أخبار لبنان

نداء جنبلاط من بعبدا لا يلجم التصعيد

تم النشر في 21 آذار 2021 | 00:00

‏‏ كتبت صحيفة النهار تقول: على طريقة "اللهم إني بلغت" اطلق رئيس "الحزب التقدمي ‏الاشتراكي" وليد جنبلاط نداءه للتسوية الحكومية من قصر بعبدا بعد زيارة مفاجئة عكس توقيتها ‏بعد ظهر السبت السباق بين الوقائع القاتمة المتصلة بأزمة تشكيل الحكومة والموعد المفترض أن ‏يكون حاسماً للقاء الـ18 بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد ‏الحريري غداً الاثنين. ‏

وإن كانت زيارة جنبلاط لبعبدا بعد طول قطيعة دامت نحو سنة ونصف السنة حملت بذاتها ‏دلالات الخوف الكبير الذي يتملك جنبلاط حيال الأوضاع الانهيارية ومحاولته الدفع بقوة نحو ‏إتمام تسوية بين عون والحريري من دون أن يتسبب بإشكالية مع أي الافرقاء المعنيين ‏وخصوصاً الحريري فإن ذلك لا يسقط إمكان أن يلتحق نداء التسوية لجنبلاط بغيره من نداءات ‏خارجية ودولية وداخلية ذهبت كلها إدراج الرياح أمام التعنت الذي يتحكم بمسار التعامل مع ‏تشكيل الحكومة. ‏

بل إن المعطيات والوقائع المباشرة التي سبقت زيارة جنبلاط لبعبدا وأعقبتها، والتي تولى ‏ترتيبات إتمامها النائب فريد بستاني ناقلاً دعوة رئيس الجمهورية للزعيم الاشتراكي إلى اللقاء ‏بعدما طالب جنبلاط قبل أيام بتسوية بين عون والحريري، حملت معالم التصعيد والتوتر وتالياً ‏استبعاد أن يقترن اجتماع الاثنين بانفراج أو حل عجائبي في ظل هذه المعطيات. وبدا واضحاً أن ‏جنبلاط تجنب الغرق في مسالة حجم الحكومة بين 18 و20 وزيراً لئلا تفسر زيارته استدارة يفيد ‏منها عون على حساب الحريري فيما جنبلاط يتشدد في حصر حركته بالدعوة الى التسوية. وفهم ‏أنه في حديثه مع عون كان بالغ التشاؤم في تحذيره من اضطرابات متنوعة وأزمات إضافية ‏ستتعرض لها البلاد في ظل أزمة كورونا والأزمات المالية والاقتصادية ما لم يتم استدراك ‏الوضع بتسوية حكومية سريعة.‏

وأما تداعيات النبرة التصعيدية والشروط والإملاءات والتهديدات التي عممها الخطاب الأخير ‏للأمين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله فلم تغب إطلاقاً عن أجواء المشهد المأزوم ‏خصوصاً أن "التيار الوطني الحر" عاود أمس في بيانه الأسبوعي للإشادة بالخطاب بما يعني ‏ترسيخ الاعتقاد بأن نصرالله تعمد في خطابه إذكاء نزعة العهد وتياره إلى تصعيد الشروط ‏والتعقيدات في مواجهة الحريري.‏

ثم أن بعبدا سربت عبر وكالة الأنباء المركزية أمس رواية من طرف واحد لاجتماع بعبدا يفهم ‏منها توجيه إنذار إلى الحريري بوجوب العودة إلى بعبدا الاثنين بتشكيلة مختلفة عن تشكيلته ‏المقدمة إلى عون وإلا تحولت الأزمة الحكومية إلى أزمة حكم تحملها بعبدا للحريري. وتبعاً لذلك ‏اكتسب البيان البارز الذي أصدره رؤساء الحكومات السابقون فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام ‏سلام بعد ظهر امس أهمية كبيرة لكونه خاض بقوة في مواجهة الانتهاكات الدستورية للعهد ‏وعكس الغطاء السياسي الذي يحظى به الحريري في مواجهته لعملية تعطيل مهمته وضربها ‏بذرائع دستورية فيما اتهم رؤساء الحكومات السابقون الرئيس عون مباشرة وشخصياً بتشويه ‏الدستور.‏

إذاً دعا جنبلاط بعد لقائه عون إلى التسوية، معتبراً أنّها الحلّ الإنقاذي الوحيد في هكذا ظرف، ‏ومؤكداً أنّ أحداً لم يطلب منه التوسّط، وهو يعبّر عن رأيه الشخصيّ في هذا السياق. وقال: ‏‏"طلب مني الرئيس عون أن أقابله ولبّيتُ الدعوة، وعلى الجميع تجاوُز الماضي والحساسيات، ‏فالبلاد لا تتحمّل"، مشيراً إلى أنّ التسوية مطلوبة، ولستُ مكلّفاً من أحد لنقل هذا الكلام، وهذا ‏رأيي". ورأى أنّ "الأرقام لم تعد مهمة، ونعول فقط على ما تبقى من المبادرة الفرنسية"، مضيفاً: ‏‏"وصلنا إلى الجمود المطلق وسط الانهيار الاقتصادي، والجوع دق أبواب الناس، والتسوية ‏أصبحت ضرورية ولست مكلفا من أحد لأقول هذا الكلام"، مؤكداً: "ما من أحد من السفراء مهتمّ ‏بلبنان، ونعلّق فقط على ما تبقّى من مبادرة فرنسية، لذلك مبدأي التسوية". وختم: "مهمّتي تقف ‏عند الدعوة إلى التسوية، ولا مطلب درزياً لديّ".‏

أما الرؤساء ميقاتي والسنيورة وسلام، فاصدروا بياناً بعد اجتماعهم ظهر أمس أبدوا فيه "أسفهم ‏للأسلوب الذي أقدم عليه رئيس الجمهورية، الذي هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن حسب ما ‏نصّ عليه الدستور، في مخاطبته رئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة عبر بيان متلفز"، ‏ونوّهوا بـ"روح المسؤولية العالية الكاظمة للغيظ التي تمتع بها الرئيس المكلف سعد الحريري ‏والتي أبداها بترفع واتزان، إزاء المحاولات المتكررة لجره إلى شجارات ونزاعات إعلامية، كان ‏يمكن أن تطيح بآخر ما تبقى من صدقية للدولة المتهالكة"، واعتبروا أنّ "الكتاب الذي يجب أن ‏تهتدي به الدولة اللبنانية في عملها هو الدستور الذي ينبغي أن يلتزم به الجميع وفي مقدمتهم ‏فخامة الرئيس الذي هو الحَكَمْ بين جميع الفرقاء السياسيين، والذي أوكل إليه الدستور مهمة السهر ‏على احترامه والحرص على عدم خرقه، والذي يقول في الفقرة الرابعة من المادة 53 في ‏معرض إشارته إلى صلاحيات رئيس الجمهورية: (يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء ‏مرسوم تشكيل الحكومة)، ولم تنص على عبارة تشكيل بل إصدار، مشيرين إلى أنّ "مهمة ‏التشكيل انيطت حسب الفقرة الثانية من المادة 64 برئيس الحكومة المكلف استناداً إلى الثقة التي ‏منحته إياها الأكثرية النيابية بناء على الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية ‏بناء على المادة 53 من جهة أولى، ومن جهة ثانية على مسؤولية الحكومة امام مجلس النواب ‏هذا خصوصاً أن الحكومة التي تتشكل، عليها أن تتقدم من مجلس النواب ببرنامج عملها عبر ‏بيانها الوزاري لكي تنال على أساسه الثقة. فرئيس الحكومة هو المسؤول أمام مجلس النواب الذي ‏يمنحه وحكومته الثقة أو يحجبها عنه". واعتبروا "أن الممارسة التي يقدم عليها الرئيس عون ‏تشير إلى تعد وتشويه لروح ونص ومقاصد النصوص الدستورية التي يجب أن يلتزم بها الجميع ‏وفي مقدمتهم فخامة الرئيس" ورأوا أنّ "تشكيل حكومة تحظى بثقة اللبنانيين كل اللبنانيين هي ‏المهمة المركزية التي يجب التمسك بها، وهي الباب الواجب ولوجه للعبور من حالة الانهيار ‏الشامل إلى بداية الاستقرار الذي تبدأ الحكومة من خلاله باستعادة الثقة بها وبالدولة اللبنانية لدى ‏اللبنانيين ولدى أشقاء وأصدقاء لبنان في العالم، وذلك بعيداً من التهويل والترهيب ومحاولات ‏السيطرة والتحكم من أي طرف".‏


النهار ‏