على مدار قرون، مثلت عملية الانتقال السلمي للسلطة أحد أهم سمات الديمقراطية الأميركية. فعقب فوزه بانتخابات عام 1796 وحصوله على منصب ثاني رئيس بتاريخ البلاد، حظي جون أدامز (John Adams) بمعاملة جيدة من قبل الرئيس المنتهية ولايته جورج واشنطن الذي فضّل عدم الترشح لولاية ثالثة. وعقب نهاية مراسم تنصيب الرئيس الجديد، زار جورج واشنطن، جون أدامز فهنّأه بالفوز وتمنى له حظا موفقا في إدارة شؤون البلاد خلال الفترة القادمة.
وخلال السنوات التالية، لم يقتد جميع الرؤساء بمثال جورج واشنطن. فبدل تهنئة خصومهم بالفوز، فضّل البعض عدم حضور حفلات التنصيب ليتجنبوا بذلك الاحتكاك بالرؤساء الفائزين بسبب خلافات عدة تراوحت بين الشخصية والحزبية.
أدامز وجيفرسون
وخلال العام 1800، خسر المرشح الفيدرالي جون أدامز المنتمي للانتخابات الرئاسية لصالح خصمه وعدوه اللدود توماس جيفرسون المنتمي للحزب الجمهوري الديمقراطي. وبدل حضور حفل تنصيب جيفرسون، غادر جون أدامز خلال الساعات الأولى ليوم 4 آذار/مارس 1804 العاصمة واشنطن خلسة مستغلا عتمة الظلام ليعود بذلك نحو مسقط رأسه بمدينة كوينسي بولاية ماساتشوستس (Massachusetts).
جون كوينسي أدامز وأندرو جاكسون
عقب انتخابات العام 1824 التي فاز بها بشكل صعب بفضل تعاون مع أحد المرشحين الخاسرين، واجه الرئيس جون كوينسي أدامز (John Quincy Adams)، ابن الرئيس السابق جون أدامز، بعد 4 سنوات خصمه وعدوه اللدود أندرو جاكسون (Andrew Jackson) المنتمي للحزب الديمقراطي مرة ثانية. وخلال هذه الانتخابات، حقق جاكسون نصرا سهلا فحصل بذلك على منصب الرئيس السابع بتاريخ البلاد.
وخلال حفلة التنصيب، فضّل جون كوينسي أدامز الاقتداء بأبيه جون أدامز عام 1800،فغادر العاصمة بشكل مبكر رافضا بذلك لقاء أندرو جاكسون الذي توافد عليه نحو 20 ألف شخص لتهنئته بمنصبه الجديد.
جونسون وغرانت
وخلافا لكل التقاليد السابقة، جاء أندرو جاكسون مع نهاية فترته الرئاسية الثانية عام 1837 بعادة جديدة رمزت للانتقال السلمي للسلطة، حيث تنقل الأخير نحو مبنى الكابيتول بنفس العربة رفقة الرئيس الفائز بانتخابات 1836، مارتن فان بيورين (Martin Van Buren) لحضور حفل التنصيب.
وبينما فضّل أغلب الرؤساء التالين اعتماد نفس هذا التقليد، رفض أندرو جونسون (Andrew Johnson) التواجد بحفل تنصيب يوليسيس غرانت (Ulysses S. Grant) يوم 4 مارس 1869 مفضلا البقاء بالبيت الأبيض وترأس اجتماع وزاري أخير بمكتبه.
روزفلت وهوفر
أثناء انتخابات العام 1932، حقق فرانكلين روزفلت (Franklin D. Roosevelt) نصرا سهلا على منافسه هربرت هوفر (Herbert Hoover) في خضم فترة شهدت خلالها البلاد أزمة اقتصادية خانقة. وعقب انتصاره بالانتخابات، رفض روزفلت التعاون مع إدارة الرئيس هربرت هوفر لمجابهة الأزمة الاقتصادية، مؤكدا أن ذلك قد ينهي حل الصفقة الجديدة (New Deal) المقترح من قبل أن يبدأ ليتسبب بذلك في حالة من التوتر مع الرئيس المنتهية ولايته.
إلى ذلك، كان روزفلت آخر رئيس يستلم مهامه خلال شهر آذار/مارس. وعقب التعديل العشرين للدستور، تقرر تقديم موعد حفل التنصيب لشهر كانون الثاني/يناير.
بوش وكلينتون
قبل رحيلهم عن البيت الأبيض، ترك العديد من الرؤساء الأميركيين رسائل لخلفائهم. وتعد الرسالة التي تركها جورج بوش الأب لبيل كلينتون عام 1993 واحدة من أشهر وأهم هذه الرسائل.
فعقب خسارته لمعركة إعادة الانتخاب، ترك بوش لكلينتون رسالة حملت في نهايتها عبارات: "نجاحك الآن هو نجاح وطننا، أنا أدعمك بشدة ...".
وعقب وفاة جورج بوش الأب عام 2018، انتشرت كلمات هذه الرسالة بوسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن ذلك واصل الرؤساء الأميركيون التاليين: بيل كلينتون وجورج بوش الابن وباراك أوباما، هذا التقليد عقب رحيلهم عن البيت الأبيض.
العربية.نت