أخبار لبنان

باريس تتجه "لتشديد الضغط" على المعرقلين..وباسيل على "رأس القائمة‎"

تم النشر في 30 آذار 2021 | 00:00






المصدر:"نداء الوطن"



ليس أفضل من مسرح الأونيسكو، ولا أكثر منه تجسيداً للدور المسرحي الذي تلعبه السلطة ‏أمام الناس، حيث لا يتوانى مَن نهب أموال اللبنانيين عن محاكاة "تمثيلية" استرجاع أموالهم ‏المنهوبة، ولا يتردد أرباب الهدر والصفقات والسمسرات في وضع قناع العفة والإصلاح ‏والضرب بسيف مكافحة الفساد... وليس أدلّ على هذا "الانفصام " الذي فتك بالخزينة وجفف ‏منابعها، سوى تنظير "التيار الوطني الحر" بالأمس لإنجاز إقرار قانون "استعادة الأموال ‏المتأتية عن جرائم الفساد"، بالتزامن مع الاستمرار في تمويل هدر "التيار" والفساد في قطاع ‏الكهرباء، عبر إقرار سلفة خزينة جديدة بمئات ملايين الدولارات سيتم دفعها من جيوب ‏المودعين تحت وطأة سياسة الابتزاز المزمنة بين السلفة والعتمة‎.

ولفتت مصادر معارضة لإقرار سلفة الكهرباء، إلى أنّ "الشعبوية بلغت مداها في المجلس ‏النيابي أمس، إلى درجة التعمية على الإمعان في استنزاف ما تبقى من احتياطي بالعملات ‏الصعبة من أموال المودعين لتمويل هدر الكهرباء، مقابل تسليط الضوء على مطاردة وهمية ‏لـ"راجح" التحويلات المالية إلى الخارج، مع علم جميع القوى السياسية يقيناً بأنّ الأموال ‏المنهوبة لن تتم استعادتها، لا سيما بعد اقتران شرط الاستعادة بإثبات كونها متأتية عن جرائم ‏فساد، وهي أشبه بمهمة مستحيلة في ظل مافيا مال وسلطة حبكت سمسراتها وصفقاتها بشكل ‏احترافي محكم طيلة عقود من الفساد الممنهج، هذا عدا عن تفخيخ القانون الجديد بربطه بالهيئة ‏الوطنية لمكافحة الفساد التي لم يتم إنشاؤها حتى الساعة‎".

أما على المستوى الحكومي، فلا تزال معركة "الرسائل" تتطاير شظاياها بين قصر بعبدا ‏وبيت الوسط، مرسخةً الانطباع "باستحالة عودة التعايش بين رئيس الجمهورية ميشال عون ‏ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري"، حسبما لاحظت أوساط مواكبة للملف الحكومي، ‏معربةً عن قناعتها بأنّ عون لن يتراجع عن "حرب الإلغاء" التي يخوضها ضد تكليف ‏الحريري "حتى ولو حرقت نيرانها كل البلد"، وهذا ما يبدو جلياً من أحاديثه وتسريباته ‏الصحافية، الأمر الذي يدفع إلى الاعتقاد أكثر فأكثر بأنّ "الأمور تتجه نحو مزيد من التأزيم في ‏ملف التأليف، سواءً في ظل الانسداد الداخلي، أو تحت وطأة دخول العامل الإيراني على خط ‏التصدي للمبادرة الفرنسية وإجهاض مندرجاتها التخصصية في تكوين التشكيلة الوزارية‎".

وأمام هذا الواقع، طفح كيل باريس من "التعطيل المتعمّد" الذي تمارسه القوى السياسية ‏اللبنانية وتمنع من خلاله محاولات إخراج البلد من أزمته المستفحلة، ليخلص وزير الخارجية ‏الفرنسية جان إيف لو دريان أمس إلى اعتبار أنّ "الأوان حان لتشديد الضغوط" الدولية على ‏معرقلي تشكيل الحكومة الإنقاذية، مشيراً إلى أنه تحدث مع كل من الرؤساء عون والحريري ‏ونبيه بري، مستنكراً "حالة الجمود" الحاصلة منذ أشهر في عملية التأليف "حتى مع استمرار ‏البلاد في الغرق في أزمة اقتصادية واجتماعية وإنسانية وسياسية كبرى يدفع الشعب اللبناني ‏ثمنها كل يوم وتضع البلاد في ظل توتر خطير وغير ضروري‎".

وإذ شدد على وجوب "وقف التعطيل المتعمّد فوراً"، استرعى الانتباه تصويبه بشكل خاص ‏على "بعض المسؤولين الفاعلين في المنظومة السياسية الحاكمة" باعتبارهم يعرقلون ولادة ‏الحكومة من خلال عودتهم إلى فرض "مطالب متهورة مضى عليها الزمن"، ملوّحاً في ‏المقابل بالمناقشات التي أجراها مع نظرائه الأوروبيين "بهدف تحديد وسائل تعزيز الضغط ‏الأوروبي" على المسؤولين اللبنانيين‎.

وفي هذا السياق، استشفت مصادر متابعة للحراك الديبلوماسي الداعم لتشكيل حكومة إنقاذية ‏في لبنان من كلام لودريان أنّ باريس باتت تميل إلى توجيه "رسالة ضغط حازمة إلى معرقلي ‏تأليف الحكومة وتنفيذ الإصلاحات المنشودة في الورقة الفرنسية لمساعدة لبنان"، موضحةً أنّ ‏‏"العمل يتم راهناً على تنسيق موقف فرنسي - أوروبي مشترك مع الولايات المتحدة لوضع ‏قائمة المستهدفين في الضغوط الدولية لدفعهم إلى وقف العرقلة، وعلى رأس هذه القائمة يتربع ‏رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بوصفه الطرف الذي تشير كل الأصابع إلى ‏مسؤوليته المباشرة عن رفض رئيس الجمهورية توقيع مراسيم التشكيل، خصوصاً وأنّ أوساط ‏الرئاسة الفرنسية لم تتردد في الآونة الأخيرة في تحميل باسيل بالاسم مسؤولية مباشرة عن ‏العرقلة والتعطيل، وصولاً إلى حديث وزير الخارجية الفرنسي أمس عن أطراف لبنانية ‏تشترط تحقيق مطالب توزيرية من الحقبة الماضية لتسهيل ولادة الحكومة، في إشارة واضحة ‏إلى مطالبة باسيل بحصة وزارية تمنحه الثلث المعطل في التشكيلة المرتقبة‎".