أخبار لبنان

صيدا : حين يخيّر المواطن بين صحته ومعيشته!

تم النشر في 17 تشرين الثاني 2020 | 00:00


على وقع الاجراءات والتدابير الأمنية المتخذة لإلزام المواطنين والمقيمين بمقررات التعبئة العامة ، تختبر عاصمة الجنوب صيدا يوماً رابعاً من الاغلاق الجزئي نهاراً والكلي ليلاً ، ويختبر المواطن معها قدرته على التعايش مع نمط الحياة بقيود التعبئة والتفلت من بعضها عند الضرورة ، بعدما وجد نفسه مخيراً بين تأمين الحد الأدنى من مقومات معيشته وبين الحفاظ على صحته وصحة عائلته ومن يحب .. فيحاول ان يوازن بين الاثنين !. لكن عندما يتعلق الأمر بالمعيشة ، لا يحصل عليها الا بقدر قليل .. الوقت المتاح له لتأمين احتياجاته محدود ، المصارف لا تمده الا بنذر يسير من ودائعه، وغلاء اسعار السلع الأساسية وتراجع قدرته الشرائية يجبرانه على الإكتفاء بالحاجات الملحة والضرورية وبكميات محددة ، وعليه ان يؤمن في الوقت نفسه ما يسدد به فواتير ورسوماً تطرق بابه أول كل شهر من كهرباء ومياه وهاتف وغيرها من خدمات اساسية رغم عدم توافرها بانتظام !

بين اقفال قطاعات واستثناء أخرى وحركة سير مقننة بقرار الـ"مفرد المجوز " نهاراً واغلاق تام وحظر تجول ليلاً ، مع تسجيل بعض الخروقات في هذه وتلك ، تصبح الحركة بالنسبة للمواطن في المدينة استثنائية .. عليه ان يسير بين قرارات الحجر دون القفز فوقها او خرقها ، وبين " ألغام " الأعباء المعيشية والحياتية التي تزيد من وطأتها عليه خاصة بالنسبة لمن توقفت اعمالهم ومصالحهم بفعل الاقفال – وهؤلاء ليس لديهم خيار آخر لأن تأمين معيشة عائلاتهم محصور بعمل مؤسساتهم وكان من الطبيعي ان يكونوا اول من تعلو صرختهم  - وحتى  من فرض عليهم الحجر الكوروني متابعة اعمالهم عن بعد او بشكل جزئي للقطاعات المستثناة من التعبئة ، او من حدت اجراءات التعبئة من تنقلاتهم والزمتهم منازلهم معظم الوقت ، يبقى الهم الحياتي والمعيشي ملازماً هم.. 

لم ينته الأسبوع الأول من الاغلاق العام ورغم استثناءاته وخروقاته ، لكن ثقل ايامه الأولى معيشياً على المواطن  كان كافياً ليستنفد ما تبقى من قدرة لديه على مواجهة كورونا اقتصاديا .. حتى ان البعض اعتبر انه اذا كان الاغلاق يحد نسبياً من تفشي كورونا الذي يكتم انفاس المصاب به ، فإن الاغلاق بدون توفير مقومات الصمود الحياتية للمواطن  كفيل بايصاله الى شكل آخر من الاختناق !. 

رأفت نعيم