من رؤوس الميليشيات إلى بعض كبار المسؤولين، يرخي الفساد بظلاله على مفاصل الدولة في العاصمة الليبية.
وفي أحدث فصول ملاحقات واتهامات الفساد هذه، أمرت النيابة العسكرية في طرابلس، بالقبض على رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نعمان الشيخ، بتهمة التورط في التستر على مسؤولين متهمين بالفساد وحمايتهم، وهوما يسلط الضوء على الفساد واسع النطاق داخل مؤسسات وأجهزة حكومة الوفاق، حتى التي تزعم أنها تكافحه.
ففي خطاب، وجهته النيابة مساء أمس إلى جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب التابع لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق، قالت فيه إن قرار القبض على رئيس هيئة مكافحة الفساد، جاء على خلفية إخفائه تقريرا صادرا عن لجنة الهيئة بشأن التجاوزات المالية بجهاز الطب العسكري ووزارة الصحة في حكومة الوفاق، مشيرة إلى أنّ هذا الإجراء يأتي ضمن التحقيقات الجارية في القضية رقم 79 للعام 2020، المتعلقة بالتجاوزات المالية بجهاز الطب العسكري.
أموال كورونا في جيوب المسؤولين
وتعود القضيّة إلى شهر آب الماضي، عندما كشف ديوان المحاسبة الليبي الستار عن واقعة فساد مالي، تدين وكيل وزارة الصحة بحكومة الوفاق محمد هيثم و جهاز الطب العسكري التابع لوزارة دفاع الوفاق.
وفي التفاصيل، قال ديوان المحاسبة، إن الأموال الموجهة لمكافحة تفشي وباء كورونا في ليبيا ذهبت إلى جيوب مسؤولين تابعين لحكومة الوفاق، وطالب باعتقال كل المتورطين في عمليات السرقة والاختلاس.
كما أوضح أن الأموال التي تم تخصيصها لمواجهة الجائحةتمّ التلاعب بها من قبل مسؤولين بالجهاز قاموا بتمرير معاملات مالية مخالفة للقوانين واللوائح المعمول بها، فضلا عن اعتماد وصرف أموال دون وجود ما يقابلها من أعمال على أرض الواقع بمشروعات مراكز العزل الصحي داخل بلديات نالوت والزنتان وزوارة.
إلى ذلك، طلب رئيس الديوان خالد شكشك آنذاك، المدعي العام العسكري والنائب العام بتوقيف عدد من مسؤولي الجهاز، كونهم تواطأوا فيما بينهم مستغلّين مواقعهم الوظيفيّة لغرض تحقيق منافع للغير دون وجه حقّ، على رأسهم مدير جهاز الطب العسكري، عمر البصير ميلاد هويدي.
وضمت قائمة المتهمين أيضا كلا من محمد سالم حسين (مدير إدارة المشروعات بجهاز الطب العسكري)، وعدنان بشتي (مهندس مشرف بإدارة المشروعات)، وعبدالحكيم سالم عطية (مهندس مشرف بإدارة المشروعات)، ويونس محمد امسلم (مهندس مشرف بإدارة المشروعات)، وعمار منصور التائب (المراقب المالي بجهاز الطب العسكري).
وفقا لذلك، أصدرت النيابة العسكرية، مطلع الشهر الماضي، أمرا بمنع وكيل وزارة الصحة محمد الهيثم، وأعضاء الطب العسكري الذين وردت أسماؤهم في تقرير ديوان المحاسبة، من السفر مع استلام جوازتهم، إلى حين الانتهاء من التحقيقات المتعلقة بالتجاوزات المالية التي أفصح عنها
هيئة مكافحة الفساد تتمنع
في المقابل، وردا على الأمر الصادر من النيابة العسكرية بالقبض على رئيسها، رفضت هيئة مكافحة الفساد هذا الإجراء، معتبرة إياه غير قانوني لعدم صدوره بالطريقة السليمة، وأكدّت على تبعيتها للسلطة التشريعية.
يشار إلى أنه خلال الفترة الأخيرة، نفذّت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، حملات اعتقال بحقّ وزراء ومسؤولين كبار، بدعاوى تورطهم في قضايا فساد، من بينهم وزير الحكم المحلي ميلاد الطاهر ووكيل وزارته التي أمرت النيابة العامة بحبسهما، على خلفية تهم نهب مال عام تقدّر بعشرات الملايين، وكذلك رئيس المجلس البلدي ببني وليد سلم نوير الذي تم سجنه بعد اختلاسه أموالا مخصّصة للنازحين.
العربية.نت