المصدر:"نداء الوطن"
العهد العوني يتفكك من فوق إلى تحت ومن تحت إلى فوق، وأوراق التوت تتساقط عن منظومة "ادعاء العفة والإصلاح" الورقة تلو الأخرى، لتتكشف العورات تباعاً. يوم فضائحي جديد على روزنامة العهد عايشه اللبنانيون أمس فعاينوا صفحة أخرى من صفحات "القلة والنقار" التي خلّفت تصدعات وتشققات ناتئة على أرضية الطبقة الحاكمة، إلى درجة كادت معها "قاضية العهد" غادة عون أن تنطق كفراً بالعونية السياسية بعدما والتها دهراً وكانت "قوسها" المصلت على الخصوم، بحيث لم تستثنِ في مداخلتها التلفزيونية أمس أحداً من "المنظومة السياسية وتفرعاتها القضائية" من شعورها "بالقرف"، لكنها أبقت على محاذرتها مقاربة مسألة حجز "التشكيلات القضائية" في أدراج قصر بعبدا، مكتفيةً بالتصويب عموماً على ضرورة إقرار استقلالية السلطة القضائية لانتظام سير العدالة في البلد.
وكذلك على مستوى افتضاح مآثر الإدارة العونية في وزارة الطاقة "لصاحبها جبران باسيل"، عمد رئيس دائرة المناقصات جان العلّية أمس إلى كشف صفقات "العارض الوحيد" التي طبعت تلزيمات الوزارة فقلَب "عاليها واطيها" بالمستندات والكتب والمراسلات والتقارير في وجه وزير "التيار الوطني" السابق سيزار أبي خليل، مفنداً آلية عمله المانعة للاحتكام إلى دائرة المناقصات في ملف بواخر الكهرباء.
"هيدي لا مناقصات ولا استدراج عروض، هيدي صفقة"... تحت سقف هذا التوصيف، شرّح العلّية الأساليب الملتوية التي تلتف على القوانين بغية التوصل إلى رسو "بواخر الكهرباء" في جيوب عارض بحد ذاته، ومن بينها "ظهور مركز استشاري يقيّم العروض"، لافتاً الى أنّ "الاستشاري خالف قانون المحاسبة العمومية، بحيث لم تجر المناقصة في إدارة المناقصات كما ينصّ القانون"، واستطرد: "يريدون إدارة المناقصات مجرد "calculatrice" تجمع وتطرح فقط".
وأوضح العلّية أنّ ما جرى في ملف البواخر كان "صفقة متحركة قام بها المستشار الذي عيّنه وزير الطاقة، فوضع دفتر الشروط على قياس شركة واحدة وتم فتح العروض من دون الرجوع إلى إدارة المناقصات كما ينص القانون"، مشيراً إلى أنّ وزير الطاقة حينها أبي خليل طلب إثر اعتراض إدارة المناقصات على عدم قانونية الأخذ بمبدأ "العارض الوحيد" أن يصار إلى فضّ المناقصات حتى لو كان هناك عارض وحيد "مطابق لما أورده الاستشاري" في دفتر الشروط. وأكد أنّ هذا الدفتر تم وضعه أساساً بشكل لا ينطبق في شروطه إلا على هذا "العارض" الذي أريد له مسبقاً أن يفوز بالمناقصة، على قاعدة إدراجه كعارض مطابق "وبحط عارض تاني معو" مع اشتراط استكماله المستندات والمستلزمات الإدارية المطلوبة في مرحلة لاحقة، بما أدى في نهاية المطاف إلى بقاء "عارض وحيد" رست عليه المناقصة في مخالفة صريحة لقرار مجلس الوزراء الذي كان قد "ألغى استدراج العروض بسبب وجود عارض وحيد".
وأمام هذا الفساد الممنهج والموثّق بمستندات رئيس دائرة مشهود له بمناقبيته الوظيفية والقانونية والقضائية، تساءلت مصادر قانونية مواكبة للملف عما إذا كانت "النيابة العامة ستتحرك من تلقاء نفسها للتحقيق في ما جاء في مؤتمر العلّية"، مشددةً على أنّ كلام رئيس دائرة المناقصات هو بمثابة "إخبار علني مدعّم بالوثائق والتقارير الرسمية، يفضح التجاوزات الحاصلة في وزارة الطاقة، وهو ما يوجب تحرك القضاء فوراً باعتباره مدخلاً أساسياً للإصلاح في قطاع يتصدر قائمة أولويات مكافحة الفساد في بنود الورقة الفرنسية".
على صعيد منفصل، لا تزال الشائعات التي ترددت خلال الساعات الماضية عن حظر دولة الإمارات العربية المتحدة منح اللبنانيين تأشيرات دخول لأراضيها محل "أخذ ورد" بين الدوائر الرسمية المعنية، خصوصاً في ظل عدم صدور أي نفي رسمي لاحتمال اتخاذ مثل هذا الإجراء. ونقلت مصادر موثوق بها لـ"نداء الوطن" أنّ المراجعات التي حصلت مع عدد من المعنيين بالسلك الديبلوماسي سواءً في لبنان أو في الإمارات لم تخرج بجواب واضح بعد "وحتى مسؤولون في وزارة الخارجية اللبنانية لم يستطيعوا نفي الموضوع نفياً قاطعاً للشك" بل اكتفوا بالقول: "لا شيء مؤكداً بعد".
وإذ لم يخرج رد السفير اللبناني في الإمارات فؤاد دندن على الاستفسارات اللبنانية عن السياق عينه، بل وضعه في سياق لفظي آخر من خلال نقله عن وزارة الخارجية والمغتربين تأكيدها أنه "لم يصدر تعميم رسمي بهذا الموضوع"، لاحظت المصادر في ضوء ذلك أنّ "الشائعة التي تم تناقلها في بيروت على نطاق واسع لم يتم نفيها بشكل قاطع حتى الساعة، إنما جرى حصرها في إطار عدم التبلغ رسمياً بها فقط"، كاشفةً في الوقت عينه أنّ شخصيات لبنانية راجعوا مسؤولين إماراتيين نافذين بالموضوع فتلقوا جواباً مقتضباً يقول: "غير دقيق"، وأردفت: "من الواضح أنّ هناك فارقاً كبيراً بين أن يكون أمر ما غير صحيح وبين أن يكون غير دقيق، وهو ما أثار علامات استفهام وشكوكاً راودت البعض في لبنان عما إذا كانت ثمة إجراءات معيّنة بصدد التحضير لها في الإمارات لا تحجب تأشيرات الدخول عن عموم اللبنانيين إنما قد تضع قيوداً معينة لاستحصال بعض الفئات منهم على التأشيرة؟".