أخبار لبنان

"ترسيم" حدودي وحكومي

تم النشر في 28 تشرين الأول 2020 | 00:00

المصدر:" نداء الوطن "


على خطين متوازيين، يلتقيان في أبعادهما الجيوسياسية، يسير "الترسيم" الحدودي والحكومي ‏في البلد بسلام ووئام تحت مظلة الزخم الغربي الراعي للترسيمين. فعلى السكة الحدودية ينطلق ‏قطار التفاوض العملي مع إسرائيل اليوم في الناقورة بعد جلسة أولى تعارفية استهلالية بين ‏الوفدين المتفاوضين والوفدين الضامنين للمحادثات. وكذلك على السكة الحكومية، تسير ‏عجلات التأليف بسلاسة ملحوظة باتجاه بلوغ محطة التشكيل، وإن كان هاجس الارتطام بلغم ‏مباغت في أي لحظة لا يزال حاضراً في الأذهان قياساً على التجارب التاريخية مع الطاقم ‏الحاكم‎.

وتحت سقف هذه الخشية، تجهد الحركة المكوكية "الكاسحة للألغام" التي يقوم بها رئيس ‏الحكومة المكلف سعد الحريري ذهاباً وإياباً نحو قصر بعبدا، في سبيل تعبيد الطريق أمام ‏تصوره الحكومي وسحب الصواعق التي تعترض تشكيلته العتيدة. وتشي المعلومات الشحيحة ‏المتوافرة حول حركة الحريري، أنه قطع شوطاً قياسياً في تأمين أرضية توافقية مع رئيس ‏الجمهورية ميشال عون حول جملة مسلّمات وتفاهمات شكلاً ومضموناً إزاء البنية الوزارية، ‏وفي مقدمها مبدأ "المداورة" في الحقائب بين الطوائف مع استثناء المالية، بعدما لم تعد عقدة ‏‏"المعاملة بالمثل" مع الثنائي الشيعي تحكم توجهات "التيار الوطني الحر" لا سيما بالنسبة ‏لحقيبة الطاقة التي ستخرج من حصته مقابل دخول حقيبة الداخلية والبلديات في الجعبة ‏‏"العونية‎".

فللمرة الثالثة في أقل من أسبوع، اجتمع الرئيس المكلف أمس برئيس الجمهورية بعيداً من ‏الإعلام وسط تعتيم وتعميم "جو التفاهم على ما تحقق حتى الآن من تقدم" بين الجانبين. وأفادت ‏مصادر مواكبة "نداء الوطن" أنّ لقاء الأمس "حسم مسألة التشكيلة العشرينية وأسقط الطوائف ‏على الحقائب من دون دخول في الأسماء والحصص، باعتبار أنّ ذلك متروك للمرحلة النهائية ‏بعد التوافق على صيغة وتركيبة التوزيع الطائفي للحقائب"، معربةً عن اعتقادها بأنّ ‏‏"الساعات القليلة المقبلة ستحمل مؤشرات فاصلة لجهة بلورة صورة التوافقات المتقاطعة ‏رئاسياً وسياسياً، على أن يكون اللقاء المقبل بين عون والحريري حاسماً في عملية استيلاد ‏الحكومة، لأنّ أي تأخير في الحسم سيعني تعمقاً أكثر في شياطين التفاصيل وعودة الأمور إلى ‏نقطة الصفر، وهذا ما لا يريده أي طرف من الأطراف‎".

وفي الغضون، لفت أمس دخول قصر بعبدا على خط الحصة الدرزية الوزارية، من خلال ‏لقاءين منفصلين عقدهما مع النائب طلال أرسلان ووئام وهاب خلصا إلى تسريب أجواء ‏إيجابية عنهما. وإذ تواترت أنباء خلال الساعات الأخيرة عن تباين في وجهات النظر حول ‏الحصة الدرزية في الحكومة، تؤكد مصادر قيادية اشتراكية لـ"نداء الوطن" أنّ الحزب التقدمي ‏الاشتراكي لن يخوض في أي "مشكل درزي - درزي" ولن يهدي أحداً فرصة العزف على ‏هذا الوتر، فالقضية "محلولة" وكل ما يهم رئيس الحزب وليد جنبلاط هو تمثيل وازن لطائفة ‏الموحدين بغض النظر عمن سيتولى هذه الحقيبة أو تلك‎.

وعما أشيع عن وجود تجاذب بين "الاشتراكي" و"حزب الله" حول حقيبة الصحة، آثرت ‏المصادر عدم الدخول في "بورصة" الحقائب مكتفيةً بالتشديد على أنّ الحزب الاشتراكي "مش ‏مستقتل" لا على الصحة وعلى سواها وهو يمارس أقسى درجات المرونة منذ تكليف السفير ‏مصطفى أديب إلى تكليف الرئيس الحريري، ولا مشكلة في مقاربة الأمور "فالخيارات كلها ‏مفتوحة، باعتبار أنّ المسألة لا تتصل بالتمثيل الحزبي إنما تنطلق من مبدأ احترام الحق ‏بالتمثيل الوزاري اللائق للدروز، ولا مانع تحت هذا السقف من الانفتاح على مختلف ‏التصورات المطروحة سواءً بالنسبة للحقيبة أو الحصة أو التسمية‎".

وإذ أكدت أنّ "الحزب كحزب" لن يسمي مرشحين للتوزير، لفتت إلى أنّ آلية التسميات ‏ستفرض نفسها في وقت لاحق سواء بتقديم قائمة أو بتلقي أخرى لتبادل الآراء حول ‏الترشيحات المحتملة بحسب نوعية الحقيبة والمجال التخصصي الذي يقتضي توافره في من ‏سيتولاها، مشيرةً إلى "ثلاثة اعتبارات تحكم الموقف الاشتراكي إزاء الملف الحكومي، أولاً ‏وجوب الإسراع في التشكيل، ثانياً ألا تكون نسخة عن سابقاتها لا على نسق حكومة حسان ‏دياب ولا على شاكلة حكومات التعطيل السابقة، وثالثاً أن يتم تشكيلها على أساس أن تكون ‏بنود الورقة الفرنسية الإصلاحية هي برنامج عملها.