آلان سركيس- "نداء الوطن"
يعيش "التيار الوطني الحرّ" ومعه "رفاق" محور "الممانعة" في لبنان بأكمله في حيرة من أمرهم، وهذه الحيرة سببها الموقف الروسي المتقدّم الذي يُحمّلهم مسؤولية الفشل الحكومي في لبنان.
يوماً بعد يوم، تتضح الهوة الكبرى بين التيار العوني والمسؤولين الروس، وقد يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يدفع ثمن سلوك صهره "النائب" جبران باسيل عندما كان وزيراً للخارجية، ما ولّد غضباً من الروس على هذا "التيار" وقيادته.
والباحث أكثر في الدهاليز الروسيّة يكتشف أن هناك "كيمياء" غائبة بين الروس وباسيل والسبب يعود إلى أن باسيل كان يزور روسيا عندما كان وزيراً للخارجية، ويلتقي وزير الخارجية سيرغي لافروف وعدداً من المسؤولين الروس، وبدل أن يستغل زيارته إلى دولة عظمى لتأمين مصالح لبنان، كان الروس ينتقدونه لأنه يأتي إليهم ويتكلّم بلهجة حزبية ضيقة محصورة بالزواريب اللبنانية، وكان هدفه التهجّم على خصومه في الداخل اللبناني بشكل كبير و"تنميري"، وكان يركّز هجومه على رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري الذي يُعتبر حليف الروس الأول في لبنان، ويُحمّله مسؤولية ما يحصل في البلاد في وقت كان الحريري في السراي الحكومي. ويقول باسيل للروس أيضاً أن عون، وهو من بعده، من بإمكانهما إنقاذ البلاد، فأثّرت هذه "الثرثرة" اللبنانية في موسكو بشكل كبير على الموقف الروسي تجاه عون و"التيار"، وزادت النقمة الروسية بعد إستلام عون مقاليد الحكم وعدم تطبيق أي شيء مما كان يقوله باسيل.
ولا تبدو العلاقة بين الروس والعهد قابلة للتصحيح على رغم كل محاولات مستشار رئيس الجمهورية أمل أبو زيد الذي سافر الجمعة إلى موسكو، والتقى نائب وزير الخارجية الروسي والموفد الخاص لبوتين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف لشرح موقف باسيل وعون من الإستحقاق الحكومي.
وفي معلومات "نداء الوطن" أن اللقاء بين بوغدانوف وأبو زيد لم يدم لأكثر من 35 دقيقة، ولم يحصل أي أمر جديد، ولم ينجح أبو زيد في تأمين إتصال مباشر بين بوغدانوف وباسيل، وهذه المهمة الأساسية التي ذهب من أجلها أبو زيد إلى موسكو لكسر الجليد بين الرجلين وتطرية العلاقة بين الروس والعهد، لذلك كان اللقاء مختصراً، وأكد بوغدانوف على دعم الرئيس الحريري في مهمته وعلى وجوب الإسراع في تشكيل حكومة برئاسته من دون ثلث معطّل لأحد، وفي الوقت نفسه أعاد أبو زيد القول لبوغدانوف إنهم يعملون لتأمين حقوق المسيحيين وأن عون لا يريد الثلث المعطّل من باب الأرقام إنما من باب الحق الدستوري.
إذاً، فشل أبو زيد في تأمين الإتصال الذي كان ينتظره باسيل مع بوغدانوف، حتى إنّ بيان الخارجية الروسية عن اللقاء كان ضعيفاً وتطرّق إلى العموميات التي تتكرّر دورياً، واللافت حسب المعلومات أن أبو زيد طالب بإلحاح بأن يتضمن بيان الخارجية الروسية الصادر عن اجتماعه مع بوغدانوف، إشارة إلى دعم روسي للرئيس ميشال عون أو على الأقل الحديث عن دور وجهود إيجابية لرئيس الجمهورية في هذه الأوقات الصعبة، لكن الجانب الروسي لم يقبل بهذا الأمر وبقي البيان في الإطار الكلاسيكي ونشرته وزارة الخارجية الروسية بلغتها ولم تترجمه إلى العربية.