تكنولوجيا

‏4 سيناريوهات محتملة تواجه "مسبار ‏الأمل" عند اقترابه من مدار المريخ

تم النشر في 5 شباط 2021 | 00:00

أعلن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أن "مسبار الأمل" قد أنهى بنجاح ثالث المراحل الست ‏من رحلته التاريخية لاستكشاف الكوكب الأحمر، وهي "الملاحة في الفضاء" التي تعد أطول ‏مراحل المهمة الفضائية الأولى التي تقودها دولة عربية لاستكشاف الكواكب. واستغرقت هذه ‏المرحلة نحو 7 أشهر. ‏

وكانت مرحلة "الملاحة في الفضاء" قد بدأت عقب انتهاء مرحلتي الإطلاق والعمليات المبكرة، ‏وبلغ متوسط سرعة المسبار خلالها نحو 121 ألف كليومتر في الساعة، وشهدت ثلاث مناورات ‏رئيسية لتوجيه المسار حتى يكون المسبار في المسار الصحيح صوب مدار المريخ.‏

وبعد إنهائه مرحلة الملاحة في الفضاء بنجاح، يبدأ مسبار الأمل في مرحلة الدخول إلى المريخ، ‏وهي أصعب مراحل المهمة الفضائية وأكثرها خطورة، وتستغرق 27 دقيقة قبل وصول المسبار ‏بنجاح إلى مداره المحدد حول الكوكب الأحمر، ويواجه المسبار في هذه المرحلة 5 سيناريوهات ‏رئيسية ثلاثة منها تكلل المهمة بالنجاح، والرابع يعد نجاحاً جزئياً للمهمة بوصولها إلى هذه المرحلة ‏المتقدمة، والخامس قد يعني فقدان المسبار في الفضاء أو تحطمه.‏

برمجة تحدد مصير المسبار

وتكمن صعوبة هذه المرحلة في أن الاتصال يكون منقطعاً مؤقتاً بالمسبار الذي يعمل طوال هذا ‏الوقت بشكل ذاتي، إذ يكون الاعتماد في نجاحها كلياً على عمليات البرمجة التي قام بها مسبقاً فريق ‏العمل عند بناء وتصميم المسبار، والتي يصعب تجربتها في ظروف مشابهة على كوكب الأرض، ‏وفي هذه المرحلة يركز فريق العمل على إدخال مسبار الأمل في مدار الالتقاط حول المريخ بشكل ‏آمن، ومن أجل إتمام هذه المهمة بنجاح سيتم حرق نصف كمية الوقود الموجودة في خزانات ‏المسبار لإبطائه إلى الحد الذي يسمح بإدخاله في مدار الالتقاط، وتستمر عملية حرق الوقود ‏باستخدام 6 محركات للدفع العكسي (دلتا في) لمدة 27 دقيقة لتقليل سرعة المسبار من 121,000 ‏كم/ساعة إلى 18,000 كم/ساعة، ونظراً لكونها عملية دقيقة، فقد تم تصميم المسبار لهذه المرحلة ‏بحيث يتم تشغيله بشكل ذاتي ومستقل. ‏

وبعد إتمام هذه العملية بنجاح سيتم إعادة فحص واختبار جميع الأنظمة والأجهزة العلمية الموجودة ‏على متن المسبار قبل الانتقال إلى المرحلة العلمية التي سيتم خلالها إجراء أول اتصال مع المسبار ‏مع المحطة الأرضية عبر شبكة مراقبة الفضاء العميق من خلال محطتها الرئيسية في العاصمة ‏الإسبانية مدريد.‏

الفضاء محفوف بالمخاطر

‏ وأكد المهندس عمران شرف مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" أن ‏مشاريع استكشاف الكواكب دائماً ما تكون محفوفة بالتحديات والمخاطر، وخصوصاً مهام ‏استكشاف المريخ حيث أن تحديات إرسال قمر اصطناعي إلى الكوكب الأحمر تعادل 5 أضعاف ‏القيام بالمهمة نفسها حول كوكب الأرض.‏

وقال شرف إن فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ كان قد درس كل التحديات المحتملة -‏الرئيسي منها والفرعي- التي يمكن أن يواجهها مسبار الأمل في رحلته لاستكشاف المريخ، وجرى ‏أخذ جميع هذه الاحتمالات في الحسبان عند تصميم وبناء وبرمجة المسبار لمساعدته على تخطي ‏التحديات التي قد يواجهها، ولكن هذا لا يمنع إمكانية تعرض المسبار لأية ظروف طارئة قد تؤثر ‏على الجدول الزمني للرحلة أو على فرص نجاحها، وخصوصاً في مرحلة الدخول إلى مدار ‏الالتقاط حول المريخ، والتي تعد أصعب مرحلة في رحلة المسبار.‏

‏"الدقائق الـ27 العمياء"‏

وأضاف أن صعوبة مرحلة الدخول إلى مدار الالتقاط حول المريخ تعود إلى أن المسبار عليه أن ‏يخفض سرعته البالغة 121 ألف كيلومتر في الساعة إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة خلال 27 ‏دقيقة فقط، والتحدي الأكبر في هذه الدقائق هو انعدام تحكم مركز الخوانيج في دبي بالمسبار خلال ‏هذه المدة الحرجة والتي تسمى "الدقائق الـ27 العمياء"، حيث أن المسبار يعالج كافة التحديات التي ‏يواجهها في هذه الفترة بنفسه، وفي حال تعطل أكثر من اثنين من محركات الدفع العكسية، ‏سيتسبب ذلك في أن يتيه المسبار في الفضاء العميق ولا يمكن استرجاعه.‏

وتابع شرف أنه في حال استطاع مسبار الأمل دخول مدار المريخ بنجاح، ستكون دولة الإمارات ‏الخامسة في تاريخ البشرية التي تصل إلى الكوكب الأحمر، وهذا يؤكد حجم الإنجاز الذي يتحقق، ‏وخصوصاً أن نسبة نجاح الوصول إلى المدار تاريخياً لا تتعدى 50%.‏

‏5 سيناريوهات رئيسية لمصير المهمة

وحدد المهندس عمران شرف قائد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل 5 ‏سيناريوهات رئيسية لعملية دخول مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط حول المريخ، بالإضافة إلى ‏العديد من الاحتمالات الفرعية المندرجة ضمن كل سيناريو رئيسي، مشيراً إلى أن 3 من هذه ‏السيناريوهات ستكلل مهمة المسبار بالنجاح التام في هذه المرحلة.‏

وقال إن السيناريو الأول الذي عمل فريق المشروع على الاستعداد له طوال السنوات الماضية من ‏عمر المشروع هو دخول المسبار بنجاح إلى مدار الالتقاط عبر قيامه ذاتياً بتخفيض سرعته من ‏‏121 ألف كيلومتر ‏

إلى 18 ألف كيلو متر خلال الدقائق الـ27 العمياء والتي يكون خلالها تأخر في الاتصال بحوالي ‏‏11 دقيقة مع مركز التحكم الأرضي في دبي، وذلك من خلال أن تعمل بكفاءة أجهزة الدفع العكسي ‏التي برمجها فريق العمل سلفاً للقيام بهذه المهمة بشكل ذاتي ومن دون تدخل بشري، وحينها سيدخل ‏المسبار بشكل آمن، وفي الموعد المحدد وفقاً للجدول الزمني، إلى مدار المريخ، وتكون هذه ‏المرحلة قد كللت بالنجاح.‏

وأضاف أن السيناريو الثاني هو فقدان واحد أو اثنين من محركات الدفع العكسي ما سيترتب عليه ‏زيادة المدة الزمنية اللازمة للوصول إلى المسبار، وبالتالي حدوث تأخر طفيف في التأكد من إنجاز ‏هذه المرحلة بنجاح. ‏

وتابع: السيناريو الثالث والرابع الذي لا نتمنى حدوث أي منهما هو تعطل أكثر من اثنين من ‏محركات الدفع العكسي الستة للمسبار وفشل عملية الدخول إلى مدار الالتقاط ما يمكن أن يترتب ‏عليه تحطم المسبار بعد اصطدامه بالمريخ أو أن يتجاوز الكوكب الأحمر ويتيه في الفضاء ولا ‏يمكن استعادته، أما السيناريو الرابع والأخير فهو وصول المسبار بنجاح إلى مدار الالتقاط حول ‏المريخ مع فقدان الاتصال الدائم به، موضحاً أن ذلك سيعد نجاحاً جزئياً لمهمة "مسبار الأمل" ‏بوصولها إلى هذه المرحلة المتقدمة.‏

وأكد شرف أنه رغم احتمالية حدوث أي من السيناريوهات السابقة أو غيرها إلا أن فريق المشروع ‏كان قد عمل على وضع خطط بديلة في مراحل تطوير وبرمجة المسبار لجميع هذه السيناريوهات، ‏ولذا نحن على ثقة أن جهود‎ ‎الفريق الدؤوبة طوال السنوات الماضية سوف تتكلل بالنجاح بإذن الله. ‏

إنجاز 3 مراحل بنجاح

وكان مسبار الأمل أنهى بنجاح 3 مراحل في مهمته التاريخية الأولى من نوعها، منذ انطلاقه من ‏مركز تانيغاشيما للفضاء في اليابان على متن الصاروخ "إتش 2 إيه" يوم العشرين من يوليو ‏‏2020 عند الساعة 01:58 فجراً بتوقيت دولة الإمارات، وهي: مرحلة الإطلاق ومرحلة العمليات ‏المبكرة، ومرحلة الملاحة في الفضاء، ويتبقى أمام المسبار ثلاث مراحل أخرى هي الدخول إلى ‏مدار المريخ، والانتقال إلى المدار العلمي ثم المرحلة العلمية التي سيقوم خلالها المسبار عبر ‏أجهزته العلمية بجمع وإرسال البيانات حول الكوكب الأحمر، ‏

ولكل من هذه المراحل مخاطرها وطبيعتها الخاصة وتحدياتها النوعية التي تتطلب التعامل معها ‏بكل دقة وكفاءة ومهارة من جانب فريق العمل.‏

نجاح في تخطي التحديات

ويشار إلى أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" تخطى بنجاح منذ بدايته عام ‏‏2014 عدداً من التحديات كان أبرزها الظروف التي فرضتها جائحة كورونا حول العالم، وتمكن ‏الفريق من نقل المسبار من دبي إلى اليابان وإطلاقه بنجاح من قاعدة تانغاشيما. وقد استغرق ‏تطوير مسبار الأمل 6 سنوات، في حين استغرقت مهمات المريخ المشابهة من 10 سنوات إلى 12 ‏سنة، كما تم إنجاز المشروع بنصف التكلفة الاعتيادية للمشاريع العلمية الأخرى إلى كوكب المريخ ‏حيث بلغت التكلفة 200 مليون دولار، وتعتبر من بين الأقل في العالم قياسا بمهمات ومشروعات ‏مماثلة وذلك بفضل جهود الكوادر الهندسية والبحثية والعلمية الوطنية.‏

ويعد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ هو أول مشروع عربي لدراسة الكوكب الأحمر، ‏ومسبار الأمل هو محط آمال مئات الملايين من 56 دولة (عربية وإسلامية) . وهو مشروع طموح ‏لتسجيل حضور علمي وبحثي ‏

عربي مشرّف في مجال استكشاف كوكب المريخ، وعند وصول مسبار الأمل بنجاح إلى مدار ‏المريخ ستكون دولة الإمارات خامس دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز التاريخي، ضمن مشروعها ‏العلمي النوعي لاستكشاف كوكب المريخ. وهذا الوجود الإماراتي يمثّل تطلعات وطموحات دولة ‏الإمارات.‏

ويخدم هذا المشروع البشرية بشكل عام والمجتمع العلمي بشكل خاص، ويضع المعلومات التي ‏يجمعها من خلال أبحاثه في كوكب المريخ من دون مقابل في متناول أكثر من 200 مؤسسة علمية ‏ومركز أبحاث حول ‏

العالم، كما يرسخ مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ اهتمام شباب الدولة والعالم العربي لدراسة ‏العلوم والرياضيات والهندسة والتكنولوجيا والتخصص فيها، كما يسهم مشروع الإمارات ‏لاستكشاف المريخ في بناء كوادر إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء والابتكار ‏والأبحاث العلمية والفضائية. كما يسهم هذا المشروع العلمي الطموح في إحداث تحولات جذرية في ‏تطوير قدرات دولة الإمارات والعالم العربي في مجال البنى التحتية الهندسية والصناعية والعلمية ‏والبحثية.‏

ويتزامن وصول مسبار الأمل إلى مدار كوكب المريخ مع احتفالات دولة الإمارات العربية المتحدة ‏باليوم الوطني الخمسين لإعلان الاتحاد.‏