المصدر: النهار
اذا كان اللقاء الخامس التشاوري بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة مصطفى اديب امس انتهى الى استمرار المراوحة والدوران في دوامة مأزق التأليف ولو على وعد إضافي بلقاء سادس قبل ظهر اليوم فان عنوان الازمة يجب ان يقرأ من داخل القصر الجمهوري كما من خارجه حيث حلفاء العهد تراصفوا وراء “الثنائي الشيعي”الذي تحول الى قاطرة تعطيل تأليف الحكومة بما لا يقبل جدلا وراح يطلق الخطوات التصعيدية تباعا في مواجهة كل محاولات كسر الازمة .والواقع ان تضخيم الضجة الإعلامية حول الظرف الذي حمله الرئيس المكلف للمرة الأولى الى بعبدا ظنا من الجميع انه حمل معه تشكيلته الحكومية سرعان ما احبط المراهنين على اختراق جدار الازمة بعدما سارعت رئاسة الجمهورية نفسها الى نفي ان يكون اللقاء قد شهد طرح تشكيلة حكومية او يكون اديب قد حمل تشكيلة . كما ان المعلومات المؤكدة التي توافرت ل”النهار” حول الظرف الأسود الذي حمله اديب تؤكد انه تضمن كتاب اعتذار الرئيس المكلف عن تشكيل الحكومة . ولكن التطور الذي سبق هذا القرار الذي اتخذه اديب وتقدم واجهة المشهد الداخلي في الساعات الأخيرة لم يكن في اللقاء الخامس التشاوري في بعبدا بل في الاستنهاض المفاجئ الواسع لقوى 8 آذار التي كانت اشبه بتحالف خامد منذ مدة طويلة وطغى دور الثنائي الشيعي تماما على مجمل التطورات المتصلة بأزمة تشكيل الحكومة بل ان الثنائي هو الذي اضطلع بدور رأس الحربة في تحويل هذا الاستحقاق الى ازمة .ويبدو ان الثنائي الذي احرجه ان يجري تحميله منفردا التبعة البالغة الخطورة لإجهاض الفرصة الانقاذية الأخيرة لتشكيل الحكومة انبرى الى استنفار حلفائه لاعادة مشهد تحالف 8 آذار الى الساحة فبدأت معالم التصعيد تتكثف تباعا بعد اللقاء الفاشل الذي عقد مساء الخميس بين الرئيس المكلف والخليلين ممثلي الثنائي الشيعي . وهو ما برز عمليا في مواقف لأركان من 8 آذار بدءا برئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي أيد موقف الثنائي الشيعي بالحصول على حقيبة المال وتسمية الوزراء الشيعة كما طلب ان يسمي وزير المردة بنفسه.
ثم تبعه النائب طلال أرسلان الذي بشر بان اكثر من مشكلة ستواجه الحكومة ورئيسها اذا لم يتم احترام الكتل النيابية بالمواصفات المطلوبة . ومضت بعد ذلك أوساط الطاشناق الى اشتراط اختيار وزراء الأرمن بالتزامن مع تلميح أوساط العهد الى ان رئيس الجمهورية لن يقبل بتعيين وزراء مسيحيين لا يكون هو وراء تعيينهم .
في ظل هذا الهجوم السياسي المنسق لتحالف قوى 8 آذار وبعدما ثبت ان الثنائي الشيعي ليس في وارد القبول بان يسمي اديب الوزراء الشيعة اتخذ تأخير اللقاء الذي كان مقررا بين عون وأديب من قبل ظهر امس الى الخامسة عصرا دلالة حاسمة اذ بدا الرئيس المكلف متجها نحو حسم موقفه بالاعتذار عن تشكيل الحكومة ولكنه آثر تمديد القرار النهائي بضع ساعات إفساحاً امام مشاورات اللحظة الأخيرة قبل الاعتذار . ووصل اديب الى قصر بعبدا في الخامسة عصرا حاملا للمرة الأولى ظرفا اسود الامر الذي اشاع الانطباعات بانه نقل تشكيلة حكومته . واستمر اللقاء أربعين دقيقة اعلن بعده الرئيس المكلف في تصريح شديد الاقتضاب انه اتفق مع الرئيس عون على عقد اجتماع آخر في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم وأشار الى انه وضع رئيس الجمهورية في أجواء المشاورات التي اجراها . وفيما اثار اللقاء تضاربا واسعا في المعطيات والمعلومات والأجواء الإعلامية التي أعقبته خصوصا لجهة التكهنات حيال ما اذا كان اديب نقل مسودة تشكيلته او لائحة التوزيع الطائفي للوزراء من دون أسمائهم برزت مسارعة رئاسة الجمهورية عبر حسابها على تويتر الى الكشف انه في اللقاء الذي عقد بين الرئيسين عون وأديب تم تقييم نتائج الاتصالات الجارية وان الرئيس المكلف لم يقدم الى الرئيس عون أي صيغة للحكومة التي يقترحها كما لم يقدم أي تصور لتركيبتها .
الاعتذار
وفي وقت لاحق علمت “النهار” ان الرئيس المكلف أودع الرئيس عون كتاب اعتذاره علما ان أوساطا معنية تحدثت عن حمله سيرا ذاتية لخبراء وأصحاب اختصاص مرشحين لتولي وزارات وتصور لتوزيع الحقائب ال22 على 14 وزيرا . ولكن رئيس الجمهورية تمنى على اديب بإلحاح ارجاء خطوته الى موعد اجتماع آخر قبل ظهر اليوم لضرورة العودة الى الفرنسيين واجراء اتصالات ومشاورات إضافية علها تتوصل الى تسوية اللحظة الأخيرة . وتشير المعلومات الى ان الساعات التي أعقبت لقاء بعبدا اتسمت فعلا بكثافة استثنائية داخليا وكذلك على خط باريس بيروت في محاولة أخيرة لاستدراك اعلان اديب اعتذاره نهائيا من بعبدا اليوم .
كما ان الرئيس نجيب ميقاتي كشف في حديث تلفزيوني ان هناك مباحثات جرت ليلا في شأن تشكيل الحكومة وان الرئيس المكلف مصطفى اديب يقول انه لا يريد ان يجابه أي طرف وان لم يتم التوصل الى نتائج إيجابية على صعيد تشكيل الحكومة اليوم فان اديب قد يعتذر .
مجددا مع الخليلين
وفي وقت لاحق مساء عقد اجتماع آخر بين الرئيس المكلف مصطفى اديب والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام ل”حزب الله ” السيد حسن نصرالله حسين الخليل .واذ بدا واضحا ان هذا الاجتماع شكل اجتماع الفرصة الأخيرة للتوصل الى حل لتسمية وزير المال والوزراء الشيعة بعدما ابلغ الخليلان اديب اول من امس تمسكهما بتسميتهم ترددت معلومات ان اجتماع البارحة تناول طرحا بدمج بدمج تشكيلة اديب بلائحة الأسماء التي يطرحها الثنائي الشيعي واختيار الوزراء من بينهم فيما اكدت مصادر أخرى ان طرحا آخر جرى بحثه .
وعلم ليلا ان جو الحلحلة الموعود تبدد مع ترجيح خيار اعتذار اديب بعد انتهاء مهلة التريث التي اتخذها لنفسه وفي ظل زيادة العراقيل التي واجهته في تسمية الوزراء ومطالبة الكتل المسيحية بتسمية وزرائها على غرار الثنائي الشيعي