زياد سامي عيتاني*
مصر السبت الماضي كانت هي الحدث الإستثنائي.. ملأت الزمن.. وسع بها المكان.. خطفت أنظار العالم بأسره، وإنتزعت كل الإعجاب والتقدير لدرجة الذهول..
مصر جاءت ثم جاء التاريخ، بهذه الحقيقة احتفي أبناء مصر والدول العربية بالحدث الفريد من نوعه، والذي أجبر العالم على توجيه نظره إلي هذا الحدث الفريد من نوعه وهو نقل المومياوات الملكية.
أكدت "المحروسة" أنها أرض أقدم وأعظم حضارة في العالم، وأنها قادرة على تجددها وإعادة إنتاجها وإستثمارها وطنياً وكونياً على الصعد كافة، لتبقى "أم الدنيا"...
عالمية الحدث وتنظيمه وألوانه وعناصر الإبهار البصرية من خلال الصورة اليوم، يعد تأكيدا للعالم على أن مصر المعاصرة والحديثة هي دولة استثنائية تستمد أصولها من تاريخ وكيان يضرب بجذوره في أعماق الحضارة والتاريخ، وأن الحاضر بإنجازاته وإشراقه يعد امتدادا لحضارة متفرة...
**
•فعاليات إستثنائية لحدث إستثنائي:
فقد شهدت مصر، حدثاً إستثنائياً فريداً من نوعه لم ولن يتكرر، بنقل موكب أسطوري لنقل 22 مومياء لأشهر الملوك والملكات من المتحف المصري بالتحرير إلى مكان عرضها الدائم بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، والذي ضم 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات، ترجع إلى عصور الأسر 17، 18، 19، 20، من بينهم مومياء الملك رمسيس الثاني، والملك سقنن رع، والملك تحتمس الثالث، والملك ستي الأول، والملكة حتشبسوت، والملكة ميرت آمون زوجة الملك أمنحتب الأول، والملكة أحمس نفرتاري...
**
•التحضيرات إستغرقت سنة ونصف:
الاستعدادات لنقل المومياوات
بدأت استعدادات عملية نقل المومياوات، منذ حوالي عام ونصف، بدراسة شاملة لحالة كل مومياء قبل البدء في عملية التغليف واكتشاف نقاط الضعف بها وتقويتها وترميمها بأيادي مصرية، وتغليفها أحدث الطرق العلمية، وذلك اتتم عملية نقل المومياوات الملكية وفقا لإجراءات محددة تراعى فيها كل معايير الأمان والسلامة المتبعة عالميا في نقل القطع الأثرية، من خلال وضعها داخل وحدات تعقيم مجهزة بأحدث الأجهزة العلمية، ثم تحميلها على عربات تم تصميمها وتجهيزها لتلك العملية بما يضمن التحكم في الاهتزازات بهدف الحفاظ على سلامة المومياوات.
وشملت أعمال التطوير رفع كفاءة جميع الشوارع علي خط السير، وتطوير ميدان التحرير بوضع مسلة بميدان التحرير كانت مقسمة على 3 أجزاء تم ترميمها وتركيبها، وترميم ووضع 4 كباش ليست من الكباش الموجودة بطريق الكباش ولكنها من خلف الصرح الأول بمعبد آمون رع بمعابد الكرنك بمدينة الأقصر.
بالإضافة إلى ترميم سور مجرى العيون، ورفع كفاءة بحيرة عين الصيرة وإعادة توظيفها، وإنشاء جسر لربط عدد من الطرق لتسهيل الوصول إلى المتحف القومي للحضارة المصرية.
**
•شعار الموكب:
تم اختيار الشعار بصورة تعكس دلالات وسمات قوية ترتبط بالطبيعة الخاصة بالحدث، مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة، فألوان الشعار جاءت مزدوجة ما بين اللون الأزرق الداكن والذهبي، وهو ما جاء مستوحى من العقيدة المصرية القديمة.
**
•فعاليات الحدث "ملحمة" مصرية إبداعية:
شارك في فعاليات هذا الحدث المهيب ملحمة كبيرة تمثل كافة جهات الدولة التي تتكاتف معاً لتقديم هذا الحدث أمام العالم بأكمل صورة حضارية بما يليق بمكانة مصر وبعظمة الأجداد وعراقة الحضارة المصرية.
وتميزت فعاليات الموكب الذي تولتها إعداداً وإشرافاً وتنفيذاً بكل جدارة وزارة السياحة والآثار التي يشهد لها إههتمامها وعنايتها ودقتها بإختيارها كافة التفاصيل الخاصة بهذا الحدث، بدءاً من إسم الحدث باللغة العربية والإنجليزية والشعار المختار والديكورات والألوان وملابس المشاركين، والفرق الموسيقية الرسمية للدولة والتشريفة الرسمية، وشكل العربات الخاصة بنقل المومياوات، بالإضافة إلى الأغاني التي تم إعدادها خصيصاً للفاعلية، والكلمات القديمة المستخدمة لأول مرة في الغناء على المسرح، والأفلام المعدة خصيصاً لهذا الحدث.
وما يزيد الحدث الإستثنائي أهمية ورفعة أنه مصري صافٍ بكل تفاصيله الإعدادية والتحضيرية والتنفيذية، سيما وأنه قد شارك في تنفيذ وإخراج هذا الحدث حوالي 350 طالبا وطالبة، وأطفال وأشهر الفنانين المصريين، إيمانا بأنهم الأكثر ارتباطا وشعورا بالحدث لإظهار الحب والاحترام للأجداد.
كما شارك طلبة كليات الفنون الجميلة والفنون التطبيقية والتربية الفنية بجامعة حلون في تجميل الجدران الموجودة في أماكن متفرقة على طول طريق سير الموكب برسم جداريات فنية تعتمد فكرة تصميمها على توثيق تراث الحضارة المصرية القديمة بطريقة فنية.
وجاء المشاركون على النحو التالي:
-نخبة من الفنانين منهم: حسين فهمي، خالد النبوي، يسرا، محمد منير، أحمد عز، أحمد السقا، هند صبري، آسر ياسين، كريم عبدالعزيز، منى زكي، أحمد حلمي، أمينة خليل، نسمة محجوب، وأميرة سليم.
-22 سيارة لنقل المومياوات الملكية تابعة لوزارة الدفاع "قيادات قوات المظلات".
-60 دراجة نارية من تشريفة وزارتي الدفاع والداخلية.
-150 خيالا من التشريفة.
-22 من العجلات الحربية ذات الطراز الفرعوني، مصنوعة بواسطة وزارة الإنتاج الحربي يجرها 44 حصانا.
-330 طالب من كلية التربية الرياضية جامعة حلوان.
-3 فرق موسيقية بإجمالي 150 فرد من وزارة الدفاع "إدارة الموسيقيات العسكرية".
-150 قارع طبول من "إدارة الموسيقات العسكرية" بوزارة الدفاع.
**
•الأطباق البلورية
وشهد الحفل عددا كبيرا من الحركات الاستعراضية التي أبهرت الجميع، كان من بينها ظهور بعض الأشخاص يحملون أشياء بين أيديهم تشبه إلى حد كبير الأطباق البلورية، وهو الأمر الذي أثار تساؤل البعض عن سر حملها.
إذ أن سبب ظهور البعض يحمل أطباق بلورية، هي تمثيل لقرص الشمس، الذي يشع نوره لينير الظلام، وذلك سبب ظهوره بشكل يشبه البلورة المضيئة، حيث كان القدماء يستخدمونه اعتقادا مهم أنه ينير الطريق أمام موكب الملوك كرمز لنور الشمس التي تشرق على مصر، فهي رمزية تدل على أن الحضارة المصرية تنير العالم بعبقرية المصريون القدماء".
كما أن الشمس في معتقد المصري القديم، هي التي تنير وتمده بالحياة فشروق الشمس تعني ميلاد جديد وغروب الشمس يعنى الموت ومن هنا كانت مدينة الأموات في البر الغربي، حيث تختفي الشمس وتموت، ثم تبعث من جديد في يوم جديد لتعلن حياة جديدة".
***
•أوركسترا من مئة عازف:
قال المايسترو نادر عباسي، قائد أوركسترا
واكب حفل موكب المومياوات الملكية أوركسترا ضمت 100 عازفا بقيادة المايسترو نادر عباسي، و3 أصوات مصرية مختلفة شاركت في الحفل، فيما كان عدد الكورال 90 شخصا، علماً إنه لأول مرة يتم تنفيذ أوركسترا لايف مع موكب متحرك على الهواء مباشرة.
**
•نجوم يسردون تاريخ مصر:
العروض الفنية التي صاحبت الموكب الملكي تضمنت موسيقى وأغانيَ باللغة المصرية القديمة، وأفلاما وثائقية عن أشهر المناطق الأثرية في مصر، قدمها عدد من أشهر الفنانين، على رأسهم خالد النبوي ويسرا وأحمد عز ومنى زكي وأحمد حلمي وكريم عبدالعزيز ونيلي كريم وهند صبري.
إطلالة النجوم تميزت بطابعها الفرعوني، بداية من اختيار أقمشة الفساتين، مرورا بتصميم الملابس ليحاكي أزياء المصريين القدماء، وانتهاء باختيار الألوان التي تمحورت أغلبها حول الأبيض الناصع والأزرق والذهبي.
-يسرى:
النجمة يسرى كانت من أوائل النجوم الذين شاركوا في الحدث، حيث ظهرت الفنانة يسرا بفستاناً باللون الأبيض الناصع، وتتميز قصته بسبعة صغيرة من عند الصدر ووشاح طويل بنفس اللون، ونسقت معه مجوهرات فرعونية مكونة من تاج كبير مرصع بفصوص بمزيج من اللونين الذهبي واﻷزرق وأساور كبيرة في اليدين، واعتمدت مكياجاً قوياً وركزت على رسمة العيون، واختارت أن يكون شعرها الذهبي منسدلاً على كتفيها.
-منى زكي:
باللون الأزرق الذي يعد سر الحياه للقدماء المصريين، تألقت النجمة منى زكي بالموكب الملكي، بفستان بصيحة الأكتاف العريضة المنسدلة البليسة، وفتحة صدر على شكل حرف V، وقرط فرعوني كبير باللونين الأزرق والفضي حول الرقبة.
كما اعتمدت تسريحة الشعر المنسدل الملموم والألوان الهادئة بالمكياج.
-نيلي كريم:
ارتدت الفنانة نيللي فستانا طويلا باللون الأبيض، كت وبدون أكمام، مزينا بالتطريزات من أعلى، واعتمدت مكياجا قويا، وارتدت إكسسوارت مكونة من أقراط طويلة وخاتم وأسورة، واختارت تصفيفة الشعر المرفوع لأعلى.
-هند صبري:
تألقت الفنانة هند صبري بإطلالة مميزة باللون الأخضر، بفستان بأكمام طويلة وفتحة جانبية تبرز اللون الذهبي اللامع، واعتمدت في إطلالتها على ألوان القوة عند الفراعنة، ولعل أبرزها اللونين الأخضر والذهبي.
-ريهام عبد الحكيم:
تألقت المطربة ريهام عبدالحكيم بإطلالة ساحرة خلال حفل موكب المومياوات الملكية، مرتدية فستانًا باللون الذهبي ذي ذيل طويل وكرانيش على الكتف.
تألقت المطربة ريهام عبدالحكيم بإطلالة ساحرة خلال حفل موكب المومياوات الملكية، مرتدية فستانًا باللون الذهبي ذي ذيل طويل وكرانيش على الكتف.
ولإكمال إطلالتها الفرعونية، اعتمدت المطربة الشهيرة مكياجًا هادئا من الألوان الترابية خاصة البني ليتماشى مع لون الفستان، وتسريحة الشعر المنسدل للخلف.
-أميرة سليم:
تألقت مطربة الأوبرا السوبرانو أميرة سليم بإطلالة ملكية خالصة، مرتدية فستانًا أسود منفوشًا ومرصعًا باكسسوارات فرعونية وقلادات تميز ملكات مصر القديمة.
ورأى كثيرون أن إطلالة المطربة، خلال إحيائها أوبريت باللغة المصرية القديمة ضمن فقرات حفل موكب نقل المومياوات الملكية، جعلها تشبه الملكة نفرتيتي.
-آية الغرياني:
ظهرت الإعلامية آية الغرياني، بإطلالة أنيقة، في أثناء تقديمها حفل موكب المومياوات الملكية، من متحف الحضارة بالفسطاط.
وارتدت آية فستانا طويلا باللون الكافيه، من قماش المخمل، مزود بأكمام طويلة
واعتمدت مكياجا قويا، وارتدت إكسسوارت مكونة من أقراط طويلة وخاتم وانسيال، وتركت شعرها منسدلا.
•خالد النبوي بإطلالة "كاجوال":
ظهر الفنان خالد النبوي، ضمن فعاليات حفل موكب المومياوات الملكية، خلال تقديمه لعرض فيلم بعنوان "تعالوا مصر"
وارتدى خالد فست باللون الأسود، وأسفله قميص باللون الأبيض، مع بنطلون باللون الأسود.
وفي إطلالة أخرى، ارتدى جاكيت باللون الأسود وأسفله تيشرت باللون الأبيض، مع بنطلون جينز باللون الغامق، ونسق مع إطلالته إسكارف باللون الرصاصي.
وظهر بإطلالة أخري مرتديا تيشرت باللون الأسود، مع بنطلون بنفس اللون، وإسكارف باللون الرصاصي.
وطل مرتديا جاكيت باللون الزيتي، ونسق أسفله تيشرت باللون الأخضر الفاتح، مع بنطلون باللون البيج.
**
•محمد منير "أنا مصر":
استقبال أسطوري من جمهور النجم "محمد منير"، تزامن مع عرض أغنيته الجديدة "أنا مصر"، التي قام بتقديمها في حفل موكب المومياوات الملكية، والأغنية الجديدة من كلمات الشاعر أمير طعيمة وألحان هشام نزيه.
من كلمات الأغنية:
حروف اسمي في أول فصل..
في كل كتاب و كل زمان
أنا كل الفروع و الأصل..
و ليا أثر في كل مكان
أنا الشمس اللي بعتت نور..
و نورت الطريق للكل
أنا مصر اللي من غيري..
ميزان الدنيا دي يختل
**
...مصر بالأمس أهدت للعالم المهتم بالحضارة والتاريخ المصري وما بلغه القدماء المصريون من تقدم فريد وغير مسبوق شمل كافة الجوانب، قدمت هدية تحيي بها هذا الولع والانبهار من جديد في صورة أكثر بريقا وبشكل تدعمه تكنولوجيا الصورة وتثري انتشاره آليات التواصل الإلكتروني الحديثة.
إن ولع واهتمام العالم بتاريخ مصر الفرعوني وبريق نتاجه الفني والعلمي العظيم لن ينتهي مطلقا فهي بمثابة درة التاج التي تزين الحضارات الإنسانية...
**
*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.