أخبار لبنان

الاختراق الحريري للأزمة مهدّد بـ"الاجهاض" في بعبدا

تم النشر في 10 كانون الأول 2020 | 00:00

‏ كتبت صحيفة "النهار" تقول: اخيراً كان يفترض ان تبرز ملامح اختراق، وربما كان يؤمل ان ‏يكون اكثر من اختراق واعد بولادة يؤمل ان تكون قريبة لحكومة الإنقاذ المنتظرة علها تشكل ‏الهدية الميلادية للبنان واللبنانيين، ولكن ذلك لم يحصل وعاد الحذر الشديد سيد الموقف الذي يمليه ‏التحسب لإمكان ان يبرز مزيد من المماحكات حول شياطين التفاصيل والتعامل مع أسماء تركيبة ‏الـ 18 وزيرا التي وضعها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وقدمها كاملة، اذ برز طرح ‏مقابل لرئيس الجمهورية وإعلان من بعبدا بعد ساعتين من زيارة الحريري يكشف بشكل لافت ‏وجود فوارق بين تركيبة الحريري وطرح قدمه عون بما لجم التوقعات المتفائلة التي أشاعها بيان ‏الحريري في بعبدا.‏

ومع ذلك لا بد من الإقرار بان الرئيس الحريري اقدم امس على مبادرة خرقت الجمود وأحدثت ‏اختراقا سياسيا في مسار تعطيل تأليف الحكومة من خلال وضعه التركيبة الكاملة بالحقائب ‏والتوزيع الطائفي وإسقاط الأسماء على الحقائب وتقديمها الى رئيس الجمهورية ميشال عون بما ‏يجعل الكرة في مرمى الرئاسة بالكامل. ومع ان كثرا استوقفهم ان تقابل بعبدا مبادرة الاختراق ‏الحريري بتقديم رئيس الجمهورية في المقابل طرحا لا يتضمن حقائب ولا أسماء، فان ذلك زاد ‏أهمية دلالات مبادرة الحريري التي حتمت تحريك مسار التأليف وإخراجه من اطار العرقلة ‏ووضع حد للذرائع التي كانت تتظلل بترقب تشكيلته الحكومية. وبعد 49 يوما تماما من تكليفه ‏تشكيل الحكومة في 22 تشرين الأول الماضي وضع الحريري في عهدة عون تركيبة حكومية ‏كاملة من 18 وزيرا اختصاصيين غير حزبيين وسط انطباعات متفائلة بإمكان انطلاق مسار ‏مختلف في مسار التاليف لتسريع ولادة الحكومة وربما قبل الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي ‏ايمانويل ماكرون للبنان هذه السنة عشية عيد الميلاد. ولكن هذه الانطباعات تبددت امام الطرح ‏المفاجئ المقابل الذي قدمه عون أولا ومن ثم امام مؤشرات سلبية أخرى جاءت عبر اعلام ‏‏"حزب الله " الذي انتقد تركيبة الحريري وقال انه قدمها من دون التشاور مع أي طرف إرضاء ‏للفرنسيين ونوّه بطرح عون.‏

وقد حمل الرئيس الحريري الى لقائه عصر امس مع الرئيس عون مظروفين قدم احدهما الى ‏عون متضمنا التركيبة الحكومية الكاملة. وأعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية في بيان ‏رسمي لوحظ انه صدر بعد نحو ساعتين من لقاء عون والحريري ان "الرئيس عون تسلم من ‏الرئيس الحريري تشكيلة حكومية من 18 وزيرا وعرض معه لاتصالات الساعات الأخيرة التي ‏كان اجراها رئيس الحكومة المكلف على هذا الصعيد" . وأضافت "ان الرئيس عون قدم للرئيس ‏المكلف طرحا متكاملا يتضمن توزيعا للحقائب على أساس مبادئ واضحة واتفق رئيس ‏الجمهورية والرئيس المكلف على دراسة الاقتراحات المقدمة ومتابعة التشاور لمعالجة الفروق ‏بين هذه الطروحات". وبدا لافتا ان العهد اقدم على ما يعتبر تجاوزا دستوريا لصلاحياته من ‏خلال تقديم طرح او تصور لتشكيل الحكومة لان هذا يتجاوز صلاحياته وهي صلاحية رئيس ‏الحكومة المكلف بان يقدم التشكيلة ويدرسها ويناقشها مع رئيس الجمهورية .‏

وكان الحريري صرح عقب اللقاء انه قدم الى الرئيس عون "تشكيلة كاملة من 18 وزيرا على ‏أساس الاختصاص والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي وقد وعدني فخامة الرئيس انه سيدرس ‏التشكيلة وسنعود للقاء في جو إيجابي. وأملي كبير ان نتمكن من تشكيل الحكومة بسرعة لوقف ‏الانهيار الاقتصادي ومعاناة اللبنانيين وإعادة اعمار بيروت والثقة والأمل للبنانيين عبر تحقيق ‏الإصلاحات المتفق عليها ضمن المبادرة الفرنسية ".‏

وعقب توزيع المعلومات الرسمية من قصر بعبدا كشفت مصادر مطلعة على اجتماع الرئيسين ‏عون والحريري لـ"النهار" ان رئيس الجمهورية لم يقدم تشكيلة حكومية بل تركيبة من دون أسماء ‏لحقائب وطوائف ، اما الرئيس الحريري فقدم تشكيلة كاملة متكاملة فيها أسماء لكل الحقائب ‏والطوائف وقد وعد الرئيس عون بدرسها وإعطاء الجواب في شأنها.‏

وبدا من المعطيات المتوافرة ان عون لم ينظر بإيجابية ابدا الى حصر الحريري التركيبة ‏الحكومية بـ18 وزيرا بل يريد تركيبة من عشرين وزيرا وهو ما يطوي أيضا إصرارا واضحا ‏لديه على حصوله والتيار الوطني الحر على الثلث المعطل في الحكومة. وأفادت معلومات ان ‏أجواء بعبدا والفريق العوني لم تكن إيجابية حيال تركيبة الحريري بل ذهبا الى اعتبارها افتعالا ‏لمشكلة ولا تؤكد الشراكة ومع ذلك قدم الحريري تركيبته وقدم رئيس الجمهورية تصوره والحوار ‏مفتوح .‏

ومما تسرب ان الحريري افرد في تركيبته خمسة وزراء لفريق العهد والتيار كما انه أبقى الدفاع ‏لرئيس الجمهورية وابقى الداخلية والعدل للسنة والخارجية للحزب الاشتراكي وسمى وزيرين في ‏خانة "حزب الله" غير حزبيين .‏

ووصف رئيس مجلس النواب نبيه بري ما جرى امس بانه "بداية جيدة وخرجنا من الدائرة ‏الأولى وعلى الرئيسين إكمال الحوار لتشكيل الحكومة ".‏

الملاحقات القضائية

وفي غضون ذلك لم يحجب التحرك الحكومي تداعيات الازمة بين بعبدا وعين التينة عقب ‏الهجوم الحاد الذي شنته محطة "ان بي ان " على العهد في موضوع الملاحقات القضائية واتهامه ‏باستعمال جانب من القضاء في تصفية حسابات سياسية. وبدا أمس ان هذا الملف يتجه الى مزيد ‏من السخونة من خلال اتساع اطار الجهات والقوى المتعددة التي تتقاطع على انتقاد العهد في هذا ‏الملف. حتى انه لوحظ ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وفي اطار ‏لقاء اجري معه في جامعة الروح القدس في الكسليك عن موضوع حياد لبنان تطرق الى ‏موضوع بعض الملاحقات القضائية فقال "اين نحن اليوم من انتظام الأمور؟ كل واحد يفتح على ‏حسابه فنرى العدالة الاختيارية الكيدية الانتقائية والسلاح المتفلت وغيرها من الشوائب ". كما ان ‏الحزب التقدمي الاشتراكي بدوره تحدث عن "لقاءات متكررة تجري بين احد السياسيين وقاض ‏لتركيب ملفات كيدية غب الطلب"وهاجم الرئيس عون حاملا على "التمادي الفاضح في التدخل ‏السياسي بعمل القضاء واستغلال بعضه في شكل معيب".‏

الى ذلك ووسط تصاعد ملف الدعم على السلع الأساسية الى ذروة الأولويات المطروحة في الأيام ‏الأخيرة دعا الاتحاد العمالي العام الى اضراب عام الأربعاء المقبل "كبداية لأوسع تحركات ‏سيشهدها البلد ضد رفع الدعم". وحمل رئيس الاتحاد بشارة الأسمر على السياسيين داعيا الى ‏تشكيل الحكومة كممر وحيد للحصول على أي دعم للبنان .‏




النهار