أخبار لبنان

في صيدا.. تُلتقط بعض حياة من فم الأزمات!

تم النشر في 18 تشرين الثاني 2020 | 00:00


في احد محال السمانة في سوق شعبي عند محلة البوابة التحتا على الواجهة البحرية لمدينة صيدا ، تغط بضع يمامات على أكياس مفتوحة من الحبوب لتلتقط بعضا منها على مرأى من صاحب المحل دون ان يبعدها او يحرك ساكناَ ، ولسان حاله ، انه يتركها تلتقط رزقها ، لأن " الرزق على الله " ونحن كما ترون الحال واقف بسبب الأزمة المالية وجائحة كورونا لكننا لا نستطيع الا ان نفتح ولو كان البيع بالحد الأدنى لأن الحياة يجب ان تستمر رغم كل شيء وبالنهاية الأزمات لا بد ان تنتهي ..

يختصر مشهد تلك اليمامات ولسان حال صاحب المتجر واقع حال كثير من القطاعات في مدينة صيدا في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية وانعكاسها على القدرة الشرائية للمواطنين ، .. لكنه مشهد بعبر بالمقابل عن ارادة للحياة وان بالتعايش مع الأزمات وانتظار ما هو قادم على امل الخروج من هذا النفق المظلم.

يكاد حال المواطن في المدينة يشبه سعي اليمامات لإلتقاط رزقها ، وقد قدر لها من شرع لها متجره وحبوبه لتعيش منها ،بينما المواطن لا يجد من يقف بجانبه .. بين معدوم للدخل او من يعمل طيلة يومه لتأمين قوت يومه ، او من توقف عمله او تأثر سلبا بسبب استمرار جائحة كورونا وما تفرضه من اجراءات وتدابير واقفال لمؤسسات واستثناء لأخرى ضمن شروط الوقاية ، كل يواجه تداعيات الأزمات بقدر انعكاسها على حياته وعمله ..

اينما اتجهت في وسط المدينة في اليوم الخامس للتعبئة العامة التي فرضت اغلاقاً كلياً للأسواق التجارية وحيّدت تلك التي تعنى منها بالسلع الغذائية ، بقي الاقفال هو الطاغي على المشهد العام ، وما يسجل من خروقات - اذا وجدت - مؤسسات تسارع القوى الأمنية وشرطة البلدية لرصدها وضبطها ..

في الشارع الممتد من حي الشاكرية عند تخوم صيدا القديمة وحتى البوابة التحتا ، ادى اقفال المؤسسات التجارية خلال فترة التعبئة الى حصر الحركة في هذا الشارع بالأسواق الشعبية التي تبيع عادة المواد والسلع الغذائية من لحوم ودواجن واسماك وحبوب وخضار وفاكهة وتنتشر بداخلها ايضاً بسطات وعربات الباعة الجوالين ، لكن حركتها تبقى محدودة ومقتصرة على اوقات محددة خلال النهار حين يخرج المواطنون لتأمين احتياجاتهم الأساسية ، ملتزمين باجراءات الوقاية من ارتداء كمامات وتباعد ، وان كان الأمر لا يخلو من تفلت هنا او هناك من هذه الاجراءات من قبل مواطنين او باعة متجولين .بينما الشوارع الداخلية للسوق التجاري بمجملها بدت مقفرة والالتزام شبه كامل بالاقفال ، رغم اعتراض التجار على شموله لقطاعهم ومطالبتهم مع زملائهم في بقية المناطق باعادة النظر بهذا القرار .

اما في المدينة القديمة حيث معظم قاطنيها من الأكثر فقرا وصغار الكسبة ، فللحياة فيها تحت قبضتي كورونا والأزمة المعيشية ايقاع متباطىء اجمالاً ، تخرقه بين الحين والآخر "فورة" تعبر ايضا عن ارادة حياة ومحاولة للصمود بالسعي وراء لقمة العيش بما يتبقى للمواطن فيها من قدرة – اذا وجدت – على تأمين قوت يومه او الاكتفاء بحواضر البيت اذا بقي فيه ما يسد الرمق !.

رأفت نعيم