حذّر رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة امام مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين بالدول العربية المضيفة من "ان تراجع تقديمات وخدمات وكالة "الاونروا" للمخيمات الفلسطينية في لبنان ينذر بمضاعفات كبرى على صعيد ظهور بؤر التطرف والارهاب والتفلت الأمني فيها وخارجها على حد سواء، ما ينعكس على الأمن الوطني والاقليمي والدولي، ويدفع بعشرات الألوف إلى ركوب الأمواج في هجرات غير شرعية، فضلاً عن الهجرات الشرعية"، مشيراً الى "عجز لبنان راهناً عن مد يد العون والمساعدة للمخيمات"، داعياً جامعة الدول العربية ومؤتمر المشرفين الى المبادرة لاطلاق حركة اتصالات مباشرة وزيارة عدد من الدول العربية والصديقة لحثها على دعم الاونروا وشرح اوضاع اللاجئين الفلسطينيين .
القى منيمنة كلمة لبنان امام المؤتمر االذي عقد دورته (105) امس عبر تقنية "الفيديو كونفرانس" بمشاركة وفود مصر وفلسطين والأردن، بالإضافة إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومنظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا."
واشار منيمنة في كلمته الى "احتمالات التغييرات التي قد تطرأ على الإدارة الاميركية والتي قد يكون من شأنها ان تفتح آفاقاً جديدة اقفلتها سياسة إدارة الرئيس ترامب التي تماهت كلياً مع متطلبات المشروع الصهيوني وترافقت مع زيادة الضغط السياسي والاعلامي على الدول العربية لتطبيع العلاقات مع اسرائيل وعلى الدول العربية المضيفة والسلطة الفلسطينية والأونروا".
وقال "اذا كانت هذه ارتكابات إدارة ترامب، فلا دليل لدينا ثابت وراسخ حتى الآن، من ان الإدارة الاميركية الجديدة ستنقلب على ما قامت به الإدارة السابقة. وهو امر يجب ان يدفعنا إلى الحذر واعتماد حسابات اكثر دقة في النظر إلى مجريات ما تزال في عالم الغيب، وتتطلب العمل السياسي والدبلوماسي النشط لجعل هذا التحول بمثابة معطى فعلي على ارض الواقع". ودعا إلى امرين متلازمين:
-اولهما طبيعة الأزمة المالية التي تعانيها الاونروا والتي تنعكس على اللاجئين في مخيمات التشرد واهمية الجهود التي تبذلها الوكالة، والأمانة العامة للجامعة العربية من اجل استمرار الدعم السياسي والمالي العالمي للاونروا، وضمان تنفيذ تفويضها بشكل فاعل وموثر. علما ان استجابة الاونروا السريعة لجائحة كورونا لم تكن ممكنة لولا الهياكل والخدمات الأساسية الممولة من الميزانية البرامجية التي تعمل بشكل جيد. مع التأكيد على ضرورة تشجيع الاونروا، في استجابتها لجائحة كورونا، على مواصلة التنسيق والتعاون مع كل من الأمم المتحدة والبلدان المضيفة لضمان حماية اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم.
-ثانيهما وضع الخطط السياسية والدبلوماسية وممارسة شتى انواع الضغوط التي تجعل هذا التحول الاميركي ممكناً، وإعادة اطلاق دينامية تواصل مع التكتلات والدول المانحة لتحقيق التوازن المالي المطلوب للاونروا، لا سيما في ظل ظروف اقل ما يقال فيها انها كارثية على صعيد مجتمع كتلة اللاجئين التي تتلقى خدمات الاونروا في الاراضي الفلسطينية المحتلة والمحاصرة، فضلاً عن الاردن ولبنان وسوريا.
وتحدث منيمنة عن الوضع في لبنان وانعكاسه على قضايا اللاجئين الفلسطينيين فيه، فلفت الى "ان البلاد تعاني من شلل في مرافقها الاقتصادية ومن انكماش في انشطتها الاقتصادية مقدر حتى نهاية العام بما يتجاوز الـ 20 %، وتراجع في قيمة نقده الوطني إلى الآن بنسبة تتجاوز الـ 80%، ونسبة سكان تتجاوز الـ 50% تحت خط الفقر، ومن ارتفاع اسعار المواد الرئيسية والخدمات ومن بطالة تتجاوز33% من قوته العاملة، في ما المتوقع ان يتم التخلي كلياً او جزئياً عن دعم المواد الأساسية كالمحروقات والأدوية والقمح، وهو من شأنه اطلاق موجة متجددة من الغلاء تتجاوز في العديد من التقديرات 300- 400%".
اضاف "لا شك ان المخيمات تعاني من ثقل الأزمة المضاعف على اوضاعها الحياتية والمعيشية، فالأخوة الفلسطينيون سواء اقاموا في المخيمات الـ 12 او التجمعات الـ 156 يمرّون بظروف اكثر قساوة من اللبنانيين على صعد تأثيرات الأوضاع اللبنانية عليهم. فقد تضاعف مستوى الفقر المدقع والفقر بشكل عام والبطالة التي تقارب الـ 70 % من العمالة الفلسطينية التي تشتغل في الأعمال المياومة والمؤقتة، ما يتطلب المبادرة إلى دعمهم ومساندتهم عبر شتى المبادرات الممكنة التي تخفف من ضائقتهم في تدبير ابسط حاجاتهم".
واكد منيمنة على "عجز لبنان راهناً وضمن هذه الأوضاع القاتلة، عن مد يد العون والمساعدة للمخيمات في حال تراجعت تقديمات وخدمات وكالة الاونروا. وهو ما ينذر بمضاعفات كبرى على صعيد ظهور بؤر التطرف والارهاب والتفلت الأمني في المخيمات وخارجها على حد سواء، ما ينعكس على الأمن الوطني والاقليمي والدولي، ويدفع بعشرات الألوف إلى ركوب الأمواج في هجرات غير شرعية، فضلاً عن الهجرات الشرعية".
وجدد اصرار لبنان بمختلف مؤسساته ومرجعياته على حق العودة للاجئين انطلاقاً من رفضه التوطين والاطاحة بالقوانين والمرجعيات الدولية والعربية، والتزاماً منه بالاعلان العالمي لحقوق الانسان وجملة المواثيق الدولية بما فيه اتفاقيات جنيف".
وشدد على حرص الحكومة اللبنانية في حماية واستمرار عمل الاونروا كشاهد اممي على معاناة الشعب الفلسطيني، وعلى قيامها بالمهام المناطة بها منذ العام 1949 حتى إيجاد الحل العادل والدائم لقضية الشعب الفلسطيني".