الموت في البحر، تستوجب تعاون جميع ‏الأطراف من أجل تسهيل تشكيل حكومة مهمة محددة البرنامج، سبق أن تعهدت ‏الأطراف بدعمها، مؤلفة من اختصاصيين، وتكون قادرة على وقف الانهيار، ‏وبدء العمل على إخراج البلد من الأزمات، وتعيد ثقة المواطن بوطنه ‏ومؤسساته‎".

وأكد أنه لن يألو جهداً لـ"تحقيق هذا الهدف، بالتعاون مع رئيس الجمهورية ‏العماد ميشال عون"، متمنياً من الجميع "العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية ‏فوراً ومن دون إبطاء، وهي التي تفتح أمام لبنان طريق الإنقاذ ووقف التدهور ‏السريع". وختم مشدداً على أن "أي تأخير إضافي يفاقم الأزمة ويعمقها، ويدفع ‏الناس نحو مزيد من الفقر، والدولة نحو مزيد من العجز؛ ولا أعتقد أن أحداً ‏يستطيع أن يحمل ضميره مسؤولية التسبب بمزيد من الوجع لهذا الشعب الذي ‏عانى كثيرا، ولا يزال‎".

ويواجه المطلب الشيعي رفضاً من عدة أطراف، بينها رئيس الحكومة المكلف، ‏وقوى سياسية أخرى، مثل حزب "القوات اللبنانية" الذي نفى رئيسه سمير ‏جعجع، في بيان له أمس، أن يكون ما يحصل في موضوع تأليف الحكومة ‏استهدافاً للشيعة، وقال: "إن هذه الأجواء بعيدة البعد كله عن واقع الحال"، ‏مشيراً إلى أن "ما نريده هو الخروج من المأساة التي نعاني منها لأشهر، بل ‏لسنوات خلت. والسبب الرئيسي لهذه المأساة هو المحاصصة التي كانت تتم على ‏مستوى السلطة التنفيذية، والتي كانت تؤدي إلى بروز دويلات ضمن الدولة، ‏وإلى شلل للحكومة والمؤسسات، وإلى الفساد الذي ساد وتمادى في صلب ‏الدولة‎".

وقال إن "(حزب الله) وحركة أمل تمسكا بما كان يعتمد سابقاً على مدى سنوات ‏عدة، وأصرا على تسمية وزرائهم من جهة، وعلى التمسك بحقيبة المالية من ‏جهة ثانية، الأمر الذي سيدفع الفرقاء الآخرين إلى التمسك بالحقائب التي كانوا ‏يشغلونها، وبالتالي إلى إعادة إنتاج حكومة كسابقاتها، ما يحرمنا تشكيل حكومة ‏جديدة مختلفة؛ (حكومة مهمة) تباشر بعملية إنقاذ البلد وإراحة شعبه‎".

وأضاف: "من هذا المنطلق فحسب، نحن مع المداورة الكاملة طوائف وأحزاباً، ‏ونرفض كلياً أن تسمي الكتل الحاكمة أي وزراء في الحكومة". ورأى أن ‏‏"أكثر من تضرر من نظام المحاصصة السابق ومن تخصيص أحزاب وطوائف ‏بحقائب معينة هم المواطنون الشيعة بالذات‎