رغم ان التعبئة العامة بنسختها الجديدة لم تحكم في يومها الأول قبضتها بشكل كامل على مفاصل الحياة في عاصمة الجنوب صيدا وجوارها ، لكنها ضبطت ايقاع ووتيرة الحركة والنشاط والتنقل فيها ..
اعاد الـ" Lockdown" المدينة الى مربع التدابير الاستثنائية التي فرضتها مقررات التعبئة على كل القطاعات وتفاوتت بين الاقفال الكلي لبعضها والجزئي للبعض الآخر ، وعلى حركة انتقال السيارات التي عادت لتضبط وفق نظام "المفرد – مجوز" .
وسجل اليوم الأول المفارقات التالية :
- التزام كلي للقطاعات المشمولة بالاقفال ولا سيما السوق التجاري والمؤسسات التجارية والسياحية ( المطاعم والمقاهي ) على الرغم من اعتراض اصحابها والعاملين فيها على ما اعتبروه غياب العدالة في الاستثناءات بحيث شملت قطاعات تشهد اكتظاظا وانحصر الاقفال بقطاعات تعاني اساساً من تراجع وجمود في عملها في الأيام العادية. ورغم ذلك لم تسجل اية خروقات لمقررات التعبئة العامة التى تجاوزت المدينة مسألة الالتزام بها كقرار رسمي الى التعايش معها كأمر واقع ونمط حياة..
- رغم محافظة المدينة على وتيرة وان منخفضة نسبياً من الحركة في شوارعها وأحيائها بعدما ضبط نظام "المفرد مجوز" ايقاع تنقل السيارات وحد من الإزدحامات المرورية التي كانت تشهدها في الأيام العادية ، الا ان اتساع مروحة استثناءات التعبئة هذه المرة ، مقارنة مع فترة التعبئة السابقة ، زادت من زخم الحركة في الشوارع عموماً وتركزها في قطاعات معينة دون غيرها .
- تشديد الاجراءات والتدابير المتخذة من قبل قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة في رصد الإلتزام بمقررات التعبئة وفي مقدمها " المفرد مجوز " ، الكمامات ، الاقفال للمؤسسات غير المستثناة والتباعد في تلك التي شملتها الاستثناءات ، وملاحقة المخالفين ، واتخذت هذه التدابير شكل حواجز ظرفية ودوريات راجلة وسيارة.
وشهدت اسواق الخضار والفاكهة وسوق السمك ومراكز ومحال بيع المواد الغذائية حركة ناشطة فيما فرض القيمون عليها على زبائنهم– تحت مراقبة القوى الأمنية - الالتزام بالكمامات والتباعد .
كما كان لافتاً ما سجلته المدينتان الصناعيتان الأولى والثانية من حركة شبه عادية في معظم محالها ومؤسساتها بخلاف ما كانت عليه الحال في بداية التعبئة العامة السابقة .
واتخذت فروع المصارف في المدينة اجراءات استثنائية حيث قلص بعضها من نسبة تواجد الموظفين والزبائن ، فيما اقفل بعضها الآخر ابوابه الخارجية وحصر حضور الزبائن بمن يحصل على موعد مسبق .
وشهدت المؤسسات العامة والدوائر الرسمية في سراي صيدا الحكومي وخارجها حركة شبه عادية على الرغم من تحديد عدد الموظفين المداومين بنسبة عشرين في المائة وفقا لمقررات التعبئة . باستثناء تعاونية موظفي الدولة التي داوم 50% من موظفيها بناء لتعميم صادر عن الادارة ونظرا للضغط الذي تشهده عادة من قبل اصحاب معاملات ولا سيما الاستشفاء .
ورغم التزامهم بالاقفال في يومه الأول ، نفذ اصحاب وممثلو عدد من المؤسسات التجارية والسياحية والمصالح اعتصاماً امام سنتر المقاصد في شارع رياض الصلح في المدينة معلنين رفضهم لقرارات التعبئة مطلقين صرخة مما آلت اليه اوضاع مصالحهم والخسائر التي تلحق بهم جراء الاقفال المتكرر . وتحدث بسام كريم بإسم المعتصمين فقال" تجمعنا اليوم لنوصل صوتنا لأنه ليس مقبولا ان تؤخذ القرارات كلها من طرف واحد . نفتح ونقفل من دون خطة عملية ، تحت ذريعة اننا لا نريد الوصول الى السيناريو الايطالي . ففي ايطاليا طاقة كل المستشفيات استنفدت ، بينما نحن في لبنان لا زلنا بعيدين عن استنفاد طاقة مستشفياتنا . وكل مرة نضطر لإقفال مصالحنا، نستمر بدفع الابجارات والرواتب وغيرها من الالتزامات .. لكننا اليوم لم نعد قادرين على التحمل اكثر . والدولة عندما تقول انها تريدنا ان نقفل 3 اسابيع عليها ان تعطينا البديل .. لم نعد قادرين على تحمل الخسارة ولا على سحب اموال من البنوك لنغطي الخسائر.. نريد ان يأتي احد ويقول لنا ماذا سيحدث بعد 3 اسابيع .. فليست كورونا وحده الذي يميت ، الجوع ايضاً ، والغباء في الادراة يميت . نحنا لا نريد ان نموت لا من هذا ولا من ذاك ، ولا نريد ان نهاجر من لبنان سنبقى هنا ونريد ان ندفع رواتب موظفينا لأن لا نستطيع ان نتركهم يموتون جوعا .نناشد كل من في الدولة انهم اذا اتخذوا قراراً بالاقفال فليحولوا هم الرواتب للموظفين . لأن هذه الادارة غير سليمة . وان تجمعنا عفوي ونابع من ان كل واحد لديه مصلحة يخاف على مصلحته .. لقد خسرنا كثيرا منذ 17 تشرين حتى اليوم . وأكثر من ذلك لم يعد لدينا ما نخسره الا الثياب التي علينا ".
رأفت نعيم