أخبار لبنان

هل ستنطلق حقاً محاكمات 4 آب؟

تم النشر في 3 تموز 2021 | 00:00

كتبت "النهار" تقول: بدت الأنظار والاهتمامات الداخلية موزعة أمس بين ترقب ما ‏يمكن ان يتركه الكلام المدوي للبابا فرنسيس ومتابعات الفاتيكان الدولية والمحلية ‏للواقع اللبناني بعد يوم الصلاة من اجل لبنان من جهة، ومأساة اخضاع اللبنانيين ‏للمافيات المتواطئة مع السلطة في أزمة المحروقات المتمادية على رغم رفع ‏الأسعار بما يلائم مشيئة المافيات من جهة أخرى. ولكن عاملاً آخر يتسم بأهمية ‏كبيرة وبارزة طرأ من خارج إطار اليوميات المأزومة واستقطب الاهتمامات ‏مجدداً، وتمثل في خطوة متقدمة اتخذها قاضي التحقيق العدلي في قضية انفجار ‏مرفأ بيروت طارق البيطار، ويفترض ان تشكل مفترقاً مفصلياً في العملية القضائية ‏المتصلة بهذا الملف.‏

فعشية ذكرى مرور 11 شهراً على انفجار 4 آب إتخذ القاضي البيطار سلسلة ‏قرارات نادرة في ملاحقة نواب ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين وعسكريين، ‏منها ما هو جديد ومنها ما يندرج في إطار تصحيح الإدعاء على مسؤولين سياسيين ‏وأمنيين صادرة عن قاضي التحقيق العدلي السابق فادي صوان في هذا الملف.‏

وطلب البيطار رفع الحصانة عن النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، وأرفق ‏هذا الطلب بطلب جديد هو رفع الحصانة عن النائب نهاد المشنوق لملاحقتهم في ‏هذا الملف وإقامة الإدعاء العام عليهم، كما طلب من نقابة المحامين في الشمال ‏إعطاء الإذن لملاحقة الوزير السابق للأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، ومن ‏نقابة المحامين في بيروت إعطاء الإذن لملاحقة النائبين خليل وزعيتر كون الثلاثة ‏محامين، كما طلب ملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء أنطوان صليبا والمدير ‏العام للامن العام اللواء عباس إبرهيم وقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي. وفهم ‏ان جميع الطلبات التي أصدرها المحقق العدلي تندرج في إطار جانب من التحقيق ‏المتعلق بالإهمال والتقصير، علماً أن حجب رفع الحصانة وعدم إعطاء الأذونات ‏للملاحقة تحول دون إقامة الإدعاء العام في حق المطلوب رفع الحصانة عنهم ‏والأمر نفسه بالنسبة إلى الأذونات.‏

وإذ تطرح هذه الخطوة السؤال الكبير عما إذا كانت ستنطلق فعلاً هذه “محاكمات 4 ‏آب” من دون تفخيخات سياسية، أفادت المعلومات ان هناك توجّهاً لإصدار قرار ‏الظني في القضية بين أواخر شهر أيلول وبداية تشرين الأول. وقد بدأ بيطار العمل ‏عليه وسيتألف من مئات الصفحات التي تفصّل نقطة انطلاق شحنة نيترات ‏الأمونيوم ومسارها وتخزينها حتى لحظة انفجارها. وحدّد البيطار تاريخ استجواب ‏المدعى عليهم بعد 10 أيام وسيتم تبليغهم بالمواعيد كي لا يكون هناك أي مماطلة ‏في ما خص رفع الحصانة. وفيما سارع الوزيران السابقان غازي زعيتر وعلي ‏حسن خليل الى اعلان استعدادهما فوراً وقبل صدور الإذن المطلوب للحضور امام ‏المحقق لإجراء اللازم، علم ان موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري من هذه ‏الخطوة هو أنه لا يعارض رفع الحصانة ولا مشكلة لديه أبداً في تطبيق القانون من ‏منطلق ان أي معني يثبت تقصيره يجب ان يتحمل مسؤوليته وان يدفع الثمن شرط ‏الوصول الى المقصرين.‏

واذ اعلن وزير الداخلية محمد فهمي استعداده لإعطاء الإذن بملاحقة اللواء ابرهيم ‏وفق الأصول، لفت الى ان “اللواء عباس ابرهيم إنسان قانوني ولا يزال يحمي ‏القانون وما سيقوله القانون سننفذه وليس لدي أي معطى، فالتحقيق يقوم به القاضي ‏بيطار وكلنا تحت القانون ولم أستلم بعد أي إحالة رسمية وعند تسلّمها ستحال الى ‏الدائرة القانونية في الداخلية”.‏

وأكد النائب نهاد المشنوق بدوره لـ”النهار” انه مستعد للمثول امام المحقق العدلي ‏سواء رفعت عنه الحصانة ام لم ترفع وبحسب الأصول القانونية بهدف كشف حقيقة ‏انفجار مرفأ بيروت.‏

التحرك الفاتيكاني

في المقلب الآخر من المشهد الداخلي، طغت ترددات يوم لبنان في الفاتيكان ‏ومواقف البابا على الاهتمام المحلي. وأفيد في هذا المجال ان المتابعة الداخلية ‏لمقررات اللقاءات التي عقدت بين رؤساء الطوائف المسيحية العشر والبابا ‏والمسؤولين الفاتيكانيين سيتولاها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة ‏بطرس الراعي، فيما سيواصل الكرسي الرسولي اتصالاته على الساحة الدولية ‏لحث عواصم القرار على ايجاد حل لمأزق لبنان.‏

واعتبر البطريرك الراعي “أن مجرّد دعوة البابا فرنسيس لإجتماع حول لبنان في ‏الفاتيكان حرّك الرأي العام الدولي”، وأوضح “أن الفاتيكان يريد الاستماع الى كل ‏الاصوات للجوجلة وهو يعمل بطريقته الديبلوماسية “. وجدّد التأكيد “أن الموضوع ‏لم يقف هنا بل يجب ان يكمل وأن تكون هناك لقاءات أخرى”. وقال البطريرك ‏‏“رأيت البابا فرنسيس مصمماً ووضع القضية اللبنانية نصب عينيه “. واعلن ‏الراعي انه “سيعمل جديّاً بعد لقاء الفاتيكان على موضوع جمع المسؤولين من أجل ‏تشكيل الحكومة”. ورداً على سؤال قال “لا أعرف إن كان وجود حزب الله يوقف ‏الدعم الدولي للبنان فالمجتمع الدولي يقول إنه غير راضٍ عن المسؤولين وأدائهم ‏والجميع يُخالف الدستور ومن ضمنهم رئيس الجمهورية بدءاً من طريقة تأليف ‏الحكومة وصولاً إلى طريقة العمل ككلّ”. وتوجّه الى المسؤولين بالقول: “ما اقوله ‏ان الدستور طريق حافظوا عليه”. وعن المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية قال ‏‏“طبعاً لا اطالب باستقالته فالمسؤولية ليست محصورة به بل تتعلق بكل المجموعة ‏السياسية”.‏

لكن رئيس الجمهورية ميشال عون بدا كأنه يحاول احتواء او تجاهل موقف البابا ‏فرنسيس في توجيهه الانتقاد واللوم الى المسؤولين اللبنانين، فاعتبر “ان اللبنانيين ‏بكل طوائفهم والذين يكنون للكرسي الرسولي بالغ الاحترام، سيلاقون الحبر الأعظم ‏في دعوته إلى إنقاذ وطنهم الذي يشكل على قول البابا بالأمس، كنزاً يتوجب الحفاظ ‏عليها”. واكد ان “اللبنانيين ينتظرون زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى بلادهم لكي ‏يُعلن معهم قيامة لبنان من كبواته وليؤكدوا أنهم استحقوا وطنهم وقد عملوا معاً على ‏استنهاضه وصون وحدتهم الوطنية التي تبقى درع حمايته الأسمى والتي بها يبقى ‏وطن الحضور والرسالة”.‏

السفيرة الأميركية

ولم تغب ذكرى انفجار مرفأ بيروت عن كلمة وزعت للسفيرة الأميركية دوروثي ‏شيا في احتفال إقامته السفارة الأميركية مجموعة برنامج “تبادل الشباب والدراسة” ‏وقالت فيها :”هنا في لبنان، فيما نقترب من الذكرى السنوية الحزينة لانفجار المرفأ، ‏إننا ننضم إليكم في الدعوة إلى المساءلة وختم الملف، أولا وقبل كل شيء من أجل ‏الضحايا، ولكن على نطاق أوسع لكل من يريد أن يطوي صفحة الطريقة القديمة في ‏ممارسة العمل. كما نشارككم في التطلع إلى انتخابات العام المقبل التي تعتبر في ‏بعض النواحي الشكل النهائي للمساءلة أمام الجمهور.‏

آمل أن يشهد العام المقبل خطوات مسؤولة إلى الأمام لإخراج لبنان من أزماته ‏المتعددة، ويتوجه نحو الازدهار الذي يستحقه شعبه والإمكانات التي يمثلها هذا ‏البلد. دعونا نقوم بهذا التحدي معاً. لقد أوضحت حكومة الولايات المتحدة وشعبها ‏التزامنا تجاه الشعب اللبناني. والآن، أتطلع إليكم كي تأخذوا تعهداً على أنفسكم. ‏إنني اشجعكم على أن تجدوا طرقاً لتكونوا السفراء والقادة، كما نعرفكم. خذوا ‏خطوات للنهوض بما هو صحيح. هذه هي الروح التي نحتفل بها في يوم استقلالنا. ‏حيث توجد الإرادة، هناك طريقة. وتذكروا أننا في هذا معا”.‏




النهار