وضعت ديبورا، 36 عاماً، مولودتها بعد نحو عامَين من خضوعها لعملية زرع رحم. فهذه السيدة التي لم تكن قادرة على الإنجاب، تمكّنت من تحقيق أمنيتها ومن ضخ الحياة في جسد طفلة صغيرة بعدما خضعت لعملية زرع رحم هي الأولى من نوعها في ##فرنسا. وقد تمت ال##ولادة في مستشفى Foch de Suresnes في Hauts-de-Seine حيث كانت ديبورا قد خضعت أيضاً لعملية زرع الرحم. يُشار إلى أن ديبورا ولدت من دون رحم، وهو مرض جيني نادر يصيب امرأة واحدة من أصل 4000. وقد حصلت على رحم والدتها، ثم أصبحت حاملاً من خلال اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي.
البروفيسور جمال الأيوبي الذي أجرى عملية زرع الرحم أعرب عن رضاه الشديد عن النتيجة في مقابلة مع إذاعة France Inter. وأشار أيوبي الذي يرأس قسم الأمراض النسائية والتوليد في مستشفى فوش، إلى أن الولادة تمت بعد سبعة أشهر ونيّف من الحمل، بواسطة الجراحة القيصرية، بسبب معاناة الوالدة من "ارتفاع ضغط الدم" اعتباراً من الأسبوع الثاني والثلاثين من الحمل، مضيفاً أن "الأم والطفلة بخير، وكذلك الأب وفريق العمل". في ما يأتي وقائع المقابلة.
على صعيد التدخل الجراحي، ما هو عامل الفرق مع الولادة التقليدية؟
إنها مماثلة تماماً للجراحة القيصرية التقليدية. لا فارق على الإطلاق بين الجراحة القيصرية في حال الحمل العادي والجراحة القيصرية لدى السيدات اللواتي خضعن لزرع الرحم.
ما هي المؤشرات التي ستراقبونها الآن لدى الوالدة والطفلة؟
في ما يتعلق بالطفلة، سوف نراقب بالطبع نموّها ووزنها. في الوقت الحالي، الطفلة بصحة جيدة جداً، ووزنها طبيعي. أما الوالدة فسوف نجري لها فحوصاً بيولوجية وسريرية، مثلما هو الحال مع جميع الأمهات بعد الإنجاب. ولكن هذه المريضة سوف تخضع لمراقبة خاصة، لأن هناك دائماً بعض القلق الذي يستوجب المتابعة بعد تدخّل من هذا النوع، وبعد كل ما مرّت به. ولكن في الوقت الراهن، كل شيء يجري تماماً مثلما هو الحال مع الحوامل العاديات اللواتي يصبن بارتفاع ضغط الدم. وحتى ضغط الدم عاد إلى مستواه الطبيعي بعد الجراحة القيصرية.
تمت عملية زرع الرحم في عام 2019، والإنجاب بعد نحو عامَين. هل وجب الانتظار بضعة أشهر قبل أن تتمكّن الوالدة من الحمل بجنين في أحشائها؟
وفقاً للبروتوكول الذي اتّبعناه، كان من المقرر إجراء التلقيح الاصطناعي بعد مرور عامٍ على عملية الزرع، كي ينقضي وقت كافٍ يتيح لنا التأكّد من أن جسد السيدة قد تقبّل الرحم ولم يرفضه. كان يُفترَض أن يتم التلقيح الاصطناعي في أواخر آذار 2020. ولكن المركز حيث نعمل أقفل أبوابه خلال أزمة "كوفيد" ولم يستعد نشاطه الطبيعي إلا في شهر حزيران الماضي. إذاً قمنا بعملية التلقيح الاصطناعي للسيدة في شهر تموز. وقد تحقق الحمل بعد أول تلقيح، وأنجبت بعد مرور 33 أسبوعاً.
هل يمكنها إنجاب مزيد من الأطفال؟
بالتأكيد. ومن المقرر أن تحمل بجنين ثانٍ. هذا مدرَج في المعايير التي وضعناها. ولكن بعد بضعة أشهر من إنجاب الطفل الثاني، سوف يُنزَع الرحم كي لا تُضطر إلى الاستمرار في تناول الأدوية المثبطة للمناعة لفترة طويلة جداً.
ما هو عدد الولادات في العالم لسيدات خضعن لزرع الرحم؟
سُجِّلت نحو عشرين ولادة لسيدات خضعن لعمليات زرع رحم، وهذه العمليات قام بها بصورة أساسية الفريق السويسري الذي نعمل معه، منذ أكثر من عشر سنين، على تطوير هذه التقنية وتحسينها. سوف نواصل العمل معاً لهذه الغاية. ولكن في رصيد الفريق السويسري العدد الأكبر من الأطفال الذين ولدوا بعد خضوع والداتهم لعمليات زرع رحم حول العالم.
ما هو السبيل لتطوير هذه التقنية؟
يقع ذلك على عاتق جميع الفرق الطبية التي تعمل في هذا المجال، لأنه تدخّل طبي معقّد وطويل الأمد. في الوقت الراهن، هذه التقنية هي حكرٌ على بعض الفرق الطبية حول العالم. لا قيمة للعلوم إذا لم يتشاركها الجميع. ويجب ألا تبقى هذه التقنية حكراً على عدد قليل من الفرق الطبية. لقد أسّسنا جمعية دولية تعقد اجتماعات كل ستة أشهر، حيث نتشارك ما تحقق من تقدّم في هذا المجال كي تطّلع مختلف الفرق على مساهمات الفرق الأخرى وتُفيد منها.
لقد حصلت الوالدة ديبورا على رحم والدتها، وهذا ليس أمراً عادياً. هل هناك متابعة نفسية بعد الإنجاب؟
يشارك أكثر من عشرين باحثاً في هذا المشروع البحثي الذي انطلق قبل خمسة عشر عاماً، وبينهم اختصاصية نفسية مهمتها متابعة المريضة والواهِبة. البعد النفسي بالغ الأهمية، ويؤخَذ في الاعتبار عند اختيار الواهِبة والمتلقّية، إنما أيضاً خلال المتابعة بعد عملية الزرع ثم بعد الإنجاب.
هل تشعرون بالفخر؟
لا أدري إذا كان يمكنني الكلام عن شعور بالفخر. إنما يمكنني الكلام عن شعور كبير بالرضى، لأن هذا المشروع البحثي المستمر منذ 15 عاماً والذي يشارك فيه العديد من الباحثين المتطوعين، تمكّن من تحقيق إنجازات كثيرة لا تقتصر فقط على زرع الرحم والإنجاب بعد الزرع. نرغب ببساطة في مواصلة هذا المسار البحثي، وتحسين هذه التقنية وإتاحة الفرصة أمام مريضات أخريات للإفادة منها. ولكننا نسعى أيضاً إلى تحقيق تقدّم علمي في مجالات قريبة من زرع الرحم والإنجاب، مع الحفاظ على احترامنا للطبيعة ومرافقتنا لها.