منوعات

مصر تعيد إنتاج تاريخها وحضارتها بملحمة أسطورية للموكب الملكي

تم النشر في 6 نيسان 2021 | 00:00

زياد سامي عيتاني*‏



مصر السبت الماضي كانت هي الحدث الإستثنائي.. ملأت الزمن.. وسع بها المكان.. خطفت ‏أنظار العالم بأسره، وإنتزعت كل الإعجاب والتقدير لدرجة الذهول.. ‏

مصر جاءت ثم جاء التاريخ، بهذه الحقيقة احتفي أبناء مصر والدول العربية بالحدث الفريد من ‏نوعه، والذي أجبر العالم على توجيه نظره إلي هذا الحدث الفريد من نوعه وهو نقل المومياوات ‏الملكية.‏

أكدت "المحروسة" أنها أرض أقدم وأعظم حضارة في العالم، وأنها قادرة على تجددها وإعادة ‏إنتاجها وإستثمارها وطنياً وكونياً على الصعد كافة، لتبقى "أم الدنيا"...‏

عالمية الحدث وتنظيمه وألوانه وعناصر الإبهار البصرية من خلال الصورة اليوم، يعد تأكيدا ‏للعالم على أن مصر المعاصرة والحديثة هي دولة استثنائية تستمد أصولها من تاريخ وكيان ‏يضرب بجذوره في أعماق الحضارة والتاريخ، وأن الحاضر بإنجازاته وإشراقه يعد امتدادا ‏لحضارة متفرة...‏

‏**‏

‏•فعاليات إستثنائية لحدث إستثنائي:‏

فقد شهدت مصر، حدثاً إستثنائياً فريداً من نوعه لم ولن يتكرر، بنقل موكب أسطوري لنقل 22 ‏مومياء لأشهر الملوك والملكات من المتحف المصري بالتحرير إلى مكان عرضها الدائم ‏بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، والذي ضم 18 مومياء لملوك و4 مومياوات ‏لملكات، ترجع إلى عصور الأسر 17، 18، 19، 20، من بينهم مومياء الملك رمسيس الثاني، ‏والملك سقنن رع، والملك تحتمس الثالث، والملك ستي الأول، والملكة حتشبسوت، والملكة ميرت ‏آمون زوجة الملك أمنحتب الأول، والملكة أحمس نفرتاري...‏

‏**‏

‏•التحضيرات إستغرقت سنة ونصف:‏

الاستعدادات لنقل المومياوات

بدأت استعدادات عملية نقل المومياوات، منذ حوالي عام ونصف، بدراسة شاملة لحالة كل ‏مومياء قبل البدء في عملية التغليف واكتشاف نقاط الضعف بها وتقويتها وترميمها بأيادي ‏مصرية، وتغليفها أحدث الطرق العلمية، وذلك اتتم عملية نقل المومياوات الملكية وفقا لإجراءات ‏محددة تراعى فيها كل معايير الأمان والسلامة المتبعة عالميا في نقل القطع الأثرية، من خلال ‏وضعها داخل وحدات تعقيم مجهزة بأحدث الأجهزة العلمية، ثم تحميلها على عربات تم تصميمها ‏وتجهيزها لتلك العملية بما يضمن التحكم في الاهتزازات بهدف الحفاظ على سلامة المومياوات.‏

وشملت أعمال التطوير رفع كفاءة جميع الشوارع علي خط السير، وتطوير ميدان التحرير بوضع ‏مسلة بميدان التحرير كانت مقسمة على 3 أجزاء تم ترميمها وتركيبها، وترميم ووضع 4 كباش ‏ليست من الكباش الموجودة بطريق الكباش ولكنها من خلف الصرح الأول بمعبد آمون رع ‏بمعابد الكرنك بمدينة الأقصر.‏

بالإضافة إلى ترميم سور مجرى العيون، ورفع كفاءة بحيرة عين الصيرة وإعادة توظيفها، ‏وإنشاء جسر لربط عدد من الطرق لتسهيل الوصول إلى المتحف القومي للحضارة المصرية.‏

‏**‏

‏•شعار الموكب:‏

تم اختيار الشعار بصورة تعكس دلالات وسمات قوية ترتبط بالطبيعة الخاصة بالحدث، مستوحاة ‏من الحضارة المصرية القديمة، فألوان الشعار جاءت مزدوجة ما بين اللون الأزرق الداكن ‏والذهبي، وهو ما جاء مستوحى من العقيدة المصرية القديمة.‏

‏**‏

‏•فعاليات الحدث "ملحمة" مصرية إبداعية:‏

شارك في فعاليات هذا الحدث المهيب ملحمة كبيرة تمثل كافة جهات الدولة التي تتكاتف معاً ‏لتقديم هذا الحدث أمام العالم بأكمل صورة حضارية بما يليق بمكانة مصر وبعظمة الأجداد ‏وعراقة الحضارة المصرية.‏

وتميزت فعاليات الموكب الذي تولتها إعداداً وإشرافاً وتنفيذاً بكل جدارة وزارة السياحة والآثار ‏التي يشهد لها إههتمامها وعنايتها ودقتها بإختيارها كافة التفاصيل الخاصة بهذا الحدث، بدءاً من ‏إسم الحدث باللغة العربية والإنجليزية والشعار المختار والديكورات والألوان وملابس المشاركين، ‏والفرق الموسيقية الرسمية للدولة والتشريفة الرسمية، وشكل العربات الخاصة بنقل المومياوات، ‏بالإضافة إلى الأغاني التي تم إعدادها خصيصاً للفاعلية، والكلمات القديمة المستخدمة لأول مرة ‏في الغناء على المسرح، والأفلام المعدة خصيصاً لهذا الحدث.‏

وما يزيد الحدث الإستثنائي أهمية ورفعة أنه مصري صافٍ بكل تفاصيله الإعدادية والتحضيرية ‏والتنفيذية، سيما وأنه قد شارك في تنفيذ وإخراج هذا الحدث حوالي 350 طالبا وطالبة، وأطفال ‏وأشهر الفنانين المصريين، إيمانا بأنهم الأكثر ارتباطا وشعورا بالحدث لإظهار الحب والاحترام ‏للأجداد.‏

كما شارك طلبة كليات الفنون الجميلة والفنون التطبيقية والتربية الفنية بجامعة حلون في تجميل ‏الجدران الموجودة في أماكن متفرقة على طول طريق سير الموكب برسم جداريات فنية تعتمد ‏فكرة تصميمها على توثيق تراث الحضارة المصرية القديمة بطريقة فنية.‏

وجاء المشاركون على النحو التالي:‏

‏-نخبة من الفنانين منهم: حسين فهمي، خالد النبوي، يسرا، محمد منير، أحمد عز، أحمد السقا، هند ‏صبري، آسر ياسين، كريم عبدالعزيز، منى زكي، أحمد حلمي، أمينة خليل، نسمة محجوب، ‏وأميرة سليم. ‏

‏-22 سيارة لنقل المومياوات الملكية تابعة لوزارة الدفاع "قيادات قوات المظلات".‏

‏-60 دراجة نارية من تشريفة وزارتي الدفاع والداخلية.‏

‏-150 خيالا من التشريفة.‏

‏-22 من العجلات الحربية ذات الطراز الفرعوني، مصنوعة بواسطة وزارة الإنتاج الحربي ‏يجرها 44 حصانا.‏

‏-330 طالب من كلية التربية الرياضية جامعة حلوان.‏

‏-3 فرق موسيقية بإجمالي 150 فرد من وزارة الدفاع "إدارة الموسيقيات العسكرية".‏

‏-150 قارع طبول من "إدارة الموسيقات العسكرية" بوزارة الدفاع.‏

‏**‏

‏•الأطباق البلورية

وشهد الحفل عددا كبيرا من الحركات الاستعراضية التي أبهرت الجميع، كان من بينها ظهور ‏بعض الأشخاص يحملون أشياء بين أيديهم تشبه إلى حد كبير الأطباق البلورية، وهو الأمر الذي ‏أثار تساؤل البعض عن سر حملها.‏

إذ أن سبب ظهور البعض يحمل أطباق بلورية، هي تمثيل لقرص الشمس، الذي يشع نوره لينير ‏الظلام، وذلك سبب ظهوره بشكل يشبه البلورة المضيئة، حيث كان القدماء يستخدمونه اعتقادا ‏مهم أنه ينير الطريق أمام موكب الملوك كرمز لنور الشمس التي تشرق على مصر، فهي رمزية ‏تدل على أن الحضارة المصرية تنير العالم بعبقرية المصريون القدماء".‏

كما أن الشمس في معتقد المصري القديم، هي التي تنير وتمده بالحياة فشروق الشمس تعني ميلاد ‏جديد وغروب الشمس يعنى الموت ومن هنا كانت مدينة الأموات في البر الغربي، حيث تختفي ‏الشمس وتموت، ثم تبعث من جديد في يوم جديد لتعلن حياة جديدة".‏

‏***‏

‏•أوركسترا من مئة عازف:‏

قال المايسترو نادر عباسي، قائد أوركسترا ‏

واكب حفل موكب المومياوات الملكية أوركسترا ضمت 100 عازفا بقيادة المايسترو نادر ‏عباسي، و3 أصوات مصرية مختلفة شاركت في الحفل، فيما كان عدد الكورال 90 شخصا، ‏علماً إنه لأول مرة يتم تنفيذ أوركسترا لايف مع موكب متحرك على الهواء مباشرة.‏

‏**‏

‏•نجوم يسردون تاريخ مصر:‏

العروض الفنية التي صاحبت الموكب الملكي تضمنت موسيقى وأغانيَ باللغة المصرية القديمة، ‏وأفلاما وثائقية عن أشهر المناطق الأثرية في مصر، قدمها عدد من أشهر الفنانين، على رأسهم ‏خالد النبوي ويسرا وأحمد عز ومنى زكي وأحمد حلمي وكريم عبدالعزيز ونيلي كريم وهند ‏صبري.‏

إطلالة النجوم تميزت بطابعها الفرعوني، بداية من اختيار أقمشة الفساتين، مرورا بتصميم ‏الملابس ليحاكي أزياء المصريين القدماء، وانتهاء باختيار الألوان التي تمحورت أغلبها حول ‏الأبيض الناصع والأزرق والذهبي.‏

‏-يسرى:‏

النجمة يسرى كانت من أوائل النجوم الذين شاركوا في الحدث، حيث ظهرت الفنانة يسرا بفستاناً ‏باللون الأبيض الناصع، وتتميز قصته بسبعة صغيرة من عند الصدر ووشاح طويل بنفس اللون، ‏ونسقت معه مجوهرات فرعونية مكونة من تاج كبير مرصع بفصوص بمزيج من اللونين الذهبي ‏واﻷزرق وأساور كبيرة في اليدين، واعتمدت مكياجاً قوياً وركزت على رسمة العيون، واختارت ‏أن يكون شعرها الذهبي منسدلاً على كتفيها.‏

‏-منى زكي:‏

باللون الأزرق الذي يعد سر الحياه للقدماء المصريين، تألقت النجمة منى زكي بالموكب الملكي، ‏بفستان بصيحة الأكتاف العريضة المنسدلة البليسة، وفتحة صدر على شكل حرف ‏V، وقرط ‏فرعوني كبير باللونين الأزرق والفضي حول الرقبة.‏

كما اعتمدت تسريحة الشعر المنسدل الملموم والألوان الهادئة بالمكياج.‏

‏-نيلي كريم:‏

ارتدت الفنانة نيللي فستانا طويلا باللون الأبيض، كت وبدون أكمام، مزينا بالتطريزات من أعلى، ‏واعتمدت مكياجا قويا، وارتدت إكسسوارت مكونة من أقراط طويلة وخاتم وأسورة، واختارت ‏تصفيفة الشعر المرفوع لأعلى.‏

‏-هند صبري:‏

تألقت الفنانة هند صبري بإطلالة مميزة باللون الأخضر، بفستان بأكمام طويلة وفتحة جانبية ‏تبرز اللون الذهبي اللامع، واعتمدت في إطلالتها على ألوان القوة عند الفراعنة، ولعل أبرزها ‏اللونين الأخضر والذهبي.‏

‏-ريهام عبد الحكيم:‏

تألقت المطربة ريهام عبدالحكيم بإطلالة ساحرة خلال حفل موكب المومياوات الملكية، مرتدية ‏فستانًا باللون الذهبي ذي ذيل طويل وكرانيش على الكتف.‏

تألقت المطربة ريهام عبدالحكيم بإطلالة ساحرة خلال حفل موكب المومياوات الملكية، مرتدية ‏فستانًا باللون الذهبي ذي ذيل طويل وكرانيش على الكتف.‏

ولإكمال إطلالتها الفرعونية، اعتمدت المطربة الشهيرة مكياجًا هادئا من الألوان الترابية خاصة ‏البني ليتماشى مع لون الفستان، وتسريحة الشعر المنسدل للخلف.‏

‏-أميرة سليم:‏

تألقت مطربة الأوبرا السوبرانو أميرة سليم بإطلالة ملكية خالصة، مرتدية فستانًا أسود منفوشًا ‏ومرصعًا باكسسوارات فرعونية وقلادات تميز ملكات مصر القديمة.‏

ورأى كثيرون أن إطلالة المطربة، خلال إحيائها أوبريت باللغة المصرية القديمة ضمن فقرات ‏حفل موكب نقل المومياوات الملكية، جعلها تشبه الملكة نفرتيتي.‏

‏-آية الغرياني:‏

ظهرت الإعلامية آية الغرياني، بإطلالة أنيقة، في أثناء تقديمها حفل موكب المومياوات الملكية، ‏من متحف الحضارة بالفسطاط.‏

وارتدت آية فستانا طويلا باللون الكافيه، من قماش المخمل، مزود بأكمام طويلة

واعتمدت مكياجا قويا، وارتدت إكسسوارت مكونة من أقراط طويلة وخاتم وانسيال، وتركت ‏شعرها منسدلا.‏

‏•خالد النبوي بإطلالة "كاجوال":‏

ظهر الفنان خالد النبوي، ضمن فعاليات حفل موكب المومياوات الملكية، خلال تقديمه لعرض ‏فيلم بعنوان "تعالوا مصر"‏

وارتدى خالد فست باللون الأسود، وأسفله قميص باللون الأبيض، مع بنطلون باللون الأسود.‏

وفي إطلالة أخرى، ارتدى جاكيت باللون الأسود وأسفله تيشرت باللون الأبيض، مع بنطلون ‏جينز باللون الغامق، ونسق مع إطلالته إسكارف باللون الرصاصي.‏

وظهر بإطلالة أخري مرتديا تيشرت باللون الأسود، مع بنطلون بنفس اللون، وإسكارف باللون ‏الرصاصي.‏

وطل مرتديا جاكيت باللون الزيتي، ونسق أسفله تيشرت باللون الأخضر الفاتح، مع بنطلون ‏باللون البيج.‏

‏**‏

‏•محمد منير "أنا مصر":‏

استقبال أسطوري من جمهور النجم "محمد منير"، تزامن مع عرض أغنيته الجديدة "أنا مصر"، ‏التي قام بتقديمها في حفل موكب المومياوات الملكية، والأغنية الجديدة من كلمات الشاعر أمير ‏طعيمة وألحان هشام نزيه.‏

من كلمات الأغنية:‏

حروف اسمي في أول فصل..‏

في كل كتاب و كل زمان

أنا كل الفروع و الأصل..‏

و ليا أثر في كل مكان

أنا الشمس اللي بعتت نور..‏

و نورت الطريق للكل

أنا مصر اللي من غيري..‏

ميزان الدنيا دي يختل

‏**‏

‏...مصر بالأمس أهدت للعالم المهتم بالحضارة والتاريخ المصري وما بلغه القدماء المصريون ‏من تقدم فريد وغير مسبوق شمل كافة الجوانب، قدمت هدية تحيي بها هذا الولع والانبهار من ‏جديد في صورة أكثر بريقا وبشكل تدعمه تكنولوجيا الصورة وتثري انتشاره آليات التواصل ‏الإلكتروني الحديثة.‏

إن ولع واهتمام العالم بتاريخ مصر الفرعوني وبريق نتاجه الفني والعلمي العظيم لن ينتهي مطلقا ‏فهي بمثابة درة التاج التي تزين الحضارات الإنسانية...‏

‏**‏

‏*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.‏