تشهد مناطق صيدا والزهراني وجزين طقساً جليدياً بامتياز بعدما تسلم "جنرال" الصقيع الراية من العاصفة المنحسرة ليفرض هيبته وبرودته على الطبيعة وان كسر دفء اول يوم مشمس بعد العاصفة بعضا من حدته لبعض الوقت ، لكنه استوطن الأماكن والبيوت ، مستنفراً المواطنين المحجورين في بيوتهم او من خرج منهم في مواجهته بما توافر من وسائل وادوات التدفئة التي باتت كلفتها ايضا تستنزف آخر ما تبقى لديهم من مقدرات مالية بعدما احترقت بنار ارتفاع سعر صرف الدولار وتبخرت بغلاء اسعار السلع الأساسية ، فيما كورونا يطرق ابوابهم ويتربص لهم في كل مكان ـ وتمديد الاقفال والحظر للحد منه ، مدد العطلة القسرية للأشغال والمصالح رغم ما تتسبب به من اثار سلبية على الاقتصاد والمعيشة خصوصاً بالنسبة للعامل ورب العائلة الذي يعتاش من عمل يومه والقطاعات التي تعتمد على حركة المواطنين باتجاهها .
اتاح انحسار العاصفة للحركة الملاحية في بحر صيدا استعادة بعض من نشاطها ، حيث بدأت بعض البواخر التجارية التي كانت احتمت بحوض الميناء الجديد لعدة ايام ابان العاصفة بمغادرته والابحار الى وجهتها بعد تحميلها بكميات من "الخردة" المعدة للتصدير ، فأبحرت الباخرتان المصريتان "صافي " و" حبيبة " وعلى متن كل منهما 2500 طن متوجهتين الى ميناء الاسكندرية ، فيما ينتظر ان تغادر الباخرتان " أولما " و" نوبل وان " في وقت لاحق اليوم وعلى متن كل منهما اكثر من 3000 طن .
وخرج عدد من صيادي الأسماك في رحلة صيدهم الأولى بعدما حالت العاصفة من جهة واجراءات التعبئة العامة وحظر التجول من جهة ثانية دون تمكنهم من الإبحار لأيام حيث تم السماح لهم مجددا بالخروج بموجب تراخيص ، فيما اغتنم آخرون شمس كانون الخجولة للقيام ببعض أعمال الصيانة لمراكبهم قبل عودتهم بها الى البحر .
ودفعت موجة الصقيع بعدد كبير من المواطنين للتهافت على التزود بالغاز والمازوت والحطب للتدفئة وخاصة في المناطق الجبلية أو المناطق المطلة على الساحل، مستفيدين من استثناءات مقررات التعبئة ومن اذونات الخروج والتنقل للفئات والحالات التي يسمح لها .
وشل الطقس الجليدي الى جانب "كورونا" الحركة في معظم بلدات وقرى منطقة جزين التي التزم سكانها بيوتهم الى من اضطر للخروج لتأمين مواد غذائية او وقود للتدفئة استعدادا لساعات المساء والليل التي يغلف فيه الجليد الطرقات والبيوت ، فيما ترابط الثلوج على القمم والسفوح التي تعلو فوق 1300 متر في تومات نيحا وتومات جزين .
وحده صوت شلال جزين الهادر بقوة بفعل ارتفاع منسوب روافده من ينابيع المنطقة ، خرق الصمت المخيم على المدينة وكسر بتدفق مياهه باتجاه وادي جزين رتابة الحياة في عهدة كورونا والجليد ، مدغدغاً برذاذه خيوط اشعة شمس الصباح ومغرداً بصوته منساباً من قلب صخر جزين الشهير، ومشكلاً لوحة طبيعية خلابة نابضة بالحياة والتجدد .
رأفت نعيم