أخبار لبنان

لجنة متابعة "إعلان الازهر" تستنكر الجرائم الإرهابية بحق المصلّين في دور العبادة المسيحية ‏في فرنسا

تم النشر في 4 تشرين الثاني 2020 | 00:00

أعلنت لجنة متابعة اعلان الازهر ووثيقة الاخوة الانسانية إدانتها واستنكارها للجرائم الارهابية ‏التي استهدفت المدنيين الفرنسيين والكنائس ودور العبادة المسيحية وقالت في بيان لها: " نعلن ‏‏"إدانتنا البالغة لجرائم العنف والإرهاب ضد المدنيين الفرنسيين، وضد المصلّين في الكنائس. إنها ‏أعمالٌ إجراميةٌ لا يسوِّغها أي شيء. وهي تُظهر استسهالاً فظيعاً ومُريباً بحياة الناس وكرامتهم ‏وأمنهم، وتسيئُ إساءةً بالغةً إلى الدين، وإلى ملايين المسلمين مواطنين ومقيمين بفرنسا وبأوروبا، ‏بل وفي سائر أنحاء العالم"‏

وقالت: "إنّ علينا أن لا نتجاهل علائق التأثير المتبادلة بين قلةٍ متطرفةٍ من المنتسبين إلى ‏الإسلام، تتوسل الكراهية والعنف في إعلان القطيعة مع العالم، والتنكُّر لقيم الأخوة الإنسانية".‏

اضافت في البيان: "نحن اللبنانيين تعنينا أحداث العنف الجارية في فرنسا وفي غيرها من الدول ‏لعدة أسبابٍ أبرزها التنوع الديني والثقافي والاجتماعي في المجتمع اللبناني، والذي علمتْنا تجارب ‏العيش المشترك فيه بحلوها ومُرّها أنّ ممارسة الحرية بوصفها قيمةً إنسانيةً بارزةً وأساسيةً ‏تستقر في الضمير الإنساني، ويضمنها الدستور ويحميها، تُحجمُ عن الإساءة إلى المعتقدات ‏والمشاعر الدينية للآخَر المواطن والإنسان".‏

واعتبرت: "أنّ العنف السياسي سواء اتخذ مظلاتٍ دينية أو معنوية أو أيديولوجية أو مادية، ‏مرفوضٌ بتاتاً، لأنه اعتداءٌ على الحياة الإنسانية والكرامة والحرية".‏

ورأت اللجنة: "إننا وبدوافع الحرص على السلم الوطني والإنساني، وعلى ثقافة التعارف ‏والتسامح، وقبول الآخر المختلف، وعلى التجربة اللبنانية والتجارب العربية والعالمية في العيش ‏المشترك، نجد أنه لا بد من المواءمة البناّءة بين الحق في حرية التفكير والتعبير وممارستهما من ‏جهة، وبين مسؤولية الاعتراف بالتنوع الديني والثقافي واحترام الرموز الدينية، ومعتقدات ‏الآخرين الدينية ومشاعرهم وخياراتهم في العيش والتصرف".‏

وتوجهت اللجنة: "بتحية تقديرٍ الى قداسة البابا فرنسيس والى الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد ‏الطيب، وإلى كل العاملين المخلصين من أجل سلام الأديان وتعاونها، وصُنع المستقبل الآخر ‏للبشرية، المستقبل الذي ينطلق من قيم السلام والعدالة والتضامُن ورفْض العنف أياً كان شكله ‏ودوافعه، لكي تكونَ لنا حياة، وتكونَ حياةً أفضل". وفي ما يلي نص البيان واسماء الموقعين ‏عليه.‏

نص البيان :‏

قررنا في لجنة متابعة إعلان الأزهر ووثيقة الأخوة الإنسانية إصدار هذا البيان تعبيراً عن ‏غضبنا واستنكارنا الشديد وإدانتنا البالغة لجرائم العنف والإرهاب ضد المدنيين الفرنسيين، وضد ‏المصلّين في الكنائس. إنها أعمالٌ إجراميةٌ لا يسوِّغها أي شيء. وهي تُظهر استسهالاً فظيعاً ‏ومُريباً بحياة الناس وكرامتهم وأمنهم، وتسيئُ إساءةً بالغةً إلى الدين، وإلى ملايين المسلمين ‏مواطنين ومقيمين بفرنسا وبأوروبا، بل وفي سائر أنحاء العالم.‏

إنّ علينا أن لا نتجاهل علائق التأثير المتبادلة بين قلةٍ متطرفةٍ من المنتسبين إلى الإسلام، تتوسل ‏الكراهية والعنف في إعلان القطيعة مع العالم، والتنكُّر لقيم الأخوة الإنسانية، وأخلاق البشر ‏وعقولهم ورُشْدهم – وبين الذين يدفعُهم رُهاب الإسلام إلى وصْم الكثرة بسوء أفعال القلة، ‏والنظر بعين المُغايرة الدينية إلى الصعوبات التي تعترض تحقيق المساواة واحترام التنوع، ‏والحفاظ على متطلبات السلام الاجتماعي.‏

نحن اللبنانيين تعنينا أحداث العنف الجارية في فرنسا وفي غيرها من الدول لعدة أسبابٍ أبرزها ‏التنوع الديني والثقافي والاجتماعي في المجتمع اللبناني، والذي علمتْنا تجارب العيش المشترك ‏فيه بحلوها ومُرّها أنّ ممارسة الحرية بوصفها قيمةً إنسانيةً بارزةً وأساسيةً تستقر في الضمير ‏الإنساني، ويضمنها الدستور ويحميها، وتُحجمُ عن الإساءة إلى المعتقدات والمشاعر الدينية للآخَر ‏المواطن والإنسان. كما علمتنا تلك التجارب أنّ العداوات والخصومات السياسية

والطائفية، ليست دينية المنشأ بقدر ما هي صنيعة استثمار الهويات الجمعية في التعبئة والتحشيد ‏والإدانة، وهي تتحول الى فوضى إن لم يصُنها الوعي المسؤول، في خضمّ الصراعات على ‏السلطة.‏

إنّ ضمانات الحريات الأساسية سواء أكانت شخصية أو سياسية أو دينية أو اجتماعية، إنما تقوم ‏على الدستور وتتحصن من خلاله ومن خلال القوانين النافذة. ونحن اللبنانيين حريصون على ‏ذلك لتأسُّس تلك الحقوق المدنية على مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان في دولتنا الوطنية، كما في ‏سائر دول العالم.‏

نحن اللبنانيين، بحكم التجربة في العيش المتنوع، وبحكم التأهُّل والاستعداد لأداء ما سماه البابا ‏يوحنا بولس الثاني: لبنان الرسالة، نجد أنفسنا مواطنين ومثقفين ونُخَباً دينية واجتماعية، مدعوّين ‏للاستمرار في حمل رسالة التسامح والأُخوة الإنسانية وقيم المواطنة وحرياتها؛ بما يؤدي إلى ‏تنمية الوعي المستمر بذلك، وعدم الانجرار الى الغرائز والعصبيات ومشاعر الكراهية، والحرص ‏على تلك الرسالة المستنيرة في مجتمعنا اللبناني والمجتمعات العربية الأخرى، ومع العالم.‏

إنّ العنف السياسي سواء اتخذ مظلاتٍ دينية أو معنوية أو أيديولوجية أو مادية، مرفوضٌ بتاتاً، ‏لأنه اعتداءٌ على الحياة الإنسانية والكرامة والحرية. ثم إنه يستخدم لتحقيق أهدافه وسائل تأجيج ‏الكراهية والفصامات وممارسات الازدراء والقطيعة. ولا بد من العمل الراشد والتنويري من أجل ‏التصدي للظاهرتين: العنف باسم الدين، والعنف تحت مظلة الشعبويات وأيديولوجيات التنكر ‏والإنكار.‏

إننا وبدوافع الحرص على السلم الوطني والإنساني، وعلى ثقافة التعارف والتسامح، وقبول الآخر ‏المختلف، وعلى التجربة اللبنانية والتجارب العربية والعالمية في العيش المشترك، نجد أنه لا بد ‏من المواءمة البناّءة بين الحق في حرية التفكير والتعبير وممارستهما من جهة، وبين مسؤولية ‏الاعتراف بالتنوع الديني والثقافي واحترام الرموز الدينية، ومعتقدات الآخرين الدينية ومشاعرهم ‏وخياراتهم في العيش والتصرف.‏

وإننا إذ نجدّد استنكارنا وإدانتنا البالغة للاعتداءات الكريهة على المدنيين والمصلين في الكنائس ‏في فرنسا وفي غيرها، نوجّه تحية تقديرٍ الى قداسة البابا فرنسيس والى الإمام الأكبر شيخ ‏الأزهر الدكتور احمد الطيب، وإلى كل العاملين المخلصين من أجل سلام الأديان وتعاونها، ‏وصُنع المستقبل الآخر للبشرية، المستقبل الذي ينطلق من قيم السلام والعدالة والتضامُن ورفْض ‏العنف أياً كان شكله ودوافعه، لكي تكونَ لنا حياة، وتكونَ حياةً أفضل.‏