عرب وعالم

قبل تنصيبه بأيام.. رئيس إيران المنتخب مطلوب لتحقيق أممي

تم النشر في 30 حزيران 2021 | 00:00

دعا المحقق الأممي المعني بملف حقوق الإنسان في إيران، جاويد رحمن، إلى إجراء تحقيق ‏مستقل وذي مصداقية بشأن الاتهامات التي تلاحق الرئيس الإيراني المنتخب حديثا، إبراهيم ‏رئيسي، في خطوة قد تشكل إحراجا لطهران، على الصعيدين السياسي والدبلوماسي‎.‎

ودعا المحقق الأممي إلى التحقيق في دور إبراهيم رئيسي المركزي في الإعدامات الجماعية التي ‏طالت آلاف المعارضين الإيرانيين عام 1988، حين كان رئيسي مُدعياً عاماً في العاصمة ‏طهران، ومُشرفا على تلك الحملة‎.‎

وكانت وكالات الأنباء قد نقلت عن المحقق الأممي قوله إن مكتبه جمع شهادات وأدلة طوال ‏أعوام كثيرة عن هذه القضية، وإنه مستعد لتقديمها مباشرة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم ‏المتحدة، أو أية هيئة أممية أخرى يُمكن لها أن تُجري تحقيقياً حيادياً‎.‎

وكان المحقق الدولي أشار في أوقات سابقة إلى حملة منهجية تقوم بها السلطات الإيرانية، خلال ‏الفترة الأخيرة، لمحو آثار المقابر الجماعية التي نتجت عن تلك الحملات التي طالت المعارضين ‏الإيرانيين‎.‎

‎"‎اللحظة مناسبة‎"‎

وذكر جاويد رحمن بأن الوقت الراهن هو الأكثر مناسبة لتحقيق بتلك الأحداث، لأن الشخص ‏المُتهم سيصبح رئيساً للجمهورية وعليه تحمل المسؤولية‎.‎

وحملة الإعدامات المقصودة في التقارير الأممية، هي تلك الموجة الضخمة التي قادتها النواة ‏الصلبة للنظام الإيراني ضد الخصوم السياسيين الداخليين عقب انتهاء حرب الخليج الأولى ‏مباشرة عام 1988، بعدما كانت الحملة الأولى للتصفيات قد نُفذت في أوائل الثمانينات‎.‎

ونفذت التصفيات من خلال المحاكمات الشكلية الشهيرة التي قادها القاضي صادق خلخالي، ‏والتي أدت إلى هيمنة التيار الديني المتطرف على الثورة الشعبية التي أطاحت بحاكم إيران الأسبق ‏الشاه محمد رضا بهلوي‎.‎

محاكمات صورية

وكانت حملات عام 1988 بمثابة محاكمات صورية قضت خلال أسابيع قليلة على آلاف ‏المعارضين السياسيين للنظام الإيراني، من الجماعات اليسارية الإيرانية المنضوية تحت مظلة ‏‏"حزب توده" الإيراني، مروراً بأعضاء من جماعة "فدائي خلق"، وليس انتهاء بالمعارضين ‏القوميين الأكراد والعرب والبلوش في مختلف مناطق البلاد‎.‎

وكان النظام الإيراني يخشى وقتئذ أن تؤدي نهاية الحرب الإيرانية العراقية إلى انتفاء تحججها ‏بالحرب لعدم الالتفات إلى الأوضاع الداخلية، وبالذات السياسية منها، وأن يؤدي ذلك إلى زخم ‏سياسي لدى القوى المعارضة، فبدأ حملته العسكرية/القضائية لمحق المعارضين، وكان الرئيس ‏المُنتخب، مؤخراً، إبراهيم رئيسياً مُدعياً عاماً في العاصمة الإيرانية طهران، المكان الذي شهد ‏أكبر الحملات تلك‎.‎

تقرير أممي مُفصل كان قد صدر خلال العام 2018 تحت مُسمى "أسرار مخضبة بالدماء – ‏لماذا تُعتبر إعدامات 1988 في إيران جرائم مستمرة ضد الإنسانية"، ورجح أعداد الضحايا ‏بالآلاف، يتراوحون بين ثلاثة آلاف وثلاثين ألفاً‎.‎

وذكر التقرير بأن سرية تنفيذ تلك العمليات حال دون التوصل إلى أرقام دقيقة حول ما جرى‎.‎

والرئيس الإيراني المُنتخب كان قد نفى في تصريحات عقب صدور ذلك التقرير، وقتها، بأن ‏يكون قد ترأس المحكمة التي أصدرت تلك القرارات، لكنه أعترف بشكل غير مباشر بما حدث ‏وأشار إليه التقرير الأممي، واصفاً ما جرى بأنه كان يمثل الشعب الإيراني، وأنه "واحد من ‏إنجازات النظام المشرفة‎".‎

وأضيفت مطالبات المُحقق الدولية الأخيرة لتصريحات سابقة للأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، ‏أنياس كالامار، التي قالت عقب الإعلان عن فوز الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي ‏بمنصب رئاسة الجمهورية "إن إيران لا تزال تخفي حقيقة ما جرى عام 1988، وإذا ما كان ‏للرئيس الإيراني الجديد يد فيها. أن الأمر يتعلق بإعدامات لآلاف السجناء السياسيين، وتخفي ‏السلطات الإيرانية، حتى اليوم، الملابسات المحيطة بمصير الضحايا وأماكن جثثهم، إخفاء ‏منهجياً، يصل إلى حد الجرائم المستمرة ضد الإنسانية‎".‎

مآلات الدعوة

وحول إمكانية تسليم السلطات الإيراني للرئيس المُنتخب لأية هيئة تحقيقية أممية، أو فتح الملفات ‏والسماح للمحققين الدولية بزيارة إيران وإجراء استقصاء حُر ومنظم بهذه الواقعة ودور الرئيس ‏المُنتخب فيها، شرح الباحث الإيراني مهرداب شيرزادي في حديث مع موقع "سكاي نيوز ‏عربية" ذلك، قائلا إن "من المُستبعد تماماً أن تُقدم السلطات الإيراني على أي أمر من ذلك، ‏فالمسألة بالنسبة لها واحدة من الأسرار الأمنية الداخلية، مثل الملف النووي تماماً‎".‎

أضاف أن التحقيق المستقيل والإدانة الأممية الواضحة لما جرى، سيعني فعلياً إدانة النظام ‏السياسي في البلاد وسلوكه التقليدي تجاه مواطنيه ومعارضيه السياسيين، وسيفتح المجال أمام ‏إمكانية حدوث مطالبات أخرى في ملفات أخرى تتعلق بممارسات حقوق الإنسان، من ضحايا ‏الثورة الخضراء عام 2009 في السجون الإيرانية، مروراً بضحايا التظاهرات السلمية وليس ‏انتهاء بالكشف عن مصير آلاف الضحايا الذين سقطوا في السجون الأمنية للنظام طوال سنوات‎".‎

‎ ‎الباحث الإيراني أضاف خلال حديثه "لا يعني هذا أن الأمر بلا طائل، فالعديد من الرؤساء ‏المُنتخبين لاحقتهم ممارساتهم الجنائية لسنوات، وبعضهم نال عقاباً خلال السنوات الأخيرة من ‏أعمارهم، والرئيسان التشيلي والصربي مثالان مباشران خلال السنوات الأخيرة‎".‎




سكاي نيوز عربية ‏