تفيد المؤشرات الاولية الى انّ 10 في المئة من المؤسسات التجارية أقفلت او هي في طور الاقفال في العام 2021.
وسبق ان سجل القطاع إغلاق ما نسبته 20 % من المؤسسات، بين 2019 و2020، علماً ان المؤسسات التي لم تقفل بعد مستمرّة بالحدّ الادنى بعد تراجع حجم أعمالها بنسبة 90 في المئة.
تسبّبت جائحة كورونا والانهيارات المالية والنقدية بالاضافة الى انفجار مرفأ بيروت بتوقف العمل في القطاع التجاري بحسب المناطق بين 3 أشهر و6 اشهر.
وفي العام 2021 بقي القطاع مقفلا منذ 7 كانون الثاني لغاية 1 آذار الحالي، وبالتالي لم تعمل المؤسسات التجارية سوى حوالى 10 ايام فقط هذا العام «وهي كارثة موصوفة» وفق رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الذي اشار الى انه للمرة الاولى بدأت لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس كورونا تتفهم وتقتنع بالاسباب العلمية التي قدمها القطاع التجاري المدرك تماماً انّ جائحة كورونا لن تنتهي في فترة قصيرة، «وما زال الطريق طويلاً امامنا، خصوصاً مع تأخر وصول اللقاح، وبطء حملة التلقيح التي قد تستغرق سنوات عدّة».
وقال شماس لـ«الجمهورية» انّ النقطة الايجابية هي تحوّل ذهنية المسؤولين عن الامن الصحي في البلاد من ذهنية القمع الى الاحتراز، ومن الاغلاق المطلق الى الفتح المشروط، وهو ما يطالب به القطاع التجاري من اجل الحفاظ على استمرارية المؤسسات وديمومة عمل الموظفين، لافتاً الى انّ 20 في المئة من المحال التجارية قد أقفل في لبنان بسبب الأزمات التي حلّت بالبلاد، «وتفيد المؤشرات الاولية الى ان 10 في المئة اضافية من المؤسسات التجارية قد أقفلت او هي في طور الاقفال في 2021، علماً انّ المؤسسات التي لم تقفل بعد مستمرّة بالحدّ الادنى بعد تراجع حجم اعمالها بنسبة 90 في المئة».
واشار الى انّ «إعادة فتح القطاع التجاري مع بداية الشهر الحالي لم تكن على قدر التوقعات بسبب التحركات في الشارع وقطع الطرقات، بالاضافة الى الارتفاع الصاروخي لسعر صرف الدولار، مما ضرب انطلاقة القطاع من جديد».
واوضح انه مع تراجع القدرة الشرائية للمستهلك اللبناني، بات 80 في المئة من القطاع التجاري خارج الخدمة تقريباً، في حين ان الـ20 في المئة المتبقية هي المؤسسات التجارية المعنية بالمأكولات والمشروبات والمعقمات وتجار السلع المدعومة. ولفت في هذا الاطار الى انّ جميعة تجار بيروت طالبت منذ بداية الأزمة بوقف دعم السلع واستبداله بدعم مباشر لكافة الاسر اللبنانية بقيمة 1,5 مليون ليرة شهريا، «وبدلاً من اتهام كافة التجار بالاحتكار والتلاعب بالاسعار والتهريب، أوقفوا الدعم عن كافة السلع باستثناء الادوية والقمح. نحن اليوم في غنى عن تلك الاتهامات بعد ان أصبحنا على الحضيض ويقتصر عملنا على «تسكير» الخسائر، بطموح وحيد هو تسديد 100% او 75% من رواتب الموظفين».
وبالنسبة للصعوبة التي يواجهها التجار لشراء الدولار في السوق السوداء، قال شماس: «اننا نعيش اليوم كابوسا نقديا لم نشهده في تاريخ البلاد، في ظل وجود اسعار صرف متعدّدة»، لافتاً الى ان التجار على عكس تجار السلع المدعومة يحتاجون لتأمين قيمة مستورداتهم 100 في المئة بالدولار وليس 15 في المئة فقط، وبالتالي يحاولون قدر المستطاع تأمين جزء منها من السوق السوداء او من خلال بطاقات الائتمان في الحسابات الخارجية، «إلا انها مهمّة في غاية الصعوبة، وكلما ارتفع سعر صرف الدولار كلما زادت صعوبة تأمين الدولارات، وكلما تقلص الدعم واحتاج تجار المواد المدعومة للجوء الى السوق السوداء، كلما زادت الصعوبات علينا». وأكد انّ الاجراءات البوليسية تصعّب حتماً تأمين الدولارات في السوق السوداء وهي مثيرة للشفقة، وستقضي على الاقتصاد الليبرالي.
وشدّد شماس على انّ الحلول المجتزأة التي تقوم بها السلطة الحاكمة لم تعد تجدي، ولا حلّ سوى بتشكيل حكومة ببيان وزاري طموح وإنقاذي حقيقي يتيح التفاوض مع صندوق النقد الدولي تحت مظلّة المبادرة الفرنسية التي وضعت خريطة طريق متكاملة وواقعية وكفيلة بإخراج لبنان من الأزمة في غضون 5 سنوات.
اضاف: إن لم يَشرع المسؤولون في تنفيذ خريطة الطريق هذه، فنحن متجهون نحو إفلاس شامل لكافة القطاعات ونحو عنف معنوي ومادي وامني. لم يعد يوجد أمامنا سيناريو متفائل وسيناريو متشائم للمرحلة المقبلة. الخياران الوحيدان المتبقيان أمام لبنان هما إما الانهيار او الإنقاذ.
من جهة اخرى، وفيما تعلو الاصوات المطالبة بإلغاء الوكالات الحصرية افساحاً للمنافسة بين التجار وخفض الاسعار، أكد شماس انه منذ العام 1991 تمّ الغاء الوكالات الحصرية على قطاعين اساسيين هما الادوية والمواد الغذائية، «وهذا ما يهمّ المواطن والمستهلك في ظل ارتفاع الاسعار. وبالتالي، فإنّ المطالبة بإلغاء الوكالات الحصرية في القطاعات الاخرى هو لزوم ما لا يلزم اليوم بعد تراجع أرقام اعمال التجار وعدم قدرة حتى الوكلاء الحصريين على التحكم بالاسعار، لأنّ الاسعار هي التي باتت تتحكم اليوم بالتجار الذين يسعون لاستخدام كافة الاغراءات الممكنة بما فيها تخفيض الاسعار لتسييل مخزونهم المكدّس الذي يشكل عبئا ماليا بالنسبة لهم».
واعتبر شماس انّ المطالبة بإلغاء الوكالات الحصرية «لن يقدم أو يؤخر ولن يؤدي الى خفض الاسعار، بل انه شعار يدلّ على إفلاس معنوي لدى الطبقة الحاكمة». واشار في هذا السياق الى انّ الوكلاء الحصريين للعلامات التجارية الكبرى قد استثمرت خلال السنوات الـ30 الماضية بين 30 و50 مليون دولار في الترويج والتسويق، «وقد فقدت اليوم نتيجة الأزمة هذا الاستثمار، وتبخّرت تلك الاموال بعد ان تراجعت القيمة التجارية للشركات والوكالات الحصرية حوالى 80 في المئة».
المركزية