عرب وعالم

برلمان تونس.. "شتاء ساخن" ينتظر الغنوشي و"لنهضة" ‏

تم النشر في 25 أيلول 2020 | 00:00

تنطلق مع بداية تشرين الاول المقبل الدورة البرلمانية الثانية لمجلس نواب الشعب في تونس، إذ ‏إن الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية، أعدت العدة من -على ما يبدو- على مدار الأسابيع ‏الماضية، من خلال البحث عن تحالفات جديدة، فضلا عن تعزيز المعارضة بكتل برلمانية كانت ‏سابقا في الحكم‎.‎

أبرز هذه التحالفات ما أعلن عنه من اتفاق بين ائتلاف الكرامة المحسوب على تيار الإسلام ‏السياسي وحزب قلب تونس الليبرالي‎.‎

ووصف مراقبون هذا التقارب بأن "لا مبرر سياسي له"، في حين وصفه البعض بـ"تحالف الشر ‏وتحالف الإرهاب والملفات المشبوهة"، محذرين من خطورته‎.‎

واعتبر البعض هذا التقارب "تحالف مصالح" حيث يبحث نبيل القروي الذي يواجه قضايا تهرب ‏ضريبي، عن غطاء قضائي توفره حركة النهضة، ويبحث ائتلاف الكرامة ومن ورائه حزب ‏النهضة عن أغلبية برلمانية مريحة لمواجهة خصومهم السياسيين من الكتلة الديمقراطية والحزب ‏الدستوري الحر‎.‎

وبرر نواب حزب قلب تونس هذا التحالف بأنه مجرد تحالف برلماني لتمرير مشاريع قوانين ‏تتعلق بإصلاحات اقتصادية‎.‎

تجدر الإشارة إلى أن كتلة قلب تونس سبق وأن شهدت استقالات احتجاجا على التقارب مع حركة ‏النهضة خلال جلسة التصويت على عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي‎.‎

يذكر أن كلا من قلب تونس وائتلاف الكرامة بنى حملته الانتخابية سابقا على عداء الآخر وتقديم ‏أطروحات اقتصادية وسياسية واجتماعية متناقضة‎.‎

وكان ائتلاف الكرامة يشترط مشاركته في الحكومة السابقة بعدم ضم حزب قلب تونس ويتهمه ‏بالفساد، كما قامت فكرة حزب قلب تونس على معاداة الإسلام السياسي الذي تمثله النهضة ‏وائتلاف الكرامة‎.‎

رحلة البحث عن أغلبية مريحة داخل البرلمان هي العنوان الرئيس لما نسج من تحالفات، حيث ‏تسعى حركة النهضة لتكوين جبهة من 120 نائبا تجمعها بقلب تونس وائتلاف الكرامة وكتلة ‏المستقبل‎.‎

من جهته، حافظ الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي على موقعه في المعارضة التي ‏تعززت بـ38 نائبا من الكتلة الديمقراطية بعد انسحاب نوابها من التيار وحركة الشعب من الحكم، ‏ورفضهم التمشي المعتمد من رئيس الحكومة هشام المشيشي في اختيار حكومة من المستقلين‎.‎

وأثار تقارب معسكري الإسلام السياسي وقلب تونس عددا من ردود الفعل والتحركات داخل ‏الكتل الديمقراطية‎.‎

وقال النائب بدر الدين قمودي، من حركة الشعب، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إن ‏‏"الوضع في الدورة النيابية المرتقبة لن يتغير كثيرا عن الدورة السابقة، فالتحالفات المعلنة غير ‏ثابتة ولن تغير الكثير في المشهد، وقد لا تصمد وتسمح بظهور اتفاقات جديدة مثل ما حدث في ‏الدورة السابقة، حيث ظهر تباين في التصويت من داخل التحالفات ذاتها‎".‎

وأكد قمودي أن "التحالفات لا تعني بالضروة الانسجام في التصويت داخل المجلس"، مشددا على ‏ضرورة تجاوز الصعوبات والتقدم في تناول القوانين خاصة ذات العلاقة بالمحكمة الدستورية‎.‎

أضاف أن حركة النهضة تسعى لتشكيل حزام برلماني واسع تتحرك داخله بأريحية، غير أن بقية ‏المجموعات تنسق فيما بينها لتكوين جبهة ضد مخططات النهضة، وتعمل على الالتقاء على ‏أساس تقاطعات مشتركة تتصدى لكل ما يعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية‎.‎

وذكر قمودي أن حركة الشعب، ورغم انتقالها للمعارضة، ستتعامل بإيجابية وستبقى وفية ‏لمبادئها مع نسج تقاطعات مع الكتلة الديمقراطية ومجموعات أخرى كما فعلت سابقا في علاقة ‏بعدد من القوانين و المشاريع‎.‎

من جانبه، قال حسونة الناصفي، رئيس كتلة الإصلاح الوطني، التي تضم سبعة عشرا نائبا بعد ‏التحاق ليليا بالليل المستقيلة من قلب تونس، إن "التحالف بين الكرامة وقلب تونس غير طبيعي ‏بالنظر لتورط ائتلاف الكرامة في تبييض الإرهاب ونسبه للمخابرات فضلا عن عدم إيمان ‏الحزب بالدولة المدنية‎".‎

كما تحدث الناصفي عن محاولات لضرب الكتل المتماسكة في البرلمان ومنها كتلة الإصلاح، ‏محذرا من خطورة هذا المخطط لحركة النهضة وحلفائها من أجل الانفراد بالحكم‎.‎

من جهة أخرى، اعتبرت النائبة عن حزب التيار الديمقراطي منيرة العياري في تصريح لموقع ‏سكاي نيوز عربية، أن التحالفات وهيكلة الكتل البرلمانية لن تتوضح قبل تشكيل اللجان وتحديد ‏تمثيلية كل حزب داخلها في بداية الشهر القادم وأن التحركات حثيثة من الجبهتين لتنسيق ذلك‎.‎

وأشارت العياري إلى أن "التخوف من تقارب النهضة وحلفائها مع قلب تونس تتعلق بأهدافه، ‏وهي أساسا خدمة لوبيات ومصالح ضيقة حزبية وشخصية وحتى اجندات أجنبية" وفق تعبيرها‎.‎

كما أكدت النائبة عن التيار الديمقراطي أن هناك تحالفات جديدة ستظهر قريبا في مواجهة حركة ‏النهضة وسيكون لديها تأثيرا على التوازنات داخل البرلمان‎.‎

أيام قليلة إذن قبل انطلاق الدورة البرلمانية الجديدة برهانات إرساء المحكمة الدستورية ودعم ‏المسار الاقتصادي، وفي رزنامة البرلمان جلسة عامة أولى أيام 6 و7 و8 أكتوبر للنظر في ‏تنقيح القانون المتعلق بتركيز المحكمة الدستورية وفي مشروع قانون زجر الاعتداء على رجال ‏الأمن‎.‎

يذكر أن البرلمان فشل في انتخاب أربعة أعضاء للمحكمة الدستورية في المدة النيابية الأولى ولم ‏تتمكن المحكمة من بدء عملها والبت في الخلافات الدستورية‎.‎

ومن المنتظر أن يناقش البرلمان في بداية شهر أكتوبر مقترحات لتعديل القانون الأساسي المتعلق ‏بالمحكمة الدستورية ومنها تخفيض الأغلبية المطلوبة للمصادقة على أعضاء المحكمة من 145 ‏إلى 109 صوتا، إلى جانب مقترح إلغاء شرط مصادقة البرلمان على أربعة أعضاء للمحكمة ‏قبل تعيين باقي المرشحين من رئاسة الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء، ما من شأنه أن يسمح ‏بانعقاد المحكمة الدستورية بأغلبية أعضائها‎.‎

التوقعات داخل المشهد السياسي التونسي تشير إلى أن بداية شهر تشرين الاول تكون صاخبة ‏أيضا بمناقشة مبادرة ائتلاف الكرامة المثيرة للجدل والمرفوضة من هياكل قطاع الصحافة ‏والإعلام بتنقيح المرسوم 116 المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري‎.‎



سكاي نيوز عربية