كتبت صحيفة " النهار " تقول :كيف سيمر قطوع المحروقات الحارقة والدولار الحارق هذا الأسبوع ولا يسقط لبنان في المحظور الذي بدأت معالمه الحارقة ترتسم على الأرض؟
كل شيء غدا حارقاً في اللحظة التي بلغها لبنان والتي تخوف الداخل والخارج ان يبلغها ما دامت حكومة انقاذية تمنع الانزلاق الى الانهيار الكبير منعت بقوة التعطيل القاهرة ولا تزال ممنوعة حتى اشعار أخر على رغم الثرثرة الجديدة التي تحدثت عن مشروع تحريك للشلل الذي يحكم الازمة. والى ان تتضح في الساعات المقبلة ملامح الاتجاهات لاحتواء تداعيات الازمة الاجتماعية المتصاعدة، فان لبنان بدا فعلاً في اليومين الأخيرين كأنه صار في النقطة الأقرب من خطر انفجار اجتماعي غير مسبوق وتفشي فوضى بالغة الخطورة امام التهاب أسعار معظم المواد الحيوية والأساسية التي ستزداد اشتعالاً مع ترقب قفزة كبيرة في أسعار المحروقات بدءاً برفع سعر صفيحة البنزين الى نحو تسعين الف ليرة ! ومع سعر ناري سيقفز دفعة واحدة الى هذا السقف والتهاب مماثل في ما بلغه سعر الدولار في #السوق السوداء ناهز سقف 18000 ليرة فان ما شهدته البلاد من الجمعة الى ليل امس الاحد من تقطيع اوصال عبر اقفال الطرق الرئيسية بكثافة في كل المناطق قد لا يقاس بالتطورات التي ستقبل عليها في اتساع التحركات الاحتجاجية بل انفجارها بما يخشى ان يتجاوز قطع الطرق وشل الوضع العام، على ما كان الكثير من المعنيين يرددون في الساعات الأخيرة. ومع ان هذه اللحظة كانت محسوبة ومتوقعة من اللحظة التي اتخذ فيها قرار المضي في دعم استيراد المحروقات من خلال الية استثنائية تقترض عبرها الدولة من مصرف لبنان المبالغ اللازمة للاستيراد على أساس اعتماد سعر رسمي جديد للدولار هو 3900 ليرة، فان اشتعال الشارع بدا انعكاساً اولياً لتفلت مخيف في سعر السوق الدولار ذكر انه كان نتيجة أساسية لإقبال المصارف على شراء كميات كبيرة من الدولار تحسباً لبدء تنفيذ تعميم مصرف لبنان المتعلق بدفع مبلغ 400 دولار وما يوازيه بالليرة للمودعين ابتداء من اول تموز. وتزامن الامر مع اشتداد ازمة المحروقات في ظل ترقب رفع الأسعار مطلع هذا الأسبوع مع وضع جدول أسعار جديد ذكرت معلومات انه سيسعر صفيحة البنزين ما بين 70 الف ليرة و90 الفا.
تسريبات.. للحشر
وعشية أسبوع يبدو انه يحمل كل عوامل التفجير الاجتماعي بدا لافتاً ان يتسارع تسريب طروحات تجريبية تتصل بالازمة الحكومية حملت "شبهة" حشر الرئيس المكلف سعد الحريري. هذه الطروحات سربتها مصادر متصلة بـ"التيار الوطني الحر" فتحدثت عن أن "الاتصالات الحاصلة تنطلق من الأفكار التي طرحها رئيس التيار النائب جبران باسيل في اطلالته الأخيرة، والتي تجاوب معها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وعلى اثرها حصل لقاء بين باسيل والحزب كما اعلن السيد، وبين الحزب وكل حركة امل وتيار المستقبل".
وزعمت ان "الافكار التي طرحها باسيل والتي استفسر الحزب ملياً عنها، تحمل في طياتها مشروع حل حكومي واضح المعالم، ويبقى أن يكون الرئيس المكلف سعد الحريري قد أصبح جاهزاً للتأليف، وأن يشجعه رئيس مجلس النواب نبيه بري على المضي في التشكيل". وقالت ان التهدئة الاعلامية التي حصلت ناجمة من مجمل هذه المعطيات. ولكن سرعان ما تبين ليلاً ان أحداً من المعنيين الكبار ولا سيما منهم رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يكن على علم اطلاقا بهذه الطروحات وقيل أيضا ان الرئيس ميشال عون نفسه لم يكن على بينة منها.
وبدورها أفادت "وكالة الانباء المركزية" ان الرئيس الحريري سيعود الى بيروت خلال الساعات المقبلة وتحدثت عن "اتفاق على مخرج لصيغة الحكومة وخطوة جدية الاربعاء قد تكون عبارة عن اتفاق على تشكيلة من 24 وزيرا موزعة 4 ستات، فيما يبقى عالقا موضوع الثقة ويتردد ان المخرج يقضي باعطاء الحرية لنواب تكتل لبنان القوي". (في اشارة الى 6 وزراء لقوى المجتمع المدني(.
كما ذهبت تسريبات أخرى الى الحديث عن ترشيحات لاسماء جديدة في وزارات الخدمات الرئيسية كالطاقة محسوبة على فرنسا، كما عن مشاريع مدوارة في الحقائب وتوقعات تتصل بلقاء بين الحريري وباسيل …
سجالات وهدنة
ولعل المفارقة الهزلية انه في حين كان لبنان يشهد صعوداً مخيفا للتوترات الاجتماعية تحت وطأة اشتعال سعر الدولار في السوق السوداء واشتداد ازمة المحروقات وعودة الاحتجاجات الشعبية الى الاحتدام الواسع مع قطع الطرق في معظم مناطق لبنان، كاد انفجار احدى أسوأ الموجات من السجالات العنيفة بين "التيار الوطني الحر" وحركة "امل" في توقيت شديد الاحتقان والالتباس وبمضمون سياسي بالغ الحدة والانفعال ينذر بانحراف العلاقة المتفجرة بين هذين الفريقين الى منحى طائفي الامر الذي ربما حدا بهما الى وقفها مساء السبت بعدما تطاير تبادل السجالات على وقع اعنف التغريدات والتصريحات المتبادلة بين نواب الفريقين وأنصارهما على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما على الأرض فبدا الوضع اشبه ما يكون باقتراب العد العكسي من نهايته لانفجار في الشارع لا احد يدري هذه المرة كيف ستكون عليه صورة لبنان في ظله مع تواصل قطع الطرق في معظم المناطق في اليومين الأخيرين وحصول صدامات عنيفة بين مجموعات من المحتجين والجيش في طرابلس وصيدا. كما يخشى ان تتطور الأمور اكثر نحو العنف مع مزيد من تفلت كبير لاسعار السلع الغذائية والحيوية يواكب الارتفاع الذي سيحصل في أسعار المحروقات بدءا من مطلع الأسبوع.
هنية في بيروت
هذه الأجواء الداخلية الحارة لم تحجب دلالات و صول رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية مع وفد من قيادة الحركة إلى بيروت، في زيارة "رسمية" ضمن سلسلة الزيارات التي شرعت بها قيادة الحركة في بداية الشهر الحالي. وكانت معطيات سبقت الزيارة لفتت الى ان توقيتها بعد حرب غزة الأخيرة يواكب مسعى لعودة الحركة الى سوريا ولبنان في ظل قيود عليها.
واكد هنية ان "زيارة لبنان تكتسب دائما أهمية خاصة، لكونها فرصة للقاء المسؤولين في الدولة، بدءا برئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة، عدا عن قادة الفصائل الفلسطينية وقوى المقاومة والأحزاب والفاعليات اللبنانية، وأبناء الشعب الفلسطيني في مخيمات الصمود والعودة". وشدد على أن "اللقاءات ستتضمن البحث في الملفات ذات الاهتمام المشترك، بدءاً بملف العلاقات الثنائية، وكيفية العمل على تنسيقها وتطويرها، بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وكذلك البحث في التطورات السياسية التي ترتبت على هذا الانتصار، الذي صنعه الشعب الفلسطيني من رحاب المسجد الأقصى والقدس، امتدادا إلى كل نقطة جغرافية داخل فلسطين التاريخية، وكل أبناء الشعب الفلسطيني في كل مواقع الشتات وأحرار العالم". وأضاف: "سيكون بحث أيضا في الإجراءات الإسرائيلية التي ما زالت متواصلة في القدس والأراضي المحتلة والتأكيد على ثوابت الشعب الفلسطيني، وبشكل خاص حق العودة، رفض التوطين ورفض الوطن البديل"، موضحا أن "هذه الثوابت السياسية راسخة في أدبيات الحركة والشعب الفلسطيني والمقاومة، ومتقاطعة بالشكل الكامل مع أدبيات لبنان رسميا وشعبيا".
النهار