إقتصاد

الإمارات الأولى عربيا في "التعافي الاقتصادي" من آثار كورونا

تم النشر في 11 تشرين الأول 2020 | 00:00

حلت دولة الإمارات في المركز الأول عربياً، في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء كوفيد-‏‏19 الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية، لتقييم الإمكانات والمقومات التي تمتلكها الدول، ‏والتي تساعدها على تجاوز الأزمة والتعافي منها، وذلك بهدف تطوير سياسات فعالة للتعامل مع ‏هذا التحدي، وبما يدعم الجهود الرامية إلى تحقيق التعافي الكامل في القطاعات كافة‎.‎

وحسب نتائج المؤشر - التي تغطي 122 دولة - جاءت الإمارات في مقدمة الدول العربية، ‏مدعومة بالعديد من العوامل وعناصر القوة التي يأتي في مقدمتها النظام المؤسسي القوي، ‏والقدرات الرقمية العالية لمختلف القطاعات، علاوة على ارتفاع المستوى التعليمي للسكان‎.‎

وانعكس الأداء القوي للدولة بمختلف مؤسساتها خلال التعامل مع الجائحة منذ بدايتها وحتى الآن ‏على النتائج المتحققة، إذ جاءت الإمارات ضمن المراكز الـ 25 الأولى عالميا في العديد من ‏المؤشرات الفرعية بعدما حلت في المركز الخامس في مؤشر "المستوي الصحي للسكان"، ‏والمركز 15 في مؤشر "قوة سوق العمل"، والمركز 17 في مؤشر "مستوى الدين"، والمركز ‏‏19 في مؤشر "الحوكمة ورأس المال الاجتماعي، والمركز 21 في مؤشر "الاقتصاد الرقمي‎".‎

ووفق المؤشر لعب المستوى المرتفع للقدرات والإمكانات الرقمية على الصعيدين المجتمعي ‏والاقتصادي دورا حاسما في التخفيف من الآثار السلبية على الكثير من القطاعات كما سيكون لها ‏دور كبير خلال مراحل التعافي وإعادة البناء‎.‎

وعلى الرغم مما صاحب بداية الأزمة من تأثيرات طالت كثيرا من دول العالم أكد التقرير أن ‏الإمارات ودولا مثل لوكسمبورغ وسنغافورة وإسرائيل ومالطا وأيرلندا أظهرت مرونة اقتصادية ‏كبيرة تدعم من قدراتها على التعافي إلى جانب ما تتمتع به من نظم مؤسسية قوية، وبنية رقمية ‏متطورة ونسب تعليم مرتفعة‎.‎

صحة السكان أولوية

وقال وزير الصحة ووقاية المجتمع الإماراتي، عبدالرحمن بن محمد العويس : "إن تحقيق دولة ‏الإمارات المرتبة الخامسة عالميا في مؤشر "ملف صحة السكان" يترجم الجهود الحثيثة التي ‏قامت بها حكومة دولة الإمارات لمواجهة الجائحة العالمية واضعة في الاعتبار أن صحة السكان ‏في الدولة هي الأولوية الأهم عملا برؤية القيادة الرشيدة بأن الإنسان هو أساس التنمية ومحورها ‏الرئيسي ويجب أن يكون معافى سليما دائما وذلك لضمان القيام بدوره في تنمية المجتمع ‏واستدامة ازدهاره‎".‎

أضاف العويس أن تجربة دولة الإمارات في التعامل مع كوفيد 19 استثنائية، وتختلف عن باقي ‏الدول فهي تستفيد من تجارب الآخرين لكن لا تشبههم نظرا لاحتضان الدولة ما يقارب من 200 ‏جنسية‎.‎

وأوضح الوزير الإماراتي، أن دولة الإمارات حققت استجابة متميزة لجائحة كوفيد-19 من خلال ‏تنظيم الحملة الوطنية للتعقيم على مستوى الدولة، وإطلاق منصات للوقاية الصحية الإلكترونية، ‏وتكثيف حملات التوعية والتباعد الجسدي، إضافة إلى تعزيز الجانب النفسي لدى المجتمع كما ‏حققت الدولة صدارة عالمية في عدد الفحوصات الخاصة بكوفيد -19 بإنجازها ما يزيد على 10 ‏ملايين فحص، متجاوزة بها العدد الإجمالي للسكان في الدولة‎.‎

أضاف "نجحت دولة الإمارات في الحد من تداعيات جائحة كوفيد 19 من خلال تضافر الجهود ‏وإطلاق العديد من المبادرات في مختلف القطاعات في مجال تكنولوجيا الرعاية الصحية ‏والاستثمار الحكومي في تصنيع الأدوية واللقاحات لمواجهة الأوبئة، وإنشاء وحدات استجابة ‏مرنة للاحتواء السريع للأوبئة المستقبلية، وتعزيز نظام إدارة سلسلة التوريد لتوفير المنتجات ‏الطبية‎.‎

أسرع المتعافين

من جانبه، قال وزير الاقتصاد الإماراتي، عبدالله بن طوق المري إن الإمارات ستكون أسرع ‏المتعافين اقتصاديا من تداعيات الجائحة بفضل الاستراتيجية المتكاملة التي تبنتها الدولة للتعامل ‏مع هذه المرحلة الاستثنائية حيث تم اعتماد مجموعة من المحفزات الاقتصادية الضخمة لدعم ‏رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب حزم الدعم المالي والنقدي المخصص ‏لتسريع وتيرة التعافي في مختلف القطاعات والأنشطة بما يضمن مساعدة كافة مكونات المنظومة ‏الاقتصادية في الدولة‎.‎

وأرجع المري عوامل القوة التي يتسم بها الاقتصاد الإماراتي إلى مجموعة كبيرة من العناصر ‏التي تسهم في مجملها في عملية التعافي على مختلف المحاور بما يشمل التنوع الاقتصادي وقوة ‏الأصول السيادية والاحتياطيات المالية المرتفعة للدولة، موضحا أن التدابير الفعالة التي فرضتها ‏الإمارات لاحتواء الوباء والسيطرة عليه بالاعتماد التكنولوجيا الحديثة أسهمت في فتح الاقتصاد ‏سريعا بشكل تدريجي ما عزز من فرص الدولة في الوصول إلى التعافي التام في وقت قياسي‎.‎

سوق واعدة

وأكد وزير الاقتصاد الإمارتي أن المرحلة القادمة ستشهد فرصا إضافية يمكن لرجال الأعمال ‏والمستثمرين الاستفادة منها وهو ما تعكسه المؤشرات الإيجابية التي ترصد وتيرة التعافي ‏الاقتصادي في الإمارات‎.‎

وأوضح أنه على الرغم من التحديات التي فرضتها الجائحة على مستوى العالم إلا الوضع ‏الائتماني والمالي والنقدي في الدولة قوي للغاية ومستقر بفضل ضخامة الأصول المالية وتفوق ‏البنية التحتية واللوجستية وتنوع العلاقات الاقتصادية للإمارات مع شتى دول العالم‎.‎

منظومة صحية متطورة

حصول الإمارات على المركز الخامس عالميا في هذا المؤشر يعكس القفزات النوعية ‏والإنجازات الملموسة التي حققها القطاع الصحي في الدولة طوال العقود الماضية، حيث نجحت ‏المنظومة الصحية بفضل الدعم المتواصل من القيادة في تحقيق المراكز الأولى في العديد من ‏مؤشرات التنافسية العالمية.. خاصة أن القيادة في دولة الإمارات تولي أهمية كبيرة لنظام الرعاية ‏الصحية، ما جعله محورا رئيسيا في "رؤية الإمارات 2021" وواحدا من المؤشرات المهمة ‏الهادفة إلى توفير خدمات صحية بمستوى عالمي للمواطنين والمقيمين على السواء‎.‎

و اعتمدت الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 على تطبيق أعلى المعايير العالمية وترسيخ ‏الجانب الوقائي في مقاربتها، فضلا عن تطوير جاهزية النظام الصحي للتعامل مع الأوبئة ‏والمخاطر الصحية، وهو ما انعكس ايجابا خلال تعامل المنظومة الصحية مع أزمة انتشار وباء ‏‏"كوفيد-19" إذ أظهرت مقدرة كبيرة في التعاطي مع الظروف الاستثنائية التي فرضتها الجائحة ‏على العالم ونجحت بما تملكه من مقومات وإمكانات في صياغة استراتيجية متكاملة للتعامل مع ‏الأزمة لتؤكد جدارتها وتحقق بالفعل نجاحات عدة جعلت من النموذج الإماراتي مثالا يحتذي إذ ‏أجرت المؤسسات الصحية في الدولة عددا كبيرا من الفحوص المختبرية ما وضع الإمارات في ‏صدارة دول العالم في عدد الفحوص مقارنة بالسكان‎.‎

و بفضل التطوير المستمر لبروتوكولات العلاج بالاعتماد على التقنيات المتقدمة وأحدث ما ‏توصلت إليه الأبحاث العلمية، نجحت المنظومة الصحية في تحقيق نسب شفاء مرتفعة في مقابل ‏نسب وفيات تعد من بين الأقل في العالم‎..‎

وعلاوة على ذلك تشترك الدولة مع مجموعة من الشركاء الدوليين في تطوير عقار واعد ‏لفيروس "كوفيد-19" حيث قطعت المرحلة الثالثة من التجارب السريرة شوطا كبيرا. وفقا لوكالة ‏أنباء الإمارات (وام). ‏

بنية رقمية‎ ‎

واستثمرت الإمارات منذ فترة طويلة في تطوير البنية التحتية الرقمية لمختلف القطاعات بهدف ‏تسخير التكنولوجيا الحديثة في إدارة اقتصاد الدولة وخدماتها، وذلك انطلاقا من إدراك الحكومة ‏في دولة الإمارات وقناعتها الراسخة بالتأثير الهائل لهذه التقنيات في رسم طريق المستقبل، حتى ‏أصبحت جودة البنية التحتية الرقمية في الإمارات لا تقل عن جودة البنية التحتية التقليدية‎.‎

وخلال مسيرة التحوّل الذكي الذي شهدته الدولة في القطاعات كافة وعلى رأسها الاقتصاد ‏والخدمات، تراكمت خبرات وأصول مادية وغير مادية عززت من قدرة الدولة على التعامل مع ‏المواقف الصعبة والتحديات، بل وباتت قطاعات مثل الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي ‏والعلوم المتقدمة محفزا مهما للتعافي الاقتصادي، فضلا عن كونها ركيزة لصناعة المستقبل ‏ومعيارا للتطور وتحقيق النمو الاقتصادي والارتقاء بالخدمات‎.‎

وخلال أزمة "كوفيد-19" استطاعت الإمارات في وقت قياسي تفعيل التحول الرقمي في مختلف ‏القطاعات، بما يشمل التعليم والخدمات والصحة والعمل عن بعد في المجالات كافة وقد حدث هذا ‏الانتقال بشكل سلس يكشف مدى جاهزية البنية التحتية الرقمية للدولة وقدرتها الفائقة على التعامل ‏مع التحديات والظروف المفاجئة‎.‎

سوق عمل شابة

ويتمتع سوق العمل في الإمارات بسمات خاصة، فهو يضم حسب مسح أجرته الهيئة الاتحادية ‏للتنافسية والاحصاء أكثر من 7 ملايين موظف وعامل خلال العام 2019، في حين تبلغ نسبة ‏البطالة 2.2 بالمئة، وهي نسبة منخفضة وفقا للمعايير الدولية ما يجعل دولة الإمارات تتمتع ‏بمؤشر بطالة منخفض‎.‎

و يشكل الأفراد "النشيطون" في سن العمل "15 عاما وأكثر" ما نسبته 82% من إجمالي السكان ‏بالدولة، وهو ما يعني أن سوق العمل شابة للغاية، وقد ساهمت الأطر التشريعية والقانونية ‏المتطورة في تعزيز جاذبية الدولة للمواهب، ما جعل الإمارات موطنا لنخبة من الكفاءات المؤهلة ‏في شتى المجالات‎.‎

الحوكمة ورأس المال الاجتماعي

ويقيس هذا المؤشر ما يطلق عليه في مجال الاقتصاد "رأس المال غير الملموس"، والذي يشكل ‏في معظم الدول الجزء الأكبر من إجمالي الثروات كونه يضم أصولا في غاية الأهمية والأثر ‏مثل رأس المال البشري، والمهارات والقدرات النوعية التي تتمتع بها قوة العمل في المجتمع، ‏ويندرج "رأس المال الاجتماعي" تحت هذه الفئة، وهو يشير إلى مستوى الثقة السائد بين أفراد ‏المجتمع وقدرتهم على العمل معا لتحقيق أهداف مشتركة، كما يشمل "الحوكمة" بوصفها الإدارة ‏الرشيدة التي تقود الجهود الهادفة إلى تعزيز الإنتاجية وتحقيق التنمية المستدامة‎.‎

وعلى مدار الأعوام السابقة ركزت الإمارات على مفهوم السعادة إدراكا منها لقيمة رأس المال ‏الاجتماعي ومدى تأثيره على إنتاجية الفرد والمجموعة، ما يعود بالنفع على مجمل العملية ‏التنموية. بحسب (وام).‏

في السياق ذاته تبنت حكومة الإمارات أرقى معايير الحوكمة و خصصت لها فعاليات ومبادرات ‏نوعية لتحفيز المؤسسات في القطاعات كافة على الالتزام بفكر الحوكمة كنهج أصيل في منظومة ‏العمل‎.‎

ويتضح التأثير الإيجابي لهذا العامل بصورة واضحة خلال الفترة التي شهدت انتشار الوباء إذ ‏شكل رأس المال البشري المتمثل في ثقة المجتمع والتزامه العامل الأهم في مرحلة التصدي ‏للمرض، فضلا عن دوره المحوري في مرحلة التعافي على المديين القصير والطويل‎.‎

منهجية المؤشر

ويعد مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء "كوفيد-19"، الذي نشرته مجموعة هورايزون ‏البحثية، وهي هيئة خبراء منبثقة عن الأمم المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالمي وتتخذ من ‏سويسرا مقرا لها، من أحدث التقارير التي تتناول هذه الأزمة بهدف تقديم طرح واف يناقش ‏مخاطر الركود لفترة طويلة وكيفية صياغة استراتيجيات تلبي متطلبات المرحلة الراهنة وتمكن ‏الدول في ذات الوقت من اتخاذ تدابير وإجراءات فعالة لتعزيز المرونة في مواجهة الصدمات ‏المستقبلية‎.‎

يضم المؤشر 122 دولة تم اختيارها بناء على توافر البيانات، ويقوم المؤشر باستخدام مجموعة ‏بيانات مصممة خصيصا لقياس ثلاثة محاور رئيسية هي مرونة النظام الصحي، وقدرة الدول ‏على استيعاب الصدمة الاقتصادية، والمرونة الاقتصادية.. ويتم قياس المحاور الرئيسية من ‏خلال 15 محورا فرعيا تحلل أداء كل دولة بالتفصيل باستخدام أكثر من 100 مؤشر‎.‎

وتعد مجموعة هورايزون مؤسسة بحثية تهدف إلى دعم جهود الانتقال نحو اقتصاد مستقبلي ‏مستدام وشامل وقائم على التكنولوجيا عبر مجموعة محاور يأتي في مقدمتها الابتكار وتحقيق ‏الشمول والمرونة الاقتصادية وتعزيز قدرات الشباب ورفع جاهزية القطاعات للاستعداد ‏للمستقبل‎.‎