لم تكن الاجراءات الأمنية المحكمة التي تواكب تنفيذ مقررات التعبئة العامة وحدها من تفرض نفسها وهيبتها على الأرض في اليوم الرابع للإقفال وحظر التجول في عاصمة الجنوب صيدا للحد من تفشي فيروس كورونا . فإذا كانت القوى الأمنية واصلت وشددت من حواجزها ودورياتها وفرضها لهيبة القانون وردع المخالفين بتسطير محاضر حيناً واقفال مؤسسات وانذارها او حتى اقفالها حيناً آخر ، فإن العاصفة الطبيعية التي يخضع لتأثيراتها لبنان بكل مناطقه ، أكملت ما بدأته التدابير الأمنية من احكام لحظر التجول في المدينة ففرضت هي الأخرى هيبتها لكن هذه المرة براً وبحرا وجواً ، فانعكست شللاً شبه تام للحركة في شوارع المدينة الداخلية وتراجعا فيها على الطرقات الرئيسية .
مزاج كانون الشتوي بامتياز الذي تلاقى مع مزاج التعبئة وتزامنا ذات "ويك اند" ، كل ذلك كان كفيلاً بالزام الناس بيوتهم - يشاركهم اياها برد وصقيع كانون يستعينون عليه بما تيسر من وسائل تدفئة - إلا لمن اضطر للخروج لتأمين احتياجات اساسية ، او لمن قرر الانتقال من منطقة الى منطقة عبر صيدا او ضمن نطاق محيطها ، مستفيدا من شموله باستثناء او من اذن بالخروج حصل عليه من المنصة الرسمية لقوى الأمن الداخلي .اما القطاعات المستثناة من الاقفال او الحظر لكن بشروط ، فبدت في احد التعبئة العاصف اكثر التزاماً بعد عاصفة المحاضر والانذارات والاقفال القسري التي هبت امس على عدد منها بسبب عدم تطبيقها لشروط الفتح وقواعد التباعد الاجتماعي والوقاية .
وحدها رياح العاصفة كسرت حظر التجول وبقيت طوال النهار تعربد ولا تقف عند حاجز طبيعيا كان ام غير طبيعي ، مطوعة اغصان الأشجار الى حيث يميل هواؤها وهواها ومحطمة من لا ينقاد منها للوجهة التي تريد !.
بينما خلعت امطار كانون الغزيرة التي أثقلتها حبات البرد صباحا رادءها المائي على الطبيعة والأمكنة ، واحالت الشوارع والطرقات الخالية الى مراياً تعكس لوحات طبيعية للغيوم الملبدة حيناً والمتفرقة حيناً آخر ..
وعلى أمواج مضطربة حيناً وثائرة بقوة أحياناً كثيرة ، كانت العاصفة تعيد تشكيل مزاج بحر صيدا واستفزاز هدوئه بقوة رياحها فتثيره أنواءً متلاطمة تتنافس على تسجيل اعلى ارتفاع لها ، فتعطل حركتي الملاحة والصيد البحري المتأثرين الى حدما أساساً بإجراءات التعبئة العامة والاقفال .. لكن كلاهما العاصفة والتعبئة لم يمنع بعض الصيادين من تفقد مراكبهم واتخاذ اجراءات الحماية لها تحسباً لإشتداد الرياح وارتفاع الموج أكثر.
رأفت نعيم