" خلِقْتْ عن جديد " عبارة لأحد نزلاء مستشفى الفنار في الجنوب والذين بدأ نقلهم منه اليوم الى مراكز رعائية في صور وجويا وحالات تختصر شعور معظمهم وهم يغادرون مكاناً امضوا فيه سنين طويلة وعانوا فيه ما عانوه خلال السنوات الأخيرة من ظروف مأساوية صحياً وحياتياً ، فيما تردد آخرون منهم في ترك هذا المكان لأنه تحول طيلة فترة اقامتهم فيه الى عالمهم الخاص بهم والذي لم يكن بعضهم يغادره حتى الى الفناء الخارجي للمبنى!.
نحو 96 مريضاً ومريضة، تم نقلهم الى ثلاث مراكز هي " مركز الامام الكاظم التابع لجمعية الامداد في صور ، مركز جويا الرعائي الصحي ومركز سانتا ماريا – حالات" .في اطار المرحلة الأولى من عملية اخلاء مستشفى الفنار ونقل نزلائه تمهيدا لإقفاله بالتزامن مع وضع النيابة العامة المالية يدها على ملف هذا المستشفى بعدما تم كشفه من اوضاع مزرية عاشها المرضى فيه طيلة السنوات الخمس الماضية . وتولت نقلهم حافلات تابعة للصليب الأحمر اللبناني والهيئة الصحية الاسلامية ترافقها سيارات اسعاف .
واشرف على عملية نقل الدفعة الأولى من نزلاء المستشفى من قبل وزارة الصحة مسؤول الوحدات الطبية في الوزارة الدكتور جوزيف حلو الذي قال ان " هناك 200 مريض سيتم نقلهم تباعا ، وبدأنا اليوم بنقل 40 نزيلا الى صور( 30 نساء و10 رجال ) و16 الى جويا وبين 40 و50 الى حالات . والباقي خلال يومين عندها تقفل المستشفى وتقرر الدولة ماذا ستفعل بها" . ولفت الى ان" المرضى الذين نقلوا اليوم توزعوا على المراكز الثلاثة حسب وضعهم الصحي بين حالات عجز وامراض مزمنة وعقلية وبعضهم ممن خضعوا للتأهيل سابقا " وسيواكبهم فريق طبي في المراكز الثلاثة ويحدد وضعهم الصحي او النفسي ليتابع حالاتهم".
من جهته قال مدير فرق الاسعاف والطوارىء في الصليب الأحمر اللبناني عبد الله زغيب " نحن اليوم بطلب من وزارة الصحة قمنا بالمساعدة بنقل النزلاء الموجودين في مستشفى الفنار ، حيث جهزنا ست حافلات وسيارة اسعاف للتدخل الصحي عند الضرورة وفرزنا حوالي عشرين مسعفاً ، ويتم من قبلنا اليوم نقل حوالي 50 شخصا الى حالات على ان تستكمل العملية خلال يومين ".
وقال طبيب المستشفى اخصائي الدماغ والأعصاب الدكتور حسن طفيلي الذي اشرف على تحضير المرضى للمغادرة ان " معظمهم اوضاعهم مستقرة عقليا وذهنيا طالما ياخذون علاجهم ، وكثر منهم لم يرغبوا في المغادرة لأنهم تعلقوا بهذا المكان واصبح يعني لهم ، لأنه ليس بالسهولة سلخهم من مكان مضى عليهم 15 و20 سنة فيه وكانوا مرتاحين نفسياً في مرحلة ما . وتم تحضير ملفاتهم وادويتهم مع تشخيص لحالة كل مريض لمتابعتها لاحقا في المراكز التي نقلوا اليها ، وفي حال احتاجوا شيء هناك فنحن جاهزون للمساعدة ".
وعما اذا كانت حالات بعضهم تسمح بعودتهم الى بيوتهم قال " هذا اذا كانت عندهم بيوت ، لأن 40% منهم ليس لهم احداً .".
بدورهم ، اهالي المرضى الذين تجمعوا خارج المبنى بانتظار استكمال اجراءات اخلائه أبدوا ارتياحهم لخطوة نقل اقربائهم الى مراكز أخرى يحظون فيها بالعناية اللازمة . وقالت خديجة اسماعيل ان ابن شقيقها نزيل في الفنار منذ 15 سنة لأنه يعاني حالة نفسية وانها كانت تزوره وتطئمن اليه وتعطيه مصروفه لكنها لم تكن راضية عن وضع المستشفى " .
وقالت ندوى الدايخ ان شقيقها فياض الذي كان يعاني من التوحد دخل الى الفنار منذ 6 سنوات ، وانها سبق واشتكت كثيرا من وضع المستشفى المزري ولكن لا احد كان يسمع ، مبدية فرحتها بنقله مع زملائه من نزلاء هذا المبنى .
لكن شقيقها المريض فياض لا يريد الذهاب الى مستشفى آخر على حد قوله " انا مش مبسوط هون بس ما بدي روح عا مستشفى تانية بدي روح عالبيت "..
بينما قال المريض روجيه عباني وهو نزيل في المستشفى منذ 3 سنوات " خلقت عن جديد ، الي 3 سنين مش ضاهر برات المستشفى .. اول مرة بشوف المكان برا .. ومبسوط اني رايح من هون ".
وقال المريض جعفر جابر انه سعيد جدا بأنه يغادر هذا المكان الذي عاش فيه سبع سنوات كانت صعبة عليه وعلى رفاقه من نزلاء المستشفى .. وقال " عالأقل بطلع بتمشالي شوي " !.