عرب وعالم

ملايين السوريين يواجهون شبح المجاعة

تم النشر في 19 حزيران 2021 | 00:00

انتهت قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتن، الأربعاء، دون ‏الإعلان عن اتفاق واضح بشأن الممرات الإنسانية في سوريا، رغم أنه كان أحد ‏الملفات المطروحة في القمة، وهو ما سيترك ملايين السوريين في مواجهة ‏المجاعة‎.‎

وبعدما انتهت القمة، قال بايدن إنه ناقش مع بوتن ضرورة فتح ممر إنساني في ‏سوريا، وليس من الواضح كيف رد الرئيس الروسي على هذا الطلب‎.‎

لكن مسؤولا أميركيا قال في وقت لاحق إن بوتن لم يقدم أي تعهد في هذا الشأن‎.‎

ومن المقرر أن تنتهي صلاحية قرار دولي يسمح بمرور المساعدات الإنسانية إلى ‏سوريا عبر الحدود التركية في 10 يوليو، إذ تعتزم واشنطن إضافة معبرين مع ‏تركيا والعراق لدى بحث تمديد القرار الدولي، وسيكون ذلك اختبارا للتوافق بين ‏الزعيمين‎.‎

والممرات الإنسانية ضرورية في سوريا، حسب الأمم المتحدة، لتقديم يد العون ‏لثلاثة ملايين سوري في الشمال السوري، كثير منهم نزحوا عن ديارهم بسبب ‏الحرب الأهلية المندلعة منذ 2011‏‎. ‎

مرحلة حرجة للغاية

وفي ظل هذه المعادلات الدولية، أصبحت الأحوال الميعيشية في الشمال السوري، ‏ومن بيهما شمال شرق سوريا صعبة، بل إنها دخلت مرحلة حرجة جداً، وهو أمر ‏عبرت عنه المؤسسات الأميركية صراحة خلال الأيام الماضية‎.‎

وتحوّلت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في الريف الممتد من الحدود مع ‏العراق شرقا، وحتى مناطق نهر الفرات ومنطقة الطبقة شمال وغربا في سوريا، ‏إلى أراض بور‎.‎

ولم يعد لدى مئات آلاف الريفيين الذين لا يحصلون على الحد الأدنى من حاجاتهم ‏الغذائية الطبيعية، أي أمل بانفراج قريب‎.‎

ويقول المعمر صبحي الفنجان المنحدر من قرية خويتلة عنزة السورية في حديث ‏مع موقع "سكاي نيوز عربية: "لقد عاشرت الكثير من الناس الذين عاشوا مرحلة ‏المجاعة التركية، قبل 100 عام تقريباً، وقتها لم نكن نصدق ما كان يروى لنا، ‏لكني الآن متيقن من كل تفصيل مما كان يقوله الآباء‎".‎

ويتابع: "فاليوم مثل وقتئذ، لا يجد ما يأكلونه، والمتوفر منها غالي الثمن مقارنة بما ‏يحصل عليه الناس جراء أعمالهم، خصوصاً وأن أهل القرى ليس لديهم أية أعمال ‏مطلقاً الآن‎".‎

وتعيش منطقة شمال شرق سوريا في ظل حكم ذاتي، تحميه قوات سوريا ‏الديمقراطية، حالة من الحصار الاقتصادي، يمنع التصدير والاستيراد من المناطق ‏المحيطة بها: تركيا والعراق والحكومة السورية، حيث تحاول هذه الجهات الثلاثة ‏الحصول على تنازلات سياسية وعسكرية من تلك المنطقة مقابل السماح لهذه ‏المناطق بالتصدير‎.‎

العقوبات والمناخ‎ ‎

‎ ‎وكان تصدير النفط بكميات محدوة من المنطقة يسمح للإدارة الذاتية التي تشرف ‏على المنطقة بتوفير بعض الأموال بعض احتياجات السكان، إلا أن العقوبات ‏الأميركية وفي القلب منها "قانون قيصر" أدى إلى نهاية هذا الأمر، وتسبب بقطيعة ‏مع مناطق الحكومة السورية، وهو ما أثر على توفر المواد الغذائية‎.‎

وفاقم المناخ من مأساة تلك المنطقة، إذ أدى الجفاف الاستثنائي، المتمثل بتساقط ‏الأمطار إلى مستوى 15 بالمئة مما كان عليه خلال العامين الماضيين، مما أطاح ‏بأكثر من 90 بالمئة من المساحات المزروعة، البعلية منها من مادتي القمح ‏والشعير. ونفاذ مادة الشعير خفض من أسعار المواشي، مما دفع بمالكيها لتصديرها ‏بشكل متسارع، بالذات إلى العراق، مما يهدد بفقدان اللحوم والحليب ومشتقاتها، ‏وهو ما يؤثر على الصحة العامة للأطفال ومستقبلهم الصحي والجسماني‎.‎

ويعتقد المراقبون أن اجتماع مجلس الأمن الدولي بعد تاريخ 10 تموز المقبل، وهو ‏التاريخ الذي تنتهي فيه مهلة قرار مجلس الأمن 2533 الخاص بإدخال المساعدات ‏الإنسانية إلى سوريا، سيكون بمثابة اختبار نهائية لجهود التفاوض بين الطرفين‎.‎

كان هذا القرار يتجدد بشكل روتيني كل عام منذ 2014، لكن التهديد الروسي ‏باستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن، كان يُجبر باقي دول مجلس الأمن ‏القبول بالفروض الروسية التي تحدد منفذا حدودياً واحداً لدخول المساعدات الأممي، ‏وهو معبر "باب الهوى" بين سوريا وتركيا، وهو ما كانت الولايات المُتحدة تعتبره ‏ابتزازاً سياسياً‎.‎

وترى الولايات المتحدة أن وقوع المجاعة في شمال شرق سوريا هي بمثابة مس ‏بالاستقرار في تلك المنطقة وتالياً بؤرة محطمة غير مستقرة تماماً، يُمكن لها ان ‏تستقطب آلاف المتطرفين من أنحاء العالم، وفق مراقبين‎.‎

دعوات إنسانية

المنظمات والقوى الدولية أصدرت بيانات ودعوات لروسيا للقبول بالمساومة ‏الأميركية والسماح بافتتاح معبر "اليعربية" على الحدود مع سوريا والعراق، ‏لإدخال جزء من المساعدات الإنسانية، والتي تُقدر بكمية ضخمة للغابة، تقارب 40 ‏ألف طن من المواد الغذائية والحاجات الصحية والأدوات المساهمة في عملية ‏التصنيع الغذائي‎.‎

وتقول الناشطة السياسية المدنية بهار سطام إن روسيا تسعى إلى ديناميكية مضادة ‏‏"في باطن وعيها السياسي، تعتقد تركيا بأن منع المساعدات الإنسانية الدولية ستدفع ‏سكان شرق الفرات إلى تصعيد احتجاجاتهم في وجه سُلطة حُكم تلك المنطقة، وتالياً ‏إمكانية دفع النظام السوري للعودة والسيطرة على تلك المنطقة تحت ساتر ‏الاستجابة للانتفاضة الشعبية‎".‎

لكن سطام أضافت في حديثها "على أن تحرك الشارع في هذه المنطقة ليس ‏مضبوطاً تماماً، لذا فإمكانية استهداف الجماعات المنتفضة لمؤسسات ومصالح ‏روسيا في تلك المنطقة سيبدو أمراً مبرراً تماماً، لأن هذه القواعد تُحمل روسيا ‏أسباب تفاقم هذه المجاعة"‏‎.‎






سكاي نيوز عربية ‏