منوعات

"الشيش برك".. "عسكر الباشا"!

تم النشر في 6 أيار 2021 | 00:00

•مأكولات رمضان (٦):


زياد سامي عيتاني*

إقترن شهر رمضان المبارك بالمأكولات التي تصنع من اللبن لمأدبة الإفطار، وهي أطباق متعددة، وأصناف غنية وواسعة. وسبب حضور المأكولات اللبنية بقوة عند الإفطار، مرده إضافة إلى مذاقها الشهي، أن اللبن يساعد على كسر العطش والظمأ، فضلاً عن أنه مصدر للمساعدة على عدم تعرض الجسم للجفاف خلال ساعات الصوم.

من المأكولات اللبنية التي تحجز موقعها المميز على المائدة الرمضانية: "لبن إمو"، و"كوسى باللبن"، و"الشاكرية"، و"شيخ المحشي"، و"كبة لبنية"، و"الشيش برك".

**



•تسميات اللبن المتعددة:

اللّبن هو اسم المستخدم في كل من لبنان وسوريا والعراق، اسمه العربي الفصيح الرَّوب واسمه العربي المشرقي الرائب أو الرايب، بينما اسمه العربي المغربي الخاثر، واسمه بمصر ووادي النيل عموماً زبادي، نسبة لسكبه بالزبادي على الموائد فصار لبن الزبادي، واسمه بالعثمانيّة يوغورت عن التركيّة يوغُرت، المحوّر عن الفعل الصُغدي يوغُن بمعنى كثيف أو ثقيل… يعني حليب ثقيل.

**



•"الشيش برك" (أذن الشائب):

"الشيش برك" هي عبارة عن قطع من العجين يتم حشوه باللحمة الناعمة والكزبرة وتُلف بشكل طرابيش صغيرة وتُطبخ مع اللبن، ويقدم معها الأرز بالشعيرية.

و"الشيش برك" رغم رواجها في كل من سوريا ولبنان، فهي تركية الأصل وتتضارب الروايات بشأن الإسم الذي تحمله. فهناك من يقول أنها سُميت "شيش برك" كأنها موضوعة في "العشش"، الذي تُعنى باللغة التركية السيخ أو السيف. قطع العجين يتم صفها خلال تحضيرها بآنتظام جنباً إلى جنب في الصينية مثل طابور العسكر، فأطلقوا عليها هذه التسمية. وهنالك من يقول بأنها سميت كذلك لأن قطع العجين تبرك في قاع القدر عندما تُطبخ مع اللبن.

وهنالك أيضاً من يسمي هذه الأكلة إسم "أذن الشائب"، لأن قطع العجين تُشبه شكل الأذن، وبما أنها تُطبخ مع اللبن، فإن اللون الأبيض يرمز للشيب.

بغض النظر عن أصل التسمية، فإن كلمة "برك" هي فارسية وتعني أمتعة المسافر، وشاعت في العهد المملكوي للدلالة على المتاع الخاص من الثياب وقماش. ومن المرجح أن تكون "الشيش يرك" قد سُميت كذلك لأن قطع العجين تُشبه "الصرة" التي كانت في الماضي تُوضب فيها الألبسة.

**



•الكبة باللبن:

الكبة هي أكلة شرقية تشتهر بها سوريا، لبنان، الأردن، فلسطين والعراق، وهي تختلف بعض الشيء من بلد لأخر من حيث الشكل والطعم وبعض الشيء في طرق التحضير والإعداد والتقديم.

تحضر الكبة من البرغل واللحم الهبر الطازج حيث تخلط قطع اللحم مع البرغل المغسول والمصفى وتوضع وتدق إلى أن يختلط اللحم مع البرغل ويصبح كالعجينة والتي تؤخذ وتكبكب وتحشى بلحم الظأن المفروم والمقلي والمخلوط بالمكسرات من أو الجوز أو الصنوبر، ثم تقلى بالسمن أو بالزيت.

يقال إن أصل هذه الأكلة يعود إلى تاريخ الإمبراطورية الآشورية، إذ يعتقد بعض الباحثين أن كلمة "كبة" وجدت في النصوص القديمة التي تصف وليمة الملك الآشوري آشور ناصر بال الثاني عام 879 التي ذكرت لفظ "الكبتو" الذي تطلق على كل شيء دائري أو منتفخ.

كان اسم الكبّه باللّغة البابلية "قيمو خشلو" ومعناه القمح المجروش. وجاء في تدوينات أخبار الإمبراطور الأسوري الأوّل "أشُّر ناسير پال" (أشور الموصى من بعل) الذي أخضع فينيقيا، أنّه بعد أن أكمل بناء قصره على ربوة النمرود (كالح) سنة 879 ق.ك قدّم الأنواع المختلفة من الأطعمة السوريه والفواكه لضيوفه وذكر من بين الأطعمة كُبيباته".

اليوم بات المطبخ الشرقي يزخر بأكثر من ٩٠ صنفاً من الكبة سواء المصنوعة باللحم أو النباتية. ومن هذه الأصناف "الكبة باللبن"، ذات الحضور المميز كطبق أساسي على سفرة رمضان. وهي وجبة تراثية، عبارة عن أقراص من الكبة تكون نيئة يتم طهوها عن طريق إسقاط الأقراص على قدر من اللبن المطبوخ بالنشاء، وتطبخ لفترة معينة ويتم إضافة عشبة الطرخون إليها، عادة تؤكل مع الأرز أو الخبز.



•"عساكر الباشا" (عساكر وحرامية):

عندما يُضاف إلى "الشيش برك" إضافة إلى قطع العجين أقراص الكبة المحشوة باللحم والصنوبر يتم تسميتها "عساكر الباشا"، أو "عسكر وحرامية" نسبة للمنافسة بين العجين والكبة في الطبق الواحد.

**

*باحث في التراث الشعبي.