عرب وعالم

لهيب الجدل يهز العراق.. ما سرّ الـ15 ساعة بعد هجوم الكاظمية؟

تم النشر في 8 حزيران 2021 | 00:00

أعلنت وزارة الداخلية العراقية أن إخفاء طبيعة هجوم مدينة الكاظمية جاء للقبض على المنفذين ‏وهو ما حصل لاحقاً، بعد نحو 15 ساعة فقط من الهجوم وموجة تكهنات وتضارب معلومات ‏عاشتها بغداد خلال الأيام الماضية‎.‎

وأدى انفجار بمطعم مزدحم في حي الكاظمية شمال غربي بغداد، الخميس الماضي، إلى مقتل 4 ‏أشخاص وإصابة 20 آخرين، وفقا لمسؤولين عراقيين‎.‎

وقالت القوات العراقية في بادئ الأمر، إن التفجير كان عبارة عن أنبوبة غاز في أحد المطاعم ‏الشعبية، دون وجود هجوم إرهابي، فيما نقلت وسائل إعلام محلية، عن مصادر أمنية وخبراء ‏مطلعين بأن الهجوم إرهابياً وكان بعبوة ناسفة‎.‎

وجاء في البيان الأول لخلية الإعلام الأمني، أن جسما مجهولا انفجر قرب منطقة باب المراد في ‏الكاظمية وأن طواقم متخصصة تحقق للتأكد من نوع الانفجار، فيما حسم البيان الثاني الأمر بأن ‏أنبوبة غاز تسببت بالحادثة

حرب مصادر

وشهدت العاصمة بغداد خلال الأيام الماضية جولة من تضارب المعلومات وحرب المصادر ‏وتراشق الاتهامات بين وسائل إعلام تصر على وقوع عمل إرهابي وأخرى تكتفي بما قالته ‏المؤسسات الرسمية بأن ما حصل كان حادثاً تسبب به أنبوب غاز‎.‎

كما تبادلت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع مرئية بشأن الحادثة مع الاعتماد ‏على تحليلات وتكهنات بشأنها، وفيما إذا كان هناك عمل إرهابي أم حادث طبيعي‎.‎

ومما زاد لهيب هذا الجدل، تبني تنظيم داعش للهجوم الذي وقع في منطقة تتمتع بحماية كبيرة ‏وانتشار مستمر لقوات الشرطة المحلية‎.‎

وقال تنظيم داعش الإرهابي في بيان نشره على مواقعه الخاصة إن "مفرزة أمنية من مقاتليه ‏نجحت في اختراق التحصينات الأمنية للحكومة العراقية، وقامت بتفجير عبوة ناسفة على تجمع ‏للشيعة أمام ضريح لهم في منطقة الكاظمية في بغداد‎".‎

‎15 ‎ساعة فقط

وعلى وقع هذا التراشق، خرج رئيس خلية الإعلام الأمني اللواء سعد معن عن صمته، حيث ‏كشف تفاصيل جديدة بشأن طبيعة الحادثة والقبض على المتسببين خلال 15 ساعة فقط بعد ‏الواقعة‎.‎

وقال معن في بيان إن إخفاء الأجهزة الأمنية وجود "عمل إرهابي" في التفجير الذي وقع في ‏مدينة الكاظمية مساء الخميس الماضي، وأودى بحياة 4 أشخاص وإصابة 20 آخرين، كان ‏‏"متفق عليه" لتسهيل اعتقال المنفذين‎.‎

أضاف أن "تفجير الكاظمية ومن خلال تواجد القادة في مكان الحادث تبيّن أن العمل فيه إرهاب، ‏لكن تم الاتفاق مع الجهات المعنية بعدم الإعلان عن القصة بهذا الاتجاه، واكتفينا ببيان خلية ‏الإعلام الأمني الثاني، حتى تكون هناك مباغتة إعلامية باتجاه العمل الاستخباري في عملية إلقاء ‏القبض وطمأنة للمنفذين الإرهابيين وسهولة الوصول إليهم‎".‎

وتابع أن "جهداً ميدانياً لمدير وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية الفريق أحمد أبو رغيف ‏أسفر عن القبض على المتهم الأول في مناطق أطراف بغداد، خلال أقل من 15 ساعة، وللأسف ‏فإن المتهم الذي تم القبض عليه هو منتسب"، مشيراً إلى أن "الجهد الثاني كان للأمن الوطني ‏وبالتنسيق مع الجهات المعنية، وأسفر عن القبض على المتهم الثاني، خارج بغداد‎".‎

تفجيرات حميدة

وأعاد هذا التكتيك إلى الأذهان، ما حصل خلال فترة تفجيرات داعش في بغداد وبعض المدن، ‏حيث كانت القوات العراقية تقوم بتفجيرات وهمية عقب تلقيها البيانات المطلوبة من أشخاص ‏زرعتهم داخل التنظيم المتطرف، والذين توكل إليهم مهمة إيصال السيارة المفخخة في المكان ‏المحدد‎.‎

وفي تشرين الثاني عام 2017، كشف وزير الداخلية آنذاك قاسم الأعرجي أن قوات بلاده كانت ‏تقوم بتفجيرات وهمية في العاصمة بغداد؛ بهدف التمويه على عناصر تنظيم "داعش"، ومنع ‏الكشف عن المخبرين العاملين مع التنظيم‎.‎

وقال الوزير العراقي، إن القوات العراقية "أحيانًا تدفع ثمن السيارة التي تنقل قنبلة إلى بغداد، ‏وتسمح لها بالتفجير في مكان استهدفه داعش، حيث نطلب من مواطنين متفق معهم، التحرك ‏وكأنهم ضحايا في مكان الحادث، ثم ندلي ببيان رسمي عن عدد كاذب للضحايا‎".‎

الخبير في الشأن الأمني العراقي، العميد المتقاعد، حميد العبيدي، يرى أن "التكتيك المتبع في ‏العملية، أثبت جدارته من خلال طمأنة الارهابيين، بأن القوات العراقية، لا تبحث عنهم، وهو ما ‏ساهم بإبقائهم في أماكنهم، أو ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، دون الإحساس بأية ملاحقة‎".‎

ومضى العبيدي قائلا في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الحس الاستخباري، لا بد أن يكون ‏حاضراً في مثل تلك العمليات، وتقديم التفكير الاستخباري على الممارسة الميدانية، على رغم ‏الضغوط التي تتعرض لها المؤسسة الأمنية، بضرورة الكشف عن المتهمين بسرعة، وهو ربما ‏ما لا تدركه بعض وسائل الإعلام وحتى بعض المسؤولين والنواب في البرلمان‎".‎

وحظى تفجير الكاظمية، باهتمام بالغ من قبل الأوساط الشعبية والسياسية، بسبب رمزية المكان، ‏حيث تضم مرقد الإمام موسى الكاظم، وهي محاطة، بعشرات من كاميرات المراقبة، فضلاً عن ‏كاميرات أخرى متطورة موضوعة على أبراج مرتفعة، وترصد على بعد أكثر من كليو متر، ‏فضلاً عن انتشار مكثف للشرطة المحلية في محيط المنطقة‎.‎

وتشهد هذه المنطقة زخماً بشرياً بشكل يومي، حيث يتوافد الزائرون إلى المرقد الديني، فضلاً ‏عن الرحلات القادمة من الدول الأخرى، خاصة إيران، وما يعني ذلك للسياحة الدينية التي يتمتع ‏بها العراق‎.‎





سكاي نيوز عربية