تناولت دراسة حديثة أجرتها مجلة "الأمن القومي" التابعة لجامعة الدفاع الوطني الإيرانية آراء المديرين وكبار خبراء أجهزة المخابرات والأمن الإيرانية على وسائل التواصل الاجتماعي، الذين حددوا 15 تأثيراً لهذه الوسائل على الأمن القومي، 13 منها وصفت بـ"السلبية"، حسب ما خلصت الدراسة.
وذكرت الدراسة المنشورة في العدد 37 للمجلة المذكورة، تحت عنوان "دراسة اتجاهات تأثير الشبكات الاجتماعية على الأمن القومي لجمهورية إيران الإسلامية"، أن نظرة ومعاملة مسؤولي النظام الإيراني لمواقع التواصل الاجتماعي هي "نظرية أمنية ومتشائمة مبنية على نظرية مؤامرة".
واستندت الدراسة على آراء كبار مديري الأمن في مكتب المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، ومسؤولين بالمجلس الأعلى للأمن القومي ووزارة الاستخبارات والحرس الثوري، والعديد من أجهزة المخابرات والأمن الأخرى، دون أن تسميهم.
يذكر أن خوف النظام الإيراني من مواقع التواصل دفع بالسلطات منذ سنوات إلى تنفيذ خطة لفصل الإنترنت الداخلي عن الشبكة العالمية، حيث أفاد مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني في مايو/ أيار الماضي، أنه تم إنفاق نحو 190 تريليون ريال، أي ما يعادل 4.5 مليار دولار، على إنشاء "الشبكة الوطنية للمعلومات".
وبحسب دراسة مجلة "الأمن القومي" الفصلية، فإن هذا الخوف يعود في جزء كبير منه إلى عوامل مثل ترويج مفاهيم "زيادة دور المواطنين" و"إعادة بناء الديمقراطية" و"المراقبة والرقابة" باعتبارها تهديدات داخلية للأمن القومي في إيران، استناداً إلى آراء الخبراء والمديرين في أجهزة المخابرات الإيرانية.
تجادل الدراسة بأن "اختراق حدود الدولة الوطنية في عصر المعلومات قد أربك تعريف المواطنة"، وأن "عدم وضوح قوة وحدود السلطة أدى إلى إضعاف الرقابة على المجتمع وبروز تحديات سياسية".
أضافت أنه "مع التأثيرات المتزايدة لشبكات التواصل، وضعف الحكومة المتزايد حول التحكم في تدفق رأس المال والأمن اجتماعي، قد أضعف دور وأهمية الحكومة بالنسبة للناس".
الإنترنت والضغوط الشعبية
وفي جزء آخر من الدراسة، ورد أن "ظهور الأزمات ومضاعفة مطالب المواطنين وإدراك المواطنين لأهمية النضالات الشعبية الطويلة والمرهقة، وحساسية الرأي العام المتزايدة تجاه صنع السياسة العامة، أثقل كاهل الحكومات بشكل متزايد".
كما ذكرت أن توسع عمل مجتمع الاستخبارات بالتزامن مع زيادة وسائل الاتصال ودور ذلك في تعزيز الضغوط الشعبية أدى إلى المزيد من الضغط على شرعية وأمن الحكومات".
وقال خبراء وكبار مديري المخابرات والأمن المشاركين في هذه الدراسة - مؤكدين ضمنيًا نتائج الباحثين في الدراسة - إن " الانتشار المتزايد لشبكات التواصل الاجتماعي يزيد من الضرر الاجتماعي وهو أحد أهم التهديدات للأمن القومي الإيراني".
كما جادلوا بأن "نمو شبكات التواصل الاجتماعي يحد من إمكانية سيطرة ورقابة الحكومة على المجتمع".
ورأى كبار مسؤولي المخابرات والأمن أن "اتجاه استخدام الناس لوسائل التواصل الاجتماعي سيوسع الفجوة بين الحكومة والمجتمع".
كما لفتوا الى أن "اتجاهات الأشخاص الذين يستخدمون شبكات التواصل تهدد وحدة تراب الدولة".
وقالوا إن الشبكات الاجتماعية هي عامل مهم في تغيير أنماط حياة الناس وزيادة أنشطة الجماعات المناهضة للنظام، مما يؤدي إلى انتشار انعدام الأمن"، حسب تعبيرهم.
مقترحات لتشديد الرقابة
هذا وقدم الباحثون المشاركون في الدراسة اقتراحات للمشرعين وصناع القرار حول تعديل القوانين، وزيادة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقمع النشاط "الإجرامي" على وسائل التواصل الاجتماعي.
يذكر أن السلطات الإيرانية تعمل على استبدال التطبيقات الأجنبية بأخرى محلية تخضع لسيطرة الحكومة، بهدف فصل الداخل الإيراني عن الشبكة العنكبوتية العالمية.
وكان وزير الاتصالات الإيراني، محمد جواد آذري جهرمي، قد أعلن في وقت سابق أن هيئة الأركان الإيرانية التي تخضع لسيطرة الحرس الثوري، ستساهم في ما وصفه بـ "تطوير البنية التحتية لتطبيقات المراسلة عبر الإنترنت".
وهدّد رئيس المجلس السيبراني في إيران، أبو الحسن فيروز آبادي، بحظر كافة المنصات الأجنبية شبكة الإنترنت" إن لم تتماشَ مع الخطوط الحمراء للجمهورية الإسلامية"، حسب تعبيره.
وكان رئيس لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الإيراني، محمد صالح جوكار، قال إن الحكومة ستنجز "شبكة الإنترنت الوطنية"، بالتعاون مع الصين وفق ما جاء في مسودة وثيقة التعاون المرتقبة لـ 25 عاما بين إيران والصين.
يذكر أنه في تشرين الثاني 2019، قطعت السلطات الإنترنت بالكامل بأمر من أجهزة المخابرات والأمن خلال قمع الاحتجاجات التي عمّت كافة المحافظات الإيرانية، وتم السيطرة عليها بعد قتل 1500 متظاهر واعتقال أكثر من 10 آلاف وجرح الآلاف.
العربية.نت