كان ينقص لبنان الغارق في عتمة المصائب والمزنّر من كل حدب وصوب بأزمات مستعصية، عاصفة ديبلوماسية كتلك التي هبت قبل 48 ساعة على خلفية كلام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه.
وإذا كان قرار وهبه بالتنحي عن مهامه قد ساهم إلى حد ما في تنفيس أجواء التوتر في الداخل اللبناني، وصولا إلى دول مجلس التعاون الخليجي وتحديدا المملكة العربية السعودية، إلا أن الخشية من أن تكون مفاعيل الأزمة سببا في تجميد الحركة التي تقوم بها المملكة من خلال سفيرها في لبنان وليد البخاري على الخط السني لاستعجال تشكيل حكومة إختصاصيين ومستقلين لا أكثر ولا أقل. فهل تبطئ "عاصفة وهبه" الحراك السعودي أم تكون المفتاح الذي سيسرع في عملية التشكيل على قاعدة "ربّ ضارّة نافعة".
"مما لا شك فيه أن تصريحات وهبه أحدثت صدمة لدى الرأي العام اللبناني ودول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها السعودية إلأ أن ردود الفعل أمس واليوم أثبتت أنها وطنية بامتياز وليست شأنا إسلاميا سنيا بحتا". بهذه العبارات يبدأ رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط كلامه عن تداعيات عاصفة الوزير وهبه ويوضح عبر "المركزية" أن "العلاقات بين لبنان والسعودية ودول الخليج العربي تاريخية ومتجذرة، ولا يغيب عن بال أحد الدور الذي لعبته المملكة ودول الخليج في إنقاذ لبنان واخراجه من مستنقع الحروب العبثيه قبل وثيقة الطائف وبعدها ، واحتضان دول الخليج العربي للبنان الدولة والمؤسسات والشعب".
ما بعد العاصفة ليس كما قبلها، ومحركات المملكة والمساعي التي بدأها البخاري على خط الملف الحكومي لن تُطفأ بحسب الشيخ عريمط "على العكس قد تسرع في تشكيل حكومة إختصاصيين لا تنتمي ولا تتأثر بالصراعات السياسية الحاصلة على الساحة اللبنانية، وغير مرتبطة بتنظيمات حزبية، لأن الهدف إنقاذ لبنان دولة ومؤسسات وشعبا، وليس الإستماتة في الدفاع عن هذا الزعيم أو ذاك المسؤول، أو الدخول في لعبة المحاور".
وعن حراك السفير البخاري في الشارع السني قال "أثبتت التجارب أن السعودية لا تتدخل في الأسماء ولا في استبعاد هذا أو تقريب ذاك. ما يهم المملكة أن يكون لبنان حرا سيدا عربيا مستقلا وأن ينهض من كبوته وهذا لا يتحقق إلا من خلال حكومة تشبه لبنان العيش الواحد المتنوع، وليس لبنان الذي يشكل حديقة خلفية لإيران ومشروعها المذهبي في المنطقة، وخير من يقوم بهذه المهام الرئيس المكلف سعد الحريري بما له من علاقات عربية ودولية ".
الدور الذي تلعبه المملكة في تسريع تشكيل الحكومة لا يقارن بالمحور الإيراني "فالمشروع الإيراني ليس عربيا، وهو، اي الايراني، عمل ويعمل باستمرار على إنشاء جيوش بديلة عن الجيش الوطني ويدعمها. في المقابل، لم تتدخل المملكة العربيه السعودية وقيادتها، ولم تنشئ يوما ميليشيا تابعة لها لا في بيروت ولا سوريا ولا العراق ولا اليمن؛ ولم تحجز يوما لا موقع الرئاسة الأولى أو الثانية أو الثالثة. المشروع الإيراني فعلها عبر حلفائه في لبنان. من هنا لا تصح المقارنة".
إذا سلمنا بمقولة "ربّ ضارة نافعة" هل ثمة بوادر لولادة الحكومة قبل أن يلفظ لبنان دولة ومؤسسات وشعبا أنفاسهم الأخيرة؟
يجيب الشيخ عريمط بسؤال: "هل لدى الرئيس ميشال عون ورئيس الظل جبران باسيل النية في أن يكونا جزءا من مشروع نهوض البلد، أم أنهما يؤسسان لعقد إجتماعي جديد، أو مؤتمر تأسيسي جديد نزولا وتلبية لرغبة المشروع الإيراني عبر ذراعه في لبنان حزب الله؟ وهل لا يزال عون وباسيل متمسكين بدستور وثيقة الطائف الذي أقسم عليه الرئيس عون اليمين في المجلس النيابي فور انتخابه رئيسا، أم أنه يسعى لاستبدال وثيقة الطائف بأخرى تشبه اتفاق مارمخايل بينه وبين حزب الله والنفوذ الايراني في لبنان"؟.
ويختم: "مجرد الإجابة على الأسئلة يعطي الجواب اليقين على موعد ولادة الحكومة الموعودة".
المركزية