نظراً إلى انتفاء الأسباب الأمنية التي دفعتنا إلى تحذير رعايانا من السفر، ونتيجة التطمينات التي سمعناها، نرفع تحذيرنا للمواطنين المسافرين إلى لبنان" بهذه العبارة فتح السفير السعودي في بيروت وليد البخاري فجوة كبيرة في جدار الجمود الاقتصادي التي ترزح تحت ثقله القطاعات الاقتصادية على اختلافها، ليولّد الأمل في موسم سياحي واعد وبالتالي بنمو اقتصادي طال انتظاره بصبر كاد ينفد.
وتلقف القطاع السياحي بمؤسساته ومرافقه كافة، قرار المملكة العربية السعودية بترحيب كبير إذ طالما كان أركانه رأس الحربة في المطالبة برفع الحظر السعودي عن المجيء إلى لبنان، وعملوا جاهدين على تحقيقه من أجل دفع العجلة السياحية وإنعاش الاقتصاد الوطني بكل قطاعاته، وذلك انطلاقاً من أن السائح الخليجي بشكل عام والسعودي بشكل خاص كان ولا يزال العمود الفقري للسياحة في لبنان، على الرغم من أن العام 2019 شهد عودة كبيرة للسياح الأوروبيين ووجود لا بأس به للسياح العرب، كما أن الخدمات السياحية كانت متنوّعة في العام الفائت ليبلغ عدد السياح المليونين، إلا أن الإنفاق السياحي لم يتجاوز الـ60 في المئة منذ العام 2010، بحسب مصادر سياحية لـ"الشرق"، باعتبار أن السائح الخليجي وتحديداً السعودي هو الأهم والأكثر إنفاقاً لأنه لا يأتي للسياحة في الربوع اللبنانية فحسب، بل أيضاً للاستثمار أو ليكون شريكاً في مشاريع اقتصادية مختلفة، علماً أن هناك ما يفوق الـ500 ألف لبناني يعملون في دول الخليج. إضافة إلى ذلك، إن السياح الخليجيين لديهم إمكانات وقدرة أكبر على الإنفاق، كما أن مدة إقامتهم في الفنادق هي الأطول، مقارنة بسياح القارّتين الأوروبية أو الأميركية، خصوصاً خلال موسم الاصطياف.
من هنا لا يزال السائح السعودي في المرتبة الأولى من حيث الإنفاق السياحي وهو بلغ 12 في المئة من إجمالي الإنفاق حتى شهر أيلول 2018 وفق الأرقام الصادرة عن شركة "غلوبال بلو" المتخصصة في استرداد الضريبة على القيمة المضافة، إلا أن هذه النسبة هي أقل بـ17.68 في المئة عما كانت عليه في الفترة نفسها في العام 2017. يليهم الإماراتيون والسوريون (10 في المئة على الرغم من أن إنفاق الإماراتيين تراجع مقارنةً بالفترة نفسها في العام 2017 بواقع 3.9 في المئة)، ثم المصريون (8 في المئة).
وزارة السياحة تُعدّ الترتيبات لعودة الخليجيين
وفيما أعلن الوزير كيدانيان أنه سيقوم بكل "الترتيبات والخطوات على مستوى هذا القرار، من أجل تشجيع السائح السعودي على العودة إلى لبنان، إن من حيث حسن الاستقبال أو الترحيب، وبدأت وزارة السياحة تحضّر لهذه العودة المهمة" كما قال، يحضّر السفير اللبناني في الإمارات فؤاد دندن لدعوة 150 شخصيّة سياسيّة واقتصاديّة إماراتيّة إلى لبنان في آذار المقبل، لتمضية ثلاثة أيام في ربوعه، وسيعمد أصحاب الفنادق في العاصمة والمناطق كافة، إلى حجز الغرف اعتباراً من منتصف آذار، على أن ينظَّم لهذه الشخصيات برنامج حافل يتضمّن مآدب غداء وعشاء وغير ذلك".
وتوقعت المصادر السياحية زيادة كبيرة في أعداد السياح العرب بعد تشكيل الحكومة ورفع السعودية الحظر عن سفر مواطنيها إلى لبنان، مع ترقب مصادقة الحكومة الجديدة على خطة وزارة السياحة قريباً، وفتح خطوط سياحية جديدة بين الصين وروسيا في خلال الأشهر القليلة المقبلة، كما وعد وزير السياحة الذي شدد على أن "لبنان ليس بحاجة إلى الترويج لدى السائح السعودي، والخليجي عموماً، فهو أكثر من يعرف المناطق اللبنانية، لذلك فإن العمل يتركّز اليوم على وضع حدّ لكل ما كان يُزعج السيّاح الخليجيين، خصوصاً لجهة قيام بعض المؤسسات السياحية باستغلالهم من خلال رفع فواتيرهم"، لافتاً إلى أنه "تم اتخاذ كل الإجراءات والتدابير لوقف هذا الاستغلال، وتم تخصيص خط ساخن للسياح منذ العام 2017 للإبلاغ عن أي خلل".
فورة سياحيّة مرتقبة
ورجحت المصادر أن يكون للقرار السعودي الأخير وقع إيجابي جداً على القطاع السياحي، وعلى الاقتصاد اللبناني ككل، قد يؤدّي إلى فورة سياحية كبيرة مرتقبة، خصوصاً أن بوادر القرار السعودي كانت بدأت مع قدوم لافت للسياح السعوديين إلى لبنان خلال فترة الأعياد نهاية العام 2018، خصوصاً أن الانعكاسات الإيجابية لعودة السياحة إلى سابق عهدها لا تنحصر بقطاعيّ الفنادق أو المطاعم، إنما تطاول كل القطاعات، ما يعطي دفعة للدورة الاقتصادية، علماً أن دخل الدولة من السياحة في العام 2010 بلغ نحو 8 مليارات دولار أميركي، ونتوقع أن نحقق أفضل من هذا الرقم في السنوات المقبلة مع المستجدات الأخيرة، خصوصاً تشكيل الحكومة، وقرار المملكة رفع الحظر عن سفر مواطنيها إلى لبنان.
لقراءة المزيد.. انقر هنا