أخبار لبنان

هل طار مسار التأليف في حرب السجالات؟

تم النشر في 15 كانون الأول 2020 | 00:00

‎ ‎كتبت صحيفة "النهار" تقول: كان يؤمل من جولة السجالات وتبادل الردود والبيانات المباشرة ‏بين قصر بعبدا وبيت الوسط ان تشكل، ولو في طابعها السلبي، فسحة مصارحة للبنانيين حول ‏طبيعة التعقيدات التي اعترضت تأليف الحكومة، وكذلك فتحا لثغرة يمكن من خلالها النفاذ الى ‏تسوية او حل حاسم وشيك على الأسس التي يمليها الدستور لاعلان الحكومة العتيدة في اسرع ‏وقت. المصارحة حول بعض جوانب التعقيدات حصلت، ولكنها ابرزت تناقضا كبيرا يفصل ‏رؤية كل من بعبدا وبيت الوسط الى مجريات اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون ‏والرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، وحتى في تبيان التفاصيل التي أحاطت بتشكيلة ‏الرئيس الحريري وطرح الرئيس عون. كما ان تلمس طريق الخروج من الاشتباك السياسي ‏الكبير بينهما، بدا كأنه يبتعد اكثر من أي وقت سابق. وبذلك تكون الخلاصة الفورية التي لا جدال ‏حولها ان مسار تأليف الحكومة بدا امس وكأنه انزلق الى أسوأ تأزم عرفه منذ تكليف الرئيس ‏الحريري وتحديدا عقب اللقاء الأخير الذي عقد بين عون والحريري الأربعاء الماضي في بعبدا‎.‎

هذه الجولة من السجالات اشتعلت كما هو معروف على خلفية الكتاب المفتوح الذي وجهه الوزير ‏السابق سليم جريصاتي عبر "النهار" امس الى الرئيس المكلف ورد المكتب الإعلامي للرئيس ‏الحريري عليه ومن ثم رد مكتب الاعلام في قصر بعبدا على رد المكتب الإعلامي للحريري ‏ومجددا عبر رد بيت الوسط على رد بعبدا. ولم يعد خافيا ان مضامين هذه الردود او حرب ‏السجالات والبيانات وما ستكشفه جولات الردود الأخرى المتبادلة كشفت عمق الهوة، لا الشكلية ‏فقط، في تقاسيم الحكومة العتيدة وتفاصيلها وحقائبها وربما حجمها، بل الأهم الخلفيات والاهداف ‏السياسية التي تحكم الاشتباك السياسي بين بعبدا وبيت الوسط خصوصا لجهة مسألة تسمية ‏الوزراء المسيحيين أولا، وحجم الحصة للفريق الرئاسي بشقيه الرسمي والحزبي ثانيا ومسالة ‏الثلث المعطل ثالثا، وهي عناصر متفجرة في مجملها ان كانت تؤشر الى ما يتجاوز صراعا على ‏السلطة لأمد طويل فالأخطر ان تكون مؤشرا لإذكاء صراع حول الطائف والدستور تحت جنح ‏الزعم بحقوق الشراكة في تأليف الحكومة‎.‎

هذا البعد الخطير واكب يوم السجالات الطويل بدءا برد المكتب الإعلامي للرئيس الحريري على ‏كتاب جريصاتي عبر "النهار" امس كاشفا ان الرئيس المكلف قدم من ضمن تشكيلته الحكومية ‏الكاملة أربعة أسماء من اللائحة التي كان الرئيس عون سلمها الى الحريري وانه في الـ12 لقاء ‏بينهما، كان رئيس الجمهورية في كل مرة يعبر عن ارتياحه لمسار النقاش قبل ان تتبدل الأمور ‏وتتغير بعد مغادرة الحريري القصر الجمهوري. ولكن رد بعبدا اعتبر ان الرئيس عون اعترض ‏على تفرد الرئيس المكلف بتسمية الوزراء المسيحيين دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية وان ‏عون لم يسلم الحريري رسميا لائحة أسماء. واصر مكتب الحريري في رده اللاحق على التأكيد ‏انه تسلم من الرئيس عون لائحة بأسماء المرشحين واختياره أربعة منها وامل من الرئاسة ‏‏"إعطاء توجيهاتها بوقف التلاعب في مسار تأليف الحكومة وضبط إيقاع المستشارين بما يسهل ‏عملية التاليف لا تعقيدها‎".‎

الاشتباك السياسي القضائي

ولم تكن تطورات ملف الاستدعاءات التي طلبها المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت ‏القاضي فادي صوان اقل سلبية من المسار السياسي المأزوم المتصل بتأليف الحكومة اذ حصل ‏امس الصدام الواقعي من خلال امتناع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب عن استقبال ‏القاضي صوان في السرايا وامتناع الوزراء السابقين الثلاثة المطلوبين للمثول امام المحقق العدلي ‏عن الحضور الى قصر العدل. ولم ينتقل صوان الى السرايا بعدما تبلغ ان الرئيس دياب يرفض ‏استقباله لاستجوابه كمدعى عليه كون صلاحية الاستدعاء تعود الى مجلس النواب بحسب ‏الدستور. وهو الموقف نفسه الذي اتخذه الوزير السابق علي حسن خليل. وعلى الأثر قرر صوان ‏المضي في المسار الذي اختطه للتحقيق فحدد مواعيد جديدة لاستجواب دياب والوزراء السابقين ‏تبدأ غدا مع خليل ويوسف فنيانوس الخميس وغازي زعيتر الجمعة، كما الرئيس دياب في اليوم ‏نفسه. وطرحت وسط اشتداد هذا الكباش السياسي القضائي، تساؤلات عن الاحتمالات التي تواجه ‏المحقق العدلي في حال اصطدامه المرجح تكرارا بامتناع دياب والوزراء السابقين عن ‏الاستجواب. وإذ بدا مستبعدا تماما ما تردد عن امكان تنحي القاضي صوان عن هذا الملف فان ‏الاحتمال الأرجح يتمثل في ان يلحظ المحقق العدلي وقائع الامتناع عن الاستجواب في قراره ‏الاتهامي وترك القرار النهائي في شأن المسؤولين السياسيين للمجلس العدلي كهيئة حاكمة‎.‎

اما في التفاعلات السياسية لموضوع الادعاءات على دياب والوزراء السابقين فبرزت مطالبة ‏رؤساء الحكومات السابقين الأربعة نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام ‏مجددا بلجنة تحقيق دولية "نتيجة تخوفنا من وضع القضاء اللبناني تحت ضغوط التمييع ‏والتسييس والتطييف والابتزاز الداخلي". وذكروا بان "الدستور يحصر محاكمة رئيس الوزراء ‏والوزير المتهم امام المجلس الأعلى اما اذا أراد قاضي التحقيق ان يعتبر ذلك حرما عاديا وهذا ‏أيضا غير صحيح، فانه ينطبق على رئيس الجمهورية أيضا بسبب تماثل الفعلين بالاحجام عن ‏درء الخطر قبل وقوعه". وإذ اكدوا "تمسكهم بأحكام الدستور وان لا حصانة لهم ولا لاي شخص ‏في هذا الخصوص من اعلى الهرم الى أسفله" حذروا من "ان خرق الدستور بصورة متعسفة ‏يؤدي الى خلل كبير في الركائز التي يقوم عليها الكيان اللبناني‎".‎

جعجع

وسط هذه المناخات سألت "النهار" رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عما يترقبه من ‏زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثالثة للبنان قبيل عيد الميلاد فأجاب "الله يعين الرئيس ‏ماكرون ولكن يجب ان يأتي الى لبنان من اجل الشعب اللبناني. لكن رهان الرئيس ماكرون على ‏السلطة الحالية لن يوصل الى أي مكان لانه لا يمكن هذه السلطة ان تقوم بالإصلاح او تغير ‏الوضع الحالي الذي هي مسؤولة عنه"‏‎.‎

وعن صحة ما يقال عن عمل من اجل إقامة جبهة شبيهة بالجبهة اللبنانية سابقا اكتفى جعجع ‏بالقول "أعطني أحدا كالرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل وشارل مالك وعندها تتأسس ‏جبهة لبنانية‎"‎‏. ‏




النهار