أخبار لبنان

الراعي: معيب على المعطّلين التعاطي مع لبنان كحجر شطرنج الشرق الاوسط

تم النشر في 1 كانون الثاني 2021 | 00:00

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس رأس السنة ‏في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي‎.‎

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة قال فيها: "يسعدنا أن نحتفل معا بهذه ‏الليتورجيا الإلهية، وأن نتبادل التهاني والتمنيات معكم ومع كل الذين يشاركوننا ‏عبر وسائل التواصل الإجتماعي. نسأل الله أن يجعلها سنة خير وسلام، فنطوي فيها ‏مرحلة المآسي والضيق والقلق على الغد والمصير. ولكن لا بد من أن نشكر الله ‏على عنايته الخفية التي مكنت اللبنانيين من الصمود بوجه القلق الوجودي على ‏أمنهم القومي، وأمنهم الفردي، وأمنهم السياسي، وأمن حرياتهم، ولو أنهم في ‏معظمهم فقدوا الإبتسامة والسعادة والفرح والطمأنينة على الغد"‏‎.‎

أضاف: "على الرغم من كل المآسي التي عشناها من أزمة سياسية وإقتصادية ‏ومالية وتجارية، إلى إنفجار مرفأ بيروت وما خلف من ضحايا ودمار ونكبات، ‏وإلى عرقلة التحقيق العدلي، فإلى جائحة كورونا التي شلت الحياة عندنا وفي ‏العالم، فإنأ نواصل السعي باسم يسوع مع مطلع هذا العام الجديد من أجل بناء ‏مجتمع أفضل وحماية وطن أسلم". ‏

وتابع: "إعتادت اللجنة الأسقفية "عدالة وسلام" على الإحتفال بيوم السلام العالمي ‏في الأحد الذي يلي رأس السنة، لأسباب عملية. وهذا ما سنفعله في كنيسة الكرسي ‏البطريركي الأحد المقبل‎.‎‏ ولكن لا بد من أن نقدم بإيجاز رسالة قداسة البابا ‏فرنسيس لهذا اليوم وهي بعنوان: "ثقافة العناية مسار السلام". وسنتبسط في ‏مضمونها الأحد المقبل، غير أننا نختصر أفكارها الأساسية من أجل مواكبة قداسة ‏البابا والكنيسة في الصلاة من أجل السلام والتعمق في مضامينه"‏

ورأى أن "ثقافة العناية بالآخرين في حاجاتهم واجب على كل واحد وواحدة منا، ‏وعلينا كجماعات، هذا ما فعله ويفعله المتطوعون والمحسنون والمنظمات الخيرية ‏والمبادرات الجماعية، والبطريركية والمؤسسات التابعة لها والأبرشيات والرعايا ‏والرهبانيات والأديار، والمنظمات الرسولية والشبيبة وهي تنسق الخدمة فيما بينها ‏عبر هيئة "الكرمة" لتشمل كل الأراضي اللبنانية. وهذا ما فعلته الدول، وعلى ‏رأسها الكرسي الرسولي، التي هبت للمساعدة المتنوعة منذ إنفجار مرفأ بيروت"‏‎.‎

وأكد أن "واجب ثقافة العناية يقع على ضمير الجماعة السياسية التي وجدت من ‏أجل تأمين الخير العام "الذي منه خير كل مواطن وخير كل المواطنين". وهو ‏‏"مجمل أوضاع الحياة التشريعية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تمكن ‏الأشخاص والجماعات من تحقيق ذواتهم تحقيقا أفضل". وسأل: كيف يمكن توفير ‏هذا الخير العام من دون حكومة دستورية تمثل السلطة الإجرائية مع ما لها من ‏صلاحيات، وما عليها من واجبات يحددها الدستور بوضوح ولا سيما "وضع ‏السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، ووضع مشاريع القوانين والمراسيم ‏التنظيمية واتخاذ القرارات لتطبيقها، ومتابعة أعمال الإدارات والمؤسسات العامة، ‏والتنسيق بين الوزراء، والإشراف على أعمال كل أجهزة الدولة، وتعيين ‏الموظفين"، وسواها من الصلاحيات (راجع المادتين 64و65 من الدستور). حيث ‏لا حكومة هناك شلل أخطر من جائحة كورونا، لأنها تتسبب بحياة الفوضى في ‏البلاد"‏‎.‎

وشدد على أنه "فلا يحق لأحد أو لأي فريق من الجماعة السياسية، أكانوا معنيين ‏مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، أن يعرقلوا تشكيل الحكومة من أجل حسابات ‏ومصالح آنية أو مستقبلية، وقد إنطوى شهران وعشرة أيام على التكليف، فيما لبنان ‏سائر سريعا نحو الإنهيار الكامل والإفلاس. يا لها من مسؤولية تدميرية أقوى ‏وأشمل من تدمير مرفأ بيروت، وهدم نصف العاصمة، والتسبب بمئات الضحايا ‏البريئة وآلاف العائلات المشردة، لأن دمارها يطال الشعب كله وحياة الدولة ‏بكاملها"!‏

واردف: "من المعيب حقا أن تبدأ السنة الجديدة من دون أن تكون الحكومة مؤلفة ‏ومنكبة على العمل. ومعيب أيضا على المعطلين التعاطي بالشأن اللبناني كأنه حجر ‏من أحجار شطرنج الشرق الأوسط أو الدول الكبرى. فلتتذكر الجماعة السياسية أن ‏تأليفَ حكومة هو واجبها الأول والأساسي ومبرر وجودها، ومن أجلها ومن أجل ‏الوطن يرخص كل شيء ويبوخ"‏‎.‎

وختم الراعي: "بالمناسبة، نحن حريصون على أن يكون أي حل للقضية اللبنانية، ‏أكان نتاج الإرادة اللبنانية وحدها أم بالتعاون مع المجتمع الدولي والعربي، لمصلحة ‏لبنان وجميع اللبنانيين. وهي مصلحة تكمن في الانتقال إلى دولة القانون حيث ‏نعيش معا في شراكة ومحبة في ظل شرعية مدنية واحدة، وجيش وطني واحد، ‏ودستور عصري واحد، وعلم لبناني واحد. هذه القيم والمبادئ تحتاج إلى فعل ‏سياسي وولاء للبنانَ دون سواه"‏‎.‎