قفا - نحك
لم يخفِ "فيضان "كورونا فايروس" تخبط الحكم تجاه الأزمة المالية-النقدية، ولا يزال تضارب الأرقام التي قدمت في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي نقطة سوداء في سجل لبنان لدى المراجع المالية الدولية. ويقر ممثلو الصندوق بغياب جدية لبنانية لإصلاح الحال، من أجل مصلحتها الخاصة، وتترك البلد يحترق، فيما البرلمان يتصرّف كما لو أنّه "ممثل لمصالح القوى السياسية لا الشعب". وقد لخصت المديرة العامة للصندوق كريستالينا جورجييفا، في حديث صحافي، قبيل نهاية العام، وضع لبنان، اقتصاديا، بأنه "كارثي" بسبب عدم توافر "الإرادة السياسية"، وشريك" مستعد "حقا للالتزام مع صندوق النقد الدولي"، بضرورة "إجراء تدقيق في حسابات المؤسسات المالية، بما في ذلك مصرف لبنان". وتابعت أنه ينبغي أيضاً صوغ برنامج اقتصادي "ذي صدقية "، كشرط لإعادة هيكلة الدين اللبناني. ويربط المجتمع الدولي أي مساعدة جدية للبنان بتنفيذ إصلاحات بنيوية منها تقليص النفقات العامة وتحسين الإيرادات الضريبية، وضبط الحدود وإصلاح المرافق العامة وعلى رأسها قطاع الكهرباء الذي كبّد خزينة الدولة أكثر من 55 مليار دولار منذ "صادر" "التيار الوطني الحر" حقيبة وزارة الطاقة. وهو ما انطوت عليه المبادرة الفرنسية بإصرارها على إصلاح قطاع الكهرباء كبند أول للحصول على الـ11 مليار دولار التي يعتزم "مؤتمر سيدر" تقديمها للبنان.
لكنه العناد السياسي المرضي نفسه الذي أدى إلى إدخال لبنان في لائحة الدول الممتنعة عن سداد ديونها والمؤهلة لدخول لائحة الدول الفاشلة. فالذين اصروا على عدم سداد قروض اليورو بوند، ونصحوا ببيع سنداتها في السوق السوداء عكسوا الصورة الأوضح للفشل نصحا واستشارة وإدارة. يكفي التذكير بأن "مؤتمر سيدر" قرر دعم لبنان" ماليا، عام 2018، واليوم، بعد 3 سنوات ونيف من انعقاده لا تزال الـ11 مليار دولار رهين حلف الدويلة مع طموحات الصهر التي لا تنضب.
بعد أيام، بالكاد تبلغ الشهرين، "سيحتفي" اللبنانيون بقرار "العهد القوي" باٌلإمتناع عن سداد قرض اليوروبوند البالغ 1,2 مليار دولار، وسيكون أبرز حاضري الإحتفاء ارتفاع نسب البطالة والتضخم وتدهور سعر صرف الليرة، وندرة الدولار الأميركي، وتوسع انتشار الفقر، وتزايد الباحثين في مستوعبات النفايات عما يقي اطفالهم الجوع. فحكومة دياب، يومذاك، لم تأخذ بضرورة تجنب ارتداد هذ الإمتناع على موقع لبنان الإئتماني، دوليا، ولا أخذت باقتراح "حل وسط" يقسّط سداد السندات على دفعتين أو أكثر، ويحفظ ما يكفي من النقد الاجنبي لاستيراد الاحتياجات الضرورية للناس وعدم خسارة الثقة الدولية. كما جانبت موقف جمعية المصارف بسداد السندات المستحقة، ومن ثم اعادة جدولة الاستحقاقات الاخرى في السنين التالية، وقيمتها 92 مليار دولار.
لكن، أين هي هذه المفاوضات راهنا؟ لم يلمس اللبنانيون، منذ الإمتناع عن السداد أي جدية تجاه الأمر، كما تجاه ما عداه، وانفجار المرفأ عنوان فضّاح.
راشد فايد - النهار