أخبار لبنان

طرابلس.. مخاوف من استغلال الأزمة المعيشية لأهداف سياسية ‏

تم النشر في 28 كانون الثاني 2021 | 00:00

كتبت صحيفة "الشرق الأوسط" تقول: تدخلت شخصيات سياسية على خط تهدئة الغضب الشعبي ‏المتنامي على خلفية الإقفال العام، وتصاعد الأزمات المعيشية والضائقة الاقتصادية، وسط ‏تلميحات إلى شبهات استغلال سياسي لحراك الشارع، بحسب ما أوحى الرئيس المكلف تشكيل ‏الحكومة سعد الحريري بالقول إنه "قد يكون هناك من يستغل وجع الناس".‏

وأعادت الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تفاقمت إثر الإقفال العام، الناس إلى الشوارع في ‏طرابلس في شمال لبنان والجنوب في النبطية وصيدا، وتواصلت حتى يوم أمس، بعد ليلة من ‏المواجهات أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى.‏

ولمح الحريري إلى فرضية وجود استغلال سياسي لانتفاضة الناس في الشمال، قائلاً: "قد تكون ‏وراء التحركات في طرابلس (في الشمال) جهات تريد توجيه رسائل سياسية، وقد يكون هناك ‏من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوو الدخل المحدود". وأضاف ‏‏"ليس هناك بالتأكيد ما يمكن أن يبرر الاعتداء على الأملاك الخاصة والأسواق والمؤسسات ‏الرسمية بحجة الاعتراض على قرار الإقفال".‏

لكن ذلك لا ينفي حقيقة "أن هناك فئات من المواطنين تبحث عن لقمة عيشها وكفاف يومها"، ‏بحسب ما قال الحريري، وتابع: "لا يصح للدولة إزاء ذلك أن تقف موقف المتفرج، ولا تبادر ‏إلى التعويض عن العائلات الفقيرة والمحتاجة". ونبّه الحريري "أهلنا في طرابلس وسائر المناطق ‏من أي استغلال لأوضاعهم المعيشية"، وطالب الدولة والوزارات المختصة "باستنفاد كل الوسائل ‏المتاحة لكبح جماح الفقر والجوع، وتوفير المقومات الاجتماعية لالتزام المواطنين قرار الإقفال ‏العام".‏

وأكد الحريري أن "قرار الإقفال هدفه حماية المواطنين من خطر (كورونا)، والالتزام به ‏مسؤولية لا يجوز التهاون فيها تجاه سلامة أولادنا وعائلاتنا ومجتمعنا"، لافتاً إلى أن "السلامة ‏تتطلب خطة واضحة تتكامل فيها جهود المجتمع المدني والمقتدرين في القطاع الخاص مع ‏إمكانات الدولة لضمان السير بقرار الإقفال في الطريق السليم".‏

ولا تعد محاولة الحريري لاحتواء التصعيد في الشارع، الوحيدة ضمن الجهود الآيلة لتطويق ما ‏حدث ومنع تدحرجه، فقد أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أن "صرخة الناس ‏مفهومة ومسموعة، لافتاً إلى أن "اللبنانيين يواجهون تحديات ضخمة".‏

وقال: "الدولة تقدّم مساعدات رغم وضعها المالي الصعب، والجيش بدأ بتوزيع الدفعة الجديدة من ‏مساعدة الـ400 ألف ليرة (50 دولاراً على سعر صرف السوق) لحوالي ربع مليون عائلة". ‏وقال: "صحيح أن هذه المساعدة لا توازي حاجاتهم، لكنها تساهم في تخفيف الأعباء". واستطرد: ‏‏"هناك فرق كبير بين التعبير الصادق عن وجع الناس، وبين أعمال التخريب والاعتداء على ‏مؤسسات الدولة وأملاك الناس. هناك فرق كبير بين الناس المحتاجين فعلاً، وبين الاستثمار ‏السياسي بحاجاتهم وتشويه المطالب المحقة للناس".‏

ولفت دياب إلى أن "ما رأيناه في اليومين الماضيين لا يشبه مطالب الناس، ولا يعبّر عن ‏معاناتهم. ما رأيناه محاولة لخطف مطالب الناس واستخدامها في معارك سياسية". وقال: "لا ‏يجوز تخريب مدينة طرابلس لتوجيه رسائل سياسية منها، ومن غير المقبول أن تبقى طرابلس، ‏أو أي منطقة صندوق بريد بالنار". وأكد أنه "لا يجوز قطع الطرقات على الناس، في سياق ‏منطق التحدي بالسياسة"، معتبراً أن "الحكومة لا تتشكّل ولا تتعطّل بالدواليب المشتعلة وقطع ‏الطرقات والاعتداء على مؤسسات الدولة واستهداف قوى الأمن الداخلي والجيش".‏

وأسفرت المواجهات بين محتجين والقوى الأمنية عن سقوط عشرات الإصابات، إذ أعلنت قيادة ‏الجيش في بيان صادر عن "مديرية التوجيه" أن "31 عسكرياً أصيبوا بجروح مختلفة ‏ورضوض جراء تعرضهم للاعتداء والرشق بالحجارة وقنابل المولوتوف والمفرقعات النارية من ‏قبل عدد من المحتجين أثناء مظاهرات شهدتها مدينة طرابلس ليل الثلاثاء"، لافتة إلى "تضرر ‏آليات عسكرية وعتاد، وقد تم توقيف خمسة أشخاص لإقدامهم على التعدي على الأملاك العامة ‏والخاصة وافتعال أعمال شغب والتعرض للقوى الأمنية". وقالت إن التحقيق بوشر بإشراف ‏القضاء المختص.‏

وفيما سُجل هدوء نسبي في طرابلس يوم أمس، شهد مدينتان في الجنوب احتجاجات، حيث نظم ‏‏"حراك النبطية" تحركا احتجاجيا أمام خيمته قرب السرايا للمطالبة بحقوقهم تحت شعار "من ‏حقي عيش بكرامة"، تضامنا مع "حراك طرابلس". وحمل المحتجون الأعلام اللبنانية وبثت ‏الأناشيد الحماسية من مكبرات للصوت وسط إجراءات أمنية اتخذتها عناصر من الجيش اللبناني ‏وقوى الأمن الداخلي.‏

وإذ أعلن المحتجون رفضهم "للعنف والقمع الذي حصل في طرابلس"، أكدوا "عدم جواز افتعال ‏تناقض بين الحرص على صحة الناس وحمايتهم من جهة ودعم الفئات والشرائح الشعبية الكادحة ‏من قبل السلطة المقصرة من جهة أخرى".‏

وفيما قُطع السير في مدينة صيدا عند دوار إيليا لبعض الوقت، نفذ عدد من المحتجين على ‏الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والغلاء، اعتصاما في ساحة الشاعر خليل مطران في بعلبك (في ‏شرق لبنان) وقطعوا الطرق المؤدية إلى الساحة لبعض الوقت، وسط تدابير أمنية مشددة للجيش ‏والقوى الأمنية.‏



الشرق الاوسط