عرب وعالم

إيران تنفي إيواء قادة "القاعدة".. ووثائق تورّطها

تم النشر في 14 تشرين الثاني 2020 | 00:00

نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، ما وصفه ‏بـ"الاغتيال المزعوم" لقيادي في تنظيم "القاعدة" أبو محمد المصري، وكذلك "أي ‏وجود لأعضاء التنظيم في إيران"، وفق من نقلت عنه وكالة الأنباء "إرنا‎".‎

كما اتهم خطيب زاده "واشنطن وتل أبيب بمحاولة ربط بلاده كل حين وآخر ‏بتنظيمات إرهابية من خلال الأكاذيب وتسريب معلومات مختلقة إلى وسائل ‏الإعلام‎".‎

جاءت هذه التصريحات رداً على صحيفة "نيويورك تايمز" التي نقلت عن أربعة ‏مسؤولين بالمخابرات الأميركية تأكيدهم أن إسرائيل اغتالت القيادي في تنظيم ‏‏"القاعدة" أبو محمد المصري، وذلك بطلب من واشنطن قبل ثلاثة أشهر في أحد ‏شوارع العاصمة الإيرانية طهران‎.‎

ووفقاً لمسؤولي المخابرات الأميركيين الذين نقلت عنهم "نيويورك تايمز"، فقد قتل ‏المصري مع ابنته مريم وهي أرملة حمزة بن لادن، نجل أسامة بن لادن. ونفّذ ‏الهجوم إسرائيليون بأمر من الولايات المتحدة، بحسب أربعة من المسؤولين، نقلت ‏عنهم "نيويورك تايمز‎".‎

يذكر أن وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية ومواقع وحسابات مقربة من الحرس ‏الثوري كانت أوردت عبر مواقع التواصل الاجتماعي خبر اغتيال شخصين ‏بطهران في 7 أغسطس الماضي، لكنها عرّفت هويتهما على أنهما حبيب داود، ‏أستاذ التاريخ اللبناني، وابنته مريم البالغة من العمر 27 عاماً‎.‎

غير أن متابعة "نيويورك تايمز" كشفت أنه في الحقيقة لم يكن هناك شخص باسم ‏حبيب داود. ونقلت عن أحد مسؤولي المخابرات الأميركية قوله، إن ذلك كان اسماً ‏مستعاراً أعطاه المسؤولون الإيرانيون لأبي محمد المصري، وإن وظيفة تدريس ‏التاريخ كانت مجرد تغطية‎.‎

ولم يعترف أحد علانية بقتل المصري الذي يعد أحد العقول المدبرة لهجمات 1998 ‏على السفارات الأميركية في إفريقيا‎.‎

تعاون مع القاعدة في البوسنة

وعلى الرغم من هذا الإنكار الرسمي، إلا أنه لإيران تاريخ طويل من التعاون مع ‏تنظيم القاعدة منذ تأسيسه، وذلك باعتراف قادة في الحرس الثوري بأنهم استغلوا ‏منظمة الهلال الأحمر الإيراني لدعم القاعدة في البوسنة في التسعينات‎.‎

ففي نيسان 2019، كشف سعيد قاسمي، القيادي السابق بالحرس الثوري وعضو ‏تنظيم "أنصار حزب الله"، أن عناصر من الحرس الثوري ذهبوا للمشاركة بحرب ‏البوسنة في التسعينات وقاموا هناك تحت غطاء كوادر الهلال الأحمر الإيراني ‏بتدريب عناصر القاعدة‎.‎

ورغم أن المتحدث باسم الحرس الثوري نفى صحة هذه التصريحات، فإن حسين ‏الله كرم، من قادة الحرس الثوري والذي يقود حالياً تنظيم "أنصار حزب الله"، وهو ‏من مجاميع الضغط المقربة من مرشد النظام علي خامنئي، أيد تصريحات سعيد ‏قاسمي‎.‎

إيران ومنفذو هجمات 11 أيلول

وكانت محكمة أميركية في نيويورك قد أيدت عام 2018، حكماً يقضي بتغريم ‏إيران لتورطها في التعاون مع تنظيم القاعدة بهجمات 11 أيلول بـ10.7 مليار ‏دولار من خلال تسهيل مرور منفذي الهجوم وأشخاص مرتبطين بهم‎.‎

كما أصدرت المحكمة الأوروبية في لوكسمبورغ قراراً بحجز مبلغ مليار و600 ‏مليون دولار من أموال البنك المركزي الإيراني في أوروبا لصالح أهالي ضحايا ‏هجمات سبتمبر‎.‎

إلى ذلك اعترف معاون السلطة القضائية الإيرانية، محمد جواد لاريجاني، في ‏تصريحات غير مسبوقة خلال مقابلة حصرية مع التلفزيون الإيراني في 30 مايو ‏‏2018، أن إيران سهلت مرور عناصر القاعدة الذين نفذوا هجمات 11 أيلول ‏‏2001 في نيويورك‎.‎

وثائق "أبوت آباد" وعلاقة إيران ببن لادن

وكانت القوات الأميركية قد حصلت على وثائق من مخبأ زعيم تنظيم القاعدة، ‏أسامة بن لادن في أبوت آباد بباكستان عقب قتله عام 2011، ونشرتها وكالة ‏الاستخبارات المركزية الأميركية في نوفمبر 2017، كشفت تفاصيل جزء من ‏علاقة إيران بالقاعدة‎.‎

ومن بين 470 ألفاً من الوثائق التي تم الحصول عليها من مخبأ بن لادن، ‏خُصصت 19 صفحة من هذا الأرشيف الكبير لعلاقات القاعدة البارزة مع الحكومة ‏الإيرانية‎.‎

كما أظهرت إحدى الوثائق أن عضواً بارزاً في تنظيم القاعدة أكد في رسالة أن ‏‏"إيران مستعدة لتوفير كل ما يحتاجه تنظيم القاعدة، بما في ذلك الأموال والأسلحة، ‏ومعسكرات تدريب لحزب الله في لبنان مقابل أن تقوم الجماعة الإرهابية بالهجوم ‏على مصالح أميركا في المنطقة"، وذلك بحسب تحقيق قام به كل من توماس ‏جوسلين وبيل راجيف، الباحثين في "معهد الدفاع عن الديمقراطيات"، حول ‏تفاصيل الصفحات الـ19‏‎.‎

ووفقاً للوثيقة، فإن "أجهزة المخابرات الإيرانية في بعض الحالات سهلت إصدار ‏تأشيرات لعناصر القاعدة المكلفين بتنفيذ عمليات، وفي الوقت نفسه قامت بإيواء ‏مجاميع أخرى‎"‎‏.‏

إلى ذلك جاء في وثيقة أخرى أن "أجهزة الاستخبارات الإيرانية وافقت على تزويد ‏عملاء القاعدة بتأشيرات سفر وتسهيلات، وإيواء أعضاء آخرين في تنظيم القاعدة. ‏وقد تم التفاوض على الاتفاق مع إيران من قبل أبو حفص الموريتاني، أحد أعضاء ‏القاعدة المؤثرين، قبل هجمات 11أيلول الإرهابية‎".‎

محاولة لملمة فلول داعش

وفي كانون الثاني 2018، أفادت تقارير غربية بأن إيران حاولت لملمة شتات ‏تنظيم "داعش" وفلوله في سوريا لإعادة تأهيل وبناء تنظيم القاعدة باستخدام ‏علاقاتها الاستراتيجية والتاريخية بقادة التنظيم‎.‎

كما ذكر تقرير نشرته صحيفة "الصنداي تايمز"، وأعده الكاتبان أدريان ليفي ‏وكاثي سكوت-كلارك، أن القاعدة أعادت بناء نفسها لدرجة أنها قادرة على ‏استدعاء عشرات الآلاف من العناصر‎.‎

إلى ذلك، أكد الكاتبان في التقرير أن "قائد فيلق القدس السابق بالحرس الثوري ‏الإيراني، قاسم سليماني، لعب الدور الأبرز لإدارة العلاقة مع القاعدة منذ أن وفر ‏ملاذاً لعائلة أسامة بن لادن وقادة القاعدة بعد فرارهم من أفغانستان عام 2001، ‏وبنى لهم مجمعاً سكنياً خاصاً في قلب معسكر تدريب تابع للحرس الثوري في ‏طهران‎".‎

ومن بين الأدلة كانت هناك مذكرات غير منشورة ومقابلات مع أعضاء كبار في ‏القاعدة وعائلة بن لادن، تظهر كيف تدبر سليماني أمر العلاقة مع التنظيم ‏الإرهابي، وفق التقرير‎.‎

كما أضاف التقرير أن قادة القاعدة العسكريين أقاموا في طهران حتى عام 2015، ‏عندما أرسل سليماني خمسة منهم إلى دمشق، من بينهم أبي محمد المصري، محملين ‏بمهمة الاتصال بمقاتلين وقادة من داعش، من أجل تشجيعهم على الانشقاق وتوحيد ‏القاعدة بفلول "داعش"، بحسب تقارير استخباراتية أميركية قالت إن المصري هو ‏‏"المخطط العملياتي الأكثر خبرة وقدرة من بين غير المعتقلين في الولايات المتحدة ‏أو في أي دولة حليفة‎".‎

خبراء أمميون يؤكدون دعم إيران للقاعدة

وفي أغسطس 2018، ذكر تقرير للأمم المتحدة أن تنظيم داعش لا يزال لديه ما ‏يصل إلى 30 ألف عضو موزعين بالتساوي تقريباً بين سوريا والعراق، ويتم رفده ‏من قبل التنظيم الأم أي "القاعدة"، التي باتت أقوى بكثير في بعض الأماكن بفضل ‏تزايد الدعم الإيراني لها‎.‎

كما قال الخبراء إن "قادة القاعدة في إيران أصبحوا أكثر تمكناً ويعملون مع زعيم ‏القاعدة أيمن الظواهري، ويقومون بإبراز سلطته بشكل أكثر فعالية من السابق، ‏خاصة فيما يتعلق بالأحداث في سوريا‎".‎

خط بري للقاعدة

وكانت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي حول الإرهاب في ‏تموز2020، قد صنفت إيران على أنها "الدولة الأولى الراعية للإرهاب" عالمياً، ‏مشيرة إلى أن "إيران بقيت غير راغبة في تقديم كبار أعضاء القاعدة المقيمين في ‏البلاد للعدالة ورفضت تحديد هوية الأعضاء المحتجزين لديها‎".‎

‎"‎كما سمحت طهران لقادة تنظيم القاعدة بإنشاء خط مرور رئيسي لتيسير عمليات ‏النقل عبر إيران منذ عام 2009 على الأقل، وتمكين القاعدة من نقل الأموال ‏والمقاتلين إلى جنوب آسيا وسوريا"، وفق تقرير وزارة الخارجية الأميركية‎.‎

تفويض ضرب الدول الراعية للإرهاب

يذكر أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترمب، كان كرر تأكيده على أنه ‏يتمتع بالسلطة القانونية من أجل القيام بعمل عسكري ضد إيران دون موافقة ‏الكونغرس، بالاستناد إلى تفويض عام 2001 الذي يخول الرئيس صلاحية شن ‏هجمات على تنظيمات إرهابية وداعميها‎.‎

وشهد الكونغرس نقاشات وجلسات استماع حول هذه القضية في حزيران 2019 ‏حول ما إذا كان التفويض يخول الرئيس لاستخدامه لمهاجمة إيران‎.‎

يشار إلى أن التفويض الذي تحدث عنه ترمب هو "التصريح باستخدام القوة ‏العسكرية لعام 2001‏‎" (AUMF ‎اختصاراً) الذي أقر في 14 أيلول 2001، ومنح ‏الرئيس"استخدام كل القوة الضرورية والملائمة ضد الأمم أو المنظمات أو ‏الأشخاص الذين يتضح تخطيطهم أو تصريحهم أو ارتكابهم أو مساعدتهم في أي ‏هجمات إرهابية وقعت في 11 أيلول 2001 بمن فيهم كل من آوى هذه المنظمات ‏أو الأشخاص‎".‎

وكان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، قد أكد في نيسان 2019 أمام مجلس ‏الشيوخ، أن هناك علاقة وثيقة بين إيران وتنظيم القاعدة‎.‎




العربية.نت