المواجهات الدائرة في سائر أنحاء إسرائيل – فلسطين على وشك أن تصبح إحدى أسوأ نوبات العنف هناك في الذاكرة الحديثة. في هذه النسخة من "سؤال وجواب"، يشرح خبراء مجموعة الأزمات ما يكمن وراء الأحداث الانفجارية وإلى أين يمكن أن تفضي.
ما مدى خطورة أحدث اشتعالات الصراع؟
إنه خطير للغاية، جزئياً لأنه يحدث على عدة جبهات في الوقت نفسه: إجراءات الشرطة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين المحتجين على عمليات الطرد من المنازل أو الصلاة في المسجد الأقصى في القدس، والقتال عبر الحدود بين إسرائيل والمجموعات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، والمسيرات من الأردن باتجاه الضفة الغربية، والعنف في المدن الإسرائيلية المختلطة – البلدات التي تحتوي أعداداً كبيرة من المواطنين اليهود والفلسطينيين. هذه المواجهات مجتمعة على وشك أن تصبح إحدى أسوأ نوبات الاشتعال في التاريخ الحديث للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وما يزال يمكن لهذا الاشتعال أن يصبح أسوأ، أي إذا قررت إسرائيل شن هجوم بري على قطاع غزة. يُذكر أن المسؤولين الإسرائيليين ما زالوا يدرسون هذا الخيار، مع وجود الدبابات والمدفعية الثقيلة بالقرب من الحدود الشمالية للقطاع وهي منخرطة فعلاً في القتال، ولو من الخارج؛ وقد بدأ السكان في الأجزاء الشمالية من القطاع بإخلاء منازلهم رداً على ذلك. سيتعقد الوضع أكثر إذا أرسلت إسرائيل كتائبها العسكرية إلى المدن المختلطة، وهو خيار يبدو أنها تدرسه أيضاً.
حتى لو تمكن الطرفان من وقف القتال من خلال وقف إطلاق النار في قطاع غزة، على سبيل المثال، فإن جميع المشاكل الكامنة خلف الصراع تبقى ماثلة وقد ازداد لهيبها الآن، وستظل تصرخ وتنادي ببذل جهد أكثر جدية بكثير للتوصل إلى حل دائم أكثر مما تم فعله حتى الآن.
الخسائر البشرية والمادية مروّعة أصلاً. فبحلول 10 أيار/مايو، كان نحو 250 فلسطيني قد أصيبوا خلال عمليات الشرطة ضد ما بدأ بوصفه احتجاجات سلمية في القدس الشرقية. ومنذ ذلك الحين، عندما بدأت حماس، الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تحكم قطاع غزة، بإطلاق الصواريخ على إسرائيل، وشنت إسرائيل ضربات جوية انتقامية، أصبح القتال أكثر دموية. لقد سجلت وزارة الصحة في قطاع غزة إصابة 830 فلسطينياً ومقتل 119، بمن فيهم 31 طفلاً، نتيجة الضربات الجوية والمدفعية الإسرائيلية. وخلال الفترة نفسها، قُتل تسعة إسرائيليين، بمن فيهم طفل واحد، وجُرح أكثر من 400 في الضربات الصاروخية التي شنتها حماس.
في موجة غير مسبوقة من العنف، جُرح عشرات الأشخاص في سائر أنحاء المدن والأحياء الإسرائيلية المختلطة وحدثت بعض أسوأ الهجمات في اللد. في 10 أيار/مايو أضرم فلسطينيون النار في أحد الكُنس اليهودية وفي سيارات الشرطة، وأطلق يهودي مسلح النار على فلسطيني فقتله خلال التبادلات، ففرضت الحكومة على المدينة حظر تجول ليلي، انتهكه اليهود المتشددون لاحقاً. كما فرضت السلطات حالة الطوارئ – للمرة الأولى منذ فككت إسرائيل حكمها العسكري للمواطنين الفلسطينيين في عام 1966 – وحرّكت وحدات شرطة الحدود إلى المدينة من منطقة عملياتها الرئيسية في الضفة الغربية المحتلة. في 12 أيار/مايو، هاجم الإسرائيليون المتشددون جامع العمري في اللد قبل سريان حظر التجول، ما دفع رئيس البلدية، يائيير رافيفو، إلى إعلان حالة الحرب الأهلية.
واندلعت حوادث مماثلة في مناطق أخرى؛ حيث قامت مجموعات من الرعاع اليهود من إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، نظموا أنفسهم عبر الهواتف الخليوية ووسائل التواصل الاجتماعي بمطاردة ومهاجمة الفلسطينيين في عدة مدن، أحياناً تحت مرأى قوات الأمن الإسرائيلية في مناطق مجاورة. في عكا، هاجم فلسطينيون رجلاً يهودياً، وتركوه في وضع خطر. في بات يام، هاجم عشرات اليهود المتشددين يحملون العلم الإسرائيلي مواطناً فلسطينياً نقل إلى المستشفى على إثر الهجوم. في القدس الغربية، طُعن فلسطيني في 12 أيار/مايو وما يزال وضعه خطيراً. في قطاع غزة، أحدثت الغارات الإسرائيلية ضرراً هائلاً على الأبنية والبنية التحتية المدنية، حيث دمرت عدة أبراج تحتوي شققاً سكنية ومكاتب وسوّت بالأرض عدة مبان حكومية ومرافق خدمية، مثل المدارس، والمصارف، والمنازل والمجمعات الأمنية، بما في ذلك عدد من مراكز الشرطة. بحلول 13 أيار/مايو، كانت حماس قد أطلقت أكثر من 2,000 صاروخ وقذيفة هاون على إسرائيل (أخفق عدد منها في الانطلاق، واعترض معظمها نظام القبة الحديدية للدفاع الجوي، لكن بعضها سقط على تل أبيب ومناطق حضرية أخرى)؛ وكانت إسرائيل قد شنت مئات الضربات الجوية والمدفعية. قوة النيران التي استعملتها حماس، سواء من حيث عدد الصواريخ أو من حيث مداها، تفوق بكثير التصعيدات السابقة؛ وقد كان الرد الإسرائيلي سريعاً ومدمراً، ما يجعل الدمار الناجم عن هذه الحلقة من التصعيد أكبر مقارنة بحروب غزة الأربعة السابقة – في أعوام 2006، و2008-2009، و2012 و2014 – من أي من الاشتعالات السابقة التي حدثت فيما بينها.
وقد يكون الأمر الأكثر أهمية هو أن هذه المرة هي الأولى منذ انتفاضة أيلول/سبتمبر 2000 التي يرد فيها الفلسطينيون في الوقت نفسه على هذا النطاق الهائل في جزء كبير من الأراضي الإسرائيلية – الفلسطينية مجتمعة على الأثر المتراكم للاحتلال العسكري، والقمع، والاستلاب والتمييز المنهجي.
ما الذي أشعل فتيل الأحداث؟
بدأ كل شيء بعدد من الحوادث المنفصلة لكن المترابطة في القدس الشرقية، والتي تصاعدت، ثم اتخذت طابعاً عسكرياً ومن ثم انتشرت، وبنت على نقاط الصراع التي تعتمل تحت السطح منذ سنوات والتقطت بسرعة جرعة من الأوكسجين.
حدث أحد مُشعلات الصراع على مدخل المدينة القديمة في القدس عند بوابة دمشق، أو باب العامود، في مطلع شهر رمضان، 13 نيسان/أبريل، عندما حظرت السلطات الإسرائيلية على سكان القدس الشرقية التجمع على درجات البوابة وعزلت المنطقة. يشكل باب العامود مركزاً اجتماعياً لكثير من سكان المدينة القديمة من الفلسطينيين، ومنصة للفعاليات والتجمعات المدنية والثقافية. ووجد الشباب الفلسطينيون في وضع الحواجز المعدنية استفزازاً فأطلقوا ما أصبح احتجاجات تنطلق كل مساء؛ ولم تكن هذه مرتبطة بالفصائل السياسية أو أي أجندة أوسع. وخلال أيام، رد اليهود المتشددون بالسير عبر وسط القدس نحو باب العامود، وهم يهتفون "الموت للعرب". انتشر الغضب الذي أحدثته هذه المسيرات بين الفلسطينيين إلى الضفة الغربية القريبة وإلى الأردن المجاور، في حين أطلقت المجموعات المسلحة في قطاع غزة عشرات الصواريخ على إسرائيل. صوّر الفلسطينيون الهجمات على اليهود ونشروها على وسائط التواصل الاجتماعي سعياً للحصول على التعاطف والدعم، في حين تجول اليهود الإسرائيليون المتشددون في القدس الشرقية، وهاجموا العرب. بعد اثني عشر يوماً من المواجهات العنيفة في القدس الشرقية، فككت السلطات الإسرائيلية الحواجز في 25 نيسان/أبريل.
حدث بعد ذلك المُشعل الثاني على شكل غضب شعبي متنامٍ حيال حكم للمحكمة العليا في إسرائيل (تم تأجيله لاحقاً – يتعلق بمخطط لطرد أربع عائلات فلسطينية في الشيخ جراح، وهو الحي في القدس الشرقية الذي يربط المدينة القديمة بالضفة الغربية. كانت القضية تأخذ مجراها في المحاكم الإسرائيلية منذ سنوات قبل أن تصل إلى أعلى مستوياتها. نظم الفلسطينيون اعتصامات إفطار يومية احتجاجاً على عمليات الطرد، التي كانت جزءاً من عملية أوسع تشمل 27 أسرة أخرى. جذبت هذه الاعتصامات اهتمام اليهود المتشددين، الذين دخلوا حي الشيخ جراح بصحبة عضو الكنيست المنتخب حديثاً إيتمار بن غفير في 10 أيار/مايو لمقاطعة الاحتجاجات وفي بعض الأحيان مهاجمة أولئك الذين كانوا قد تجمعوا بشكل سلمي. أطلقت الشرطة الإسرائيلية الرصاص الإسفنجي والمياه العادمة، ما تسبب بمئات الإصابات. تعرض عدد كبير من الفلسطينيين لاحقاً للضرب من قبل الشرطة وهم في طريقهم إلى الاحتجاز. وتستمر التوترات والاعتقالات حتى الآن. ما ألهب الوضع أكثر في هذا الوقت كان قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في 29 نيسان/أبريل، تأجيل الانتخابات التشريعية "إلى أمد غير محدد" في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي كان من المقرر أن تجرى في 22 أيار/مايو. من المرجح أن يكون عباس قد خشي من أن حركة فتح المنقسمة التي ينتمي إليها ستحقق نتائج سيئة في الانتخابات، لكن السبب الذي ذكره للتأجيل كان غياب التطمينات الإسرائيلية من أن سكان القدس الشرقية سيسمح لهم بالمشاركة. في الواقع، فإن السلطات الإسرائيلية كانت قد عطلت الحملة الانتخابية في القدس الشرقية طوال شهر نيسان/أبريل، واعتقلت سياسيين فلسطينيين وأنصارهم. أغضبت عمليات الاحتجاز الفلسطينيين من سائر أجزاء الطيف السياسي، لأن هذه الأفعال هددت بتعطيل محاولتهم تجديد مؤسساتهم الوطنية عبر العملية الديمقراطية، كما كانت الأطراف الدولية الفاعلة تشجعهم على فعله.
أما المُشعل الرابع فكان الأكثر خطورة. ففي عشية 7 أيار/مايو، اصطدمت الشرطة الإسرائيلية مع الشباب الفلسطينيين واستعملت القوة ضد المصلين في المسجد الأقصى داخل المدينة القديمة، فجرحت العشرات. كما أغلقت الشرطة البوابات المفضية إلى المسجد، الذي يعد ثالث أقدس المواقع الإسلامية بعد مكة والمدينة. وفرض مثل تلك القيود الصارمة على الوصول، حتى عندما تكون رداً على احتجاجات عنيفة، يفضي دائماً إلى المزيد من التصعيد. فاقمت الشرطة الوضع أكثر عندما منعت آلاف المواطنين الفلسطينيين من الدخول إلى القدس في 8 أيار/مايو، ومنعت آلاف المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى للصلاة في ليلة القدر، أقدس ليالي رمضان. ثم هاجمت القوات الإسرائيلية المصلين المسلمين في الحرم الشريف في نفس ذلك المساء. في اليوم التالي، انتهكت القوات الإسرائيلية المجمع، وأطلقت القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع على المصلين، وشقت طريقها إلى المسجد وهاجمت الناس داخله. أصيب عشرات الفلسطينيين واحتجز كثيرون. في 10 أيار/مايو، شن الجنود الإسرائيليون غارة أخرى وصادروا مفاتيح البوابات الرئيسية للمسجد.
تزامنت أحداث يوم 10 أيار/مايو مع احتفالات الإسرائيليين بما يسمونه يوم القدس – الذي يرون فيه يوم إعادة توحيد القدس الشرقية، بما فيها المدينة القديمة، مع القدس الغربية خلال حرب عام 1967. وفي اليوم نفسه، كان السكان الفلسطينيون في القدس الشرقية قد تظاهروا ضد خطط اليهود المتشددين بالسير عبر المدينة القديمة نحو المسجد الأقصى. وفي أعقاب الضغوط الدولية، بما فيها الأميركية، أعادت السلطات الإسرائيلية توجيه المسيرة لتحاشي المزيد من العنف، إلا أن التوترات كانت قد ارتفعت أصلاً إلى مستويات خطيرة.
رداً على الأحداث في القدس في اليوم نفسه، حذر الجناح العسكري لحماس، كتائب عز الدين القسام، إسرائيل وطلب منها وقف العنف ضد الفلسطينيين في المدينة. وكانت الفصائل المسلحة الفلسطينية قد بدأت أصلاً بإصدار التحذيرات قبل ذلك بأسبوعين، قائلة إنها سترد على التصعيد في القدس. في 10 أيار/مايو، أصدرت غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تحذيراً يمهل إسرائيل حتى الساعة السادسة مساءً بالتوقيت المحلي لسحب قواتها من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، وإطلاق جميع أولئك الذين كانت قد احتجزتهم خلال هذه الأحداث. وبعد انقضاء الموعد النهائي بوقت قصير، أطلقت حماس رشقة من الصواريخ باتجاه القدس. ردت القوات الإسرائيلية بشن غارات جوية على قطاع غزة، فقتلت 28 شخصاً، بمن فيهم تسعة أطفال، في الساعات القليلة الأولى، وهددت برد موسع يدوم أياماً، بما في ذلك توغل بري.
كيف تختلف هذه المجموعة من الأحداث عن أحداث سابقة؟
من الناحية العسكرية، أُخذت إسرائيل على حين غرة بالقدرة العملياتية الموسعة لحماس على شن هذا العدد الكبير من الصواريخ دفعة واحدة وعلى مثل هذه الأهداف البعيدة. في 13 أيار/مايو، كشفت حماس عن صاروخ عياش الأبعد مدى، حيث أطلقت واحداً على مطار رامون الدولي خارج إيلات عند رأس خليج العقبة. وسياسياً، شكلت هذه السلسلة من الأحداث جرس إنذار بالنسبة لأولئك في إسرائيل الذي يأملون بأن الصراع "قابل للاحتواء" أو أنه انتهى إلى حد بعيد – وأن بوسعهم تجاهل القضية الفلسطينية والتظاهر بأنها تمت تسويتها لصالح إسرائيل. لقد تعمق هذا الشعور على مدى السنتين الماضيتين مع الاتفاقيات الإبراهيمية التي تطبع العلاقات بين إسرائيل ودول مهمة في الخليج العربي واستمرار تحسن الاقتصاد والأحوال المعيشية في إسرائيل. كما رأى القادة الإسرائيليون حماس تتحرر من القيود المفروضة عليها في غزة باستخدام التصعيد مع إسرائيل لمحاولة التفاوض على تنازلات فيما يتعلق بالقدس، وليس فقط رفع الحصار عن غزة، كما كانت قد فعلت في الماضي. وبفعل ذلك، بدا أن حماس تغتصب قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية من الرئيس عباس والسلطة الوطنية التي تقودها حركة فتح.
في حين أن حروب أعوام 2006، و2008-2009، و2012 و2014 تركزت جميعها على قطاع غزة، فإن الجولة الجديدة من القتال، بما في ذلك في غزة، أعادت التأكيد على مركزية القدس في الصراع. لقد بات الوضع المتغير صعوداً في القدس الشرقية – في الحرم الشريف وفي أحياء مثل الشيخ جراح – يرمز إلى عناصر جوهرية يتسم بها الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الأوسع وتجارب الفلسطينيين الذين يعيشون هذا الصراع. وقد أوصلت التبادلات الأخيرة في القدس هذه العناصر إلى ذروتها، ووجدت صدى مشتركاً لدى جميع التجمعات الفلسطينية المتناثرة جغرافياً، بما في ذلك في الشتات. دأب الفلسطينيون، وبتواتر متزايد في هذه الاحتجاجات، على دعوة حماس، التي تصف نفسها بأنها حركة تحرر وطني ومقاومة إسلامية، إلى التدخل وفعل شيء ما، ما يجعل الحركة في أعين الفلسطينيين حصناً منيعاً ضد العدوان الإسرائيلي، على عكس فتح في الضفة الغربية. وفي هذه الاحتجاجات نفسها، وجّه الفلسطينيون إهانات إلى عباس والسلطة الفلسطينية بسبب عدم فعاليتهما في الدفاع عن القدس، خصوصاً بعد أن كانوا استعملوا المدينة ذريعة لإلغاء الانتخابات التشريعية الفلسطينية. وبالفعل، فطوال الأحداث التي جرت خلال الشهر الماضي، تعرضت السلطة الفلسطينية بشكل دائم للسخرية. وبالمقابل، ظلت السلطة صامتة نسبياً حيال هذه التطورات، بينما قامت بقمع الاحتجاجات في الضفة الغربية التي اندلعت تضامناً مع الفلسطينيين في القدس الشرقية.
الأمر الجديد هذه المرة، والذي سيحمل تداعيات أبعد مدى دون شك، كان الغضب الشعبي للفلسطينيين في سائر أنحاء إسرائيل – فلسطين، كما لو أن الحدود – وخصوصاً الخط الأخضر، وهو خط الهدنة الذي وُضع بعد حرب 1948 ويفصل اليوم بين إسرائيل والضفة الغربية – قد تلاشى. انتشرت الاحتجاجات من الرملة واللد إلى يافا، وحيفا، وأم الفحم، والناصرة، ورهط، والخليل، ونابلس، وترشيحا، وبيت لحم، وطولكرم، وجنين ومخيم قلنديا للاجئين في نوع من التحرك غير المنظم الذي عم فلسطين بأكملها، ويواجه بوحشية الشرطة. حدثت التعبئة رغم عقود من المحاولات الإسرائيلية لفصل القدس الشرقية فعلياً عن عمقها في الضفة الغربية، وهي جزء لا يتجزأ منها، على مدى العقدين ونصف العقد الماضيين منذ توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993، وفصلت المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل عن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ عام 1948.
إن الطبيعة واسعة الانتشار للقتال والاضطرابات يعني أن وقف إطلاق نار واحد لن يعيد الهدوء، حتى لو خفف حدة العنف.
ما الذي يقوله القادة على جميع الأطراف؟
في أعقاب الانتخابات الإسرائيلية في 23 آذار/مارس التي لم تنشأ عنها بعد حكومة ائتلافية جديدة، يتبنى الساسة الإسرائيليون مواقف متشددة. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع بيني غانتس، إضافة إلى خصميهما الرئيسيين يائير لبيد ونفتالي بينيت، قالوا جميعاً إنهم يريدون توجيه ضربة كبيرة لحماس. في 11 أيار/مايو، أعلن نتنياهو "لقد دفعت حماس والجهاد الإسلامي – وأقول لكم هنا - وستدفعان ثمناً باهظاً جداً لعدوانهما. وأقول هنا هذا المساء – إنهم يتحملون مسؤولية هدر دمائهم."
حذر غانتس في 12 أيار/مايو من أن "إسرائيل ليست مستعدة لوقف لإطلاق النار. وليس هناك حالياً موعد لوقف العملية. فقط عندما نحقق الهدوء الكامل يمكن أن نتحدث عن تهدئة". المتحدث العسكري الإسرائيلي هيداي زلبرمان قال في 13 أيار/مايو إن الجيش لم يستبعد شن غزو بري: "قدمنا على دعسة البنزين". آخرون ينتقدون الحكومة لعدم امتلاكها استراتيجية بشأن غزة منذ سحبت إسرائيل الجنود والمستوطنين اليهود من القطاع في عام 2005. غيورا إيلاند، وهو ميجر جنرال متقاعد والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وبّخ القيادة في ملاحظات لمجموعة الأزمات، لأنها "حافظت على الوضع الراهن منذ 15 عاماً. الدولة تتحاشى الخيارات الأخرى، بل إنها لا تناقش استراتيجيات أخرى. إنهم يتركون الأمور تسير بقواها الذاتية".
تستفيد إسرائيل من قدرتها على خلط الكفاح الفلسطيني من أجل الحرية بأيديولوجيا حماس الإسلامية والقصف الصاروخي العشوائي على المناطق السكنية. وتستطيع أن تستخدم ذريعة القصف الصاروخي لتبرير ردها بقوة أكبر، وبشكل يبرز انعدام التوازن الحاد في القوى بين الطرفين، وتفادي تحمل المسؤولية عن هجماتها التي تقتل المدنيين بالادعاء بأن حماس، المصنفة "منظمة إرهابية"، تستعمل سكان غزة "كدروع بشرية".
لقد بدأ المعلقون والمحللون العسكريون الإسرائيليون بتجميع رواية انتصار، متحدثين عن شدة الضربة التي تلقتها حماس، وإعطاء الانطباع أن الحرب قد تنتهي خلال أيام. في هذه الأثناء، وعلى الجبهة المحلية، أوقف بينيت الجهود الرامية لتشكيل ائتلاف بديل مع لبيد قائلاً إنه سيعود للتفاوض مع نتنياهو لتشكيل حكومة. البديل هو أن تمضي إسرائيل إلى انتخابات أخرى. وفي كلا الحالتين، سينجح نتنياهو، في الوقت الراهن، في جهوده للبقاء في السلطة. لقد أصدرت حماس قائمة بمطالبها، وجميعها، على عكس ما كان يحدث في حالات التصعيد في الماضي تركزت على القدس. لقد أوضحت أنها لن تنظر في وقف لإطلاق النار إلى أن توقف إسرائيل عمليات طرد المواطنين من منازلهم في الشيخ جراح، وتخرج قواتها من المسجد الأقصى، وتسمح بحرية الوصول إلى المسجد والصلاة فيه. إضافة إلى هذين المطلبين المحوريين، دعت حماس أيضاً لإطلاق سراح جميع السجناء الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال هذه الأحداث الأخيرة وقبولها بإجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية، بما في ذلك في القدس الشرقية. وعلى عكس ما حدث في حروب غزة السابقة، تعمدت حماس استبعاد قضية غزة وركزت مطالبها بشكل حصري على القدس في إظهار واضح لعزمها على تقديم نفسها كمدافع عن جميع الفلسطينيين في سائر الأراضي الفلسطينية المقسمة.
من غير المرجح أن تحقق حماس مطالبها فيما يتعلق بالقدس – إذ ما من حكومة إسرائيلية يمكن أن تتحمل تقديم تنازلات في هذا الصدد. في غزة، سيترتب على الحركة الإسلامية النظر في مدى الدمار الذي تستطيع أن تسمح به، بالنظر إلى أن مهمة إعادة البناء ستقع على عاتقها. وبالتالي فإن هدفها النهائي سيظل غير واضح. لقد ظلت السلطة الفلسطينية صامتة إلى حد كبير، ولم تقدم أكثر من تصريحات مقتضبة تدين العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في القدس وقطاع غزة. وانتقد رئيس الوزراء محمد شتيا مجلس الأمن الدولي على عدم إصداره بياناً مشتركاً بشأن الوضع في تغريدة له في 13 أيار/مايو – إلا أن المسؤولين الآخرين في السلطة الفلسطينية لم يقولوا شيئاً آخر جديراً بالملاحظة.
دول الشرق الأوسط الأخرى عبرت عن أسفها لمآل الأحداث لكن دون أثر يذكر. وأصدرت الجامعة العربية بياناً في 11 أيار/مايو، يدين الضربات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة بوصفها "عشوائية وغير مسؤولة"، وقال إن إسرائيل كانت قد تسببت بالتصعيد بأفعالها في القدس. وأعلنت مصر "رفضها الكامل وإدانتها لهذه الممارسات الإسرائيلية القمعية في القدس". وقال وزير الخارجية سامح شكري إن القاهرة قد تواصلت مع إسرائيل في محاولة لتخفيف حدة التوترات لكنها قوبلت باللامبالاة. الأردن تباطأ في رد فعله، لكنه أصدر بيانات داعمة للفلسطينيين في القدس الشرقية وأدان الرد الإسرائيلي ثقيل الوطأة. وقد عبرت تركيا عن مشاعر مماثلة.
كما كانت ردود الفعل الدولية الأوسع خافتة أيضاً، على الأقل على المستوى الحكومي، ما يعكس مأزقاً سياسياً عميقاً فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. لقد امتنع مجلس الأمن الدولي بشكل متكرر عن إصدار بيان يدعو فيه إلى التهدئة، بسبب المعارضة الأميركية. كما أعاقت الولايات المتحدة عقد جلسة علنية لمجلس الأمن بشأن الأزمة في 14 أيار/مايو، رغم أنها وافقت على أن هذا الاجتماع يمكن أن يعقد في 16 أيار/مايو. كما في كثير من المناسبات في الماضي عندما أعاقت عمل الأمم المتحدة بشأن هذا الملف، قالت الولايات المتحدة إن تدخّل المنظمة الدولية سيعقّد دون داعٍ جهودها التي تبذلها خلف الكواليس. هذا الموقف، الذي يعكس مواقف الإدارات السابقة، يترك واشنطن معزولة دبلوماسياً. علاوة على ذلك فإن إعاقة البيانات والنقاش بشأن غزة في مجلس الأمن سيعود بالفائدة على الصين (التي تعمل على مسودات بيانات المجلس حول الأزمة مع تونس والنرويج) وروسيا، اللتان يمكن أن تستخدما ذلك عندما تريد الولايات المتحدة طرح مسائل تتعلق بسورية أو شينجيانغ للنقاش والتصويت.
بدأت إدارة بايدن عهدها وهي تأمل بأن لا تنفق الكثير من الوقت أو رأس المال السياسي على الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ولم تُظهر، حتى الآن، علامة على درجة أكبر من الانخراط. علنياً، تمسك المتحدثون باسم الولايات المتحدة بالخط الذي يوحد الإدارات الديمقراطية والجمهورية خلال اشتعال الأحداث في إسرائيل – فلسطين في حقبة ما بعد أوسلو، داعين "كلا الطرفين" إلى خفض التصعيد بينما يؤكدون على "حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها". وأجرى كبار المسؤولين، بمن فيهم الرئيس جو بايدن نفسه، وأيضاً مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية توني بلينكن، مكالمات مع نظرائهم الإسرائيليين لحثهم، على ما ذكر، على ضبط النفس؛ لكن كما هو الحال عادة، من غير الواضح ما هي الرسالة التي تلقوها. قال بايدن إن نتنياهو أخبره بأن إسرائيل ستنهي العمليات العسكرية "عاجلاً لا آجلا". أما الخلاصة الإسرائيلية لهذه المحادثة فتقول إن رئيس الوزراء أخبر بايدن بأن الضربات على غزة ستستمر. لقد أرسل بايدن مبعوثاً خاصاً هو نائب مساعد وزير الخارجية هادي عمرو، إلى المنطقة لكن دون تفويض واضح.
ودون قيادة الولايات المتحدة، من غير المرجح أن تتخذ الدول الأوروبية خطوات دراماتيكية بمفردها. الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى فرنسا، وبولندا والسويد، أصدر بيانات تؤكد على مسؤولية كلا الطرفين عن استعادة الهدوء. وقد أدان ممثلون لدول أخرى، بما فيها ألمانيا وهولندا، الضربات الصاروخية التي شنتها حماس، لكنها امتنعت عن انتقاد الأفعال الإسرائيلية. روسيا، من جهتها، اقترحت إعادة عقد اجتماعات الرباعية – الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي وهي نفسها - لمناقشة ما يمكن فعله. لكن التدخلات السابقة للرباعية لم تكن مؤثرة بشكل عام.
ما الذي سيحدث تالياً، وما الذي ينبغي أن يحدث كي تهدأ الأمور؟
أعلنت حماس مطالبها عندما أطلقت صواريخها في البداية على إسرائيل بشأن أزمة القدس. لكن من غير الواضح ما الذي يمكن أن تأمل بتحقيقه غير وقف إطلاق النار والعودة إلى ما قبل الوضع الراهن؛ وعندها ستواجه دماراً مادياً هائلاً في قطاع غزة، خصوصاً لمنشآتها وقدراتها، وإلى حد ما لقدراتها العسكرية وبنيتها القيادية. يدعي الجيش الإسرائيلي أنه قتل ما لا يقل عن مئة من مقاتلي حماس بمن فيهم قادة حتى الآن، إضافة إلى فريقها للأبحاث والتطوير. ويقول إن هذه الخسائر إضافة إلى حقيقة أن حماس استخدمت معظم الصواريخ الموجودة في ترسانتها، ستجبر المنظمة على السعي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار – وعندها سيترتب على إسرائيل أن تقرر ما ستفعله تالياً. يمكن للقوى الخارجية أن تساعد في تهيئة الأرضية لوقف لإطلاق النار. تتمتع تركيا وقطر بعلاقات وثيقة مع حماس، لكن مصر، وبسبب اهتمامها طويل الأمد بما يحدث على حدودها الشمالية، في موقع مناسب على نحو خاص لهذه المهمة. عندما دارت آخر حرب كبيرة بين إسرائيل وقطاع غزة في عام 2014، كان حكام القاهرة الجدد جديدون في مناصبهم، مباشرة بعد انقلاب عام 2013 الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، العضو في حركة الإخوان المسلمين. لم يكونوا في عجلة من أمرهم للضغط من أجل وقف لإطلاق النار، راضين على ما يبدو بأن يتلقى حلفاء مرسي الأيديولوجيون في قطاع غزة الضربات. ومنذ ذلك الحين، أصبح حكام القاهرة أكثر براغماتية، جزئياً بسبب الاتفاقيات الإبراهيمية التي تهدد مكانتهم المتميزة بوصفهم الشريك الرئيسي لإسرائيل في العالم العربي. لقد ضغطوا من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار منذ بداية القتال، في محاولة لصرف الانتباه عن التحديات الداخلية التي يواجهونها ولإظهار أهميتهم وقيمتهم الدبلوماسية، خصوصاً للإدارة الجديدة في واشنطن. لكن مع تركيز حماس على القدس، وعزم إسرائيل على سحق حماس، فإن جهودهم حتى الآن كانت دون طائل. في هذه اللحظة، لا تستطيع القاهرة أن تحقق لأي من الطرفين أقصى رغباته.
في حين أن الأمم المتحدة والأوروبيين، أيضاً، يمكن أن يلعبوا أدواراً مفيدة، فإن الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لإسرائيل، وحدها قادرة اليوم على إحداث فرق حقيقي في حسابات إسرائيل. حتى الآن، يبدو أن إدارة بايدن تكتفي بالسير خلف إسرائيل. وإسرائيل تريد أن تكون قادرة على الادعاء أمام رأيها العام بأنها فرضت ثمناً باهظاً على حماس بسبب ضرباتها الصاروخية، وأنها، على حد تعبير مؤسستها الأمنية،" استعادت الردع. لكن مع انعقاد مجلس الأمن في 16 أيار/مايو، فإن الاعتبارات الدبلوماسية للبيت الأبيض قد تتغير. كما قد تتغير اعتباراته الداخلية أيضاً. فكلما استمر القتال في إسرائيل – فلسطين لمدة أطول كلما ازدادت المخاطرة بامتداد التداعيات إلى السياسة الداخلية الأميركية وتعطيل أجندة بايدن. لقد بدأ نزيف الأزمة أصلاً بالتسرب إلى نقاشات الكونغرس.
وثمة متغير آخر يلعب دوراً في هذا التصعيد لم يكن موجوداً من قبل، أي العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين على شوارع إسرائيل نفسها. ومن غير الواضح ما إذا كان وقف لإطلاق النار مع قطاع غزة سينهي كل العنف. لكن الاستمرار بقصف القطاع الساحلي من المرجح أن يستمر في تغذية التوترات الداخلية في البلاد. ينبغي على إسرائيل أن تختار: السعي إلى وقف إطلاق نار أسرع مما قد تحب أو رؤية نسيجها الاجتماعي يتفكك بسرعة أكبر.
هذا الوضع الجديد يعطي حماس نفوذاً جديداً، لكنه يضع الحركة أيضاً في مأزق جديد. هل تستمر بالضغط للحصول على تنازلات إسرائيلية كبيرة في القدس، وهو أمر يصعب تخيله، أم تدرس ذلك النوع من الصفقات الذي لم يكن قابلاً للتحقيق في الحروب السابقة لكنه يبدو اليوم أكبر قابلية للتحقق ويقع ضمن قدرة القاهرة أو حتى استعداد إسرائيل لتقديمه، كأن تحصل على تخفيف أكبر للحصار المفروض عليها. اليوم، تقول حماس إن مثل هذه الخطوة إلى الوراء غير قابلة للبحث – وإن أنظارها موجهة إلى القدس ولديها ما يكفي من الصواريخ لحرب تدوم شهرين. لكن بمرور الوقت، واستنفاد ترسانتها، وتعاظم الدمار في قطاع غزة، والأكثر أهمية، ازدياد عدد الضحايا الفلسطينيين، قد تتمنى لو أنها سعت إلى صفقة لم تتمكن من تحقيقها في أربعة حروب سابقة.
بالنسبة لخيار إسرائيل، إذا رغبت بمنع الانزلاق إلى صراع أهلي أعمق، ينبغي أن تنهي القيود القطعية التي تفرضها على وصول الفلسطينيين إلى الحرم الشريف، وأن تسحب جنودها من الموقع في جميع الظروف إلا أكثرها سوءاً، في حين تسيطر الأوقاف الإسلامية على رمي الحجارة وغيرها من الأنشطة الاحتجاجية العنيفة هناك. كما ينبغي على إسرائيل أن تدعو فوراً إلى وقف عمليات طرد الأسر في القدس الشرقية. أو على الأقل أن تبلغ مصر وأطراف أخرى سراً بأنها ستؤجل أي إجراءات أخرى إلى ما لا نهاية.
بشكل عام، ينبغي على إسرائيل أن تدين العنف وخطاب الكراهية التحريضي، مهما كان مصدره وأن تفرض العدالة غير المنحازة على الجميع. وتقع على المسؤولين الإسرائيليين مسؤولية خاصة في محاربة الكراهية العنصرية الصادرة عن اليمين اليهودي المتطرف وأن تضمن حماية المواطنين الفلسطينيين من الشرطة ومن العنف المدني على حد سواء بنفس الطريقة التي تحمي فيها المواطنين اليهود. كما تقع على القادة الفلسطينيين في إسرائيل مسؤولية موازية في مجتمعاتهم. كثيرون حول العالم، وخصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا، فوجئوا بصور العنف الذي تمارسه جماعات الدهماء اليهودية، لكن المشاعر التي يجسدها هؤلاء لم تنشأ بين ليلة وضحاها، بل إنها طالما حظيت بالرعاية والموافقة من أعلى مستويات الدولة. إن تخفيض حدة التحريض الإثني مسألة محافظة على الذات بالنسبة للأغلبية اليهودية، لأن البديل المتمثل في تصاعد الصراع الأهلي، يلوح أصلاً في الأفق.
للاطلاع على النحقيق باللغة الانكليزية