أخبار لبنان

محروقات إيران.. "صمت رئاسي" وتحذيرات من "شق الطريق إلى جهنم" ‏

تم النشر في 20 آب 2021 | 00:00

كتبت صحيفة "الشرق الأوسط" تقول: أثار إعلان أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله أمس ‏عن انطلاق سفينة محملة بالمازوت من إيران باتجاه لبنان، عاصفة سياسية وتحذيرات من "شق ‏الطريق السريع إلى جهنم"، و"مصادرة القرار الاقتصادي" اللبناني، ودفع لبنان إلى العقوبات ‏الدولية.‏

وفي ظل انقطاع المحروقات من الأسواق اللبنانية، عكس إعلان نصر الله ارتباكاً في المشهد ‏السياسي اللبناني، وسط تصاعد التحذيرات لدى خصومه من مخاطر الخطوة التي "يمكن أن ‏تشعل حرباً مع إسرائيل في حال اعتراض السفينة"، وصمت حلفاء له، في غياب أي إيضاحات ‏من رئاسة الجمهورية ووزارة الطاقة المعنية إدارياً بالملف.‏

وقالت مصادر نيابية لبنانية غير معارضة لـ"حزب الله" إن القرار "لدى السلطة التنفيذية المتمثلة ‏بالحكومة اللبنانية ووزارة الطاقة" وهي الجهة المخولة منح الإذن لتفريغ الشحنات في منشآت ‏النفط التابعة إدارياً إلى المديرية العامة للنفط، مشددة في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" على أن ‏السلطة التنفيذية "هي من يجب أن تتحمل تبعات خطوة مشابهة"، داعية إلى التريّث لمعرفة ‏موقف الدولة اللبنانية من إعلان نصر الله

ونفت مصادر في وزارة الطاقة اللبنانية تلقي "أي طلب رسمي لطلب إذن استيراد النفط الإيراني ‏إلى لبنان براً أو بحراً"، مؤكدة في الوقت نفسه لقناة "إم تي في" أنه "لم يطلب منها إذن للتفريغ ‏والتخزين والتوزيع".‏

وقال نصر الله في كلمته أمس في ذكرى عاشوراء: "سفينتنا الأولى التي ستنطلق من إيران ‏محملة بالمواد النفطية أَنجزت كل الترتيبات"، مضيفاً أنها "حُمّلت بالأطنان المطلوبة، وستبحر ‏خلال ساعات إلى لبنان" من غير الكشف عن الآليات التنفيذية لها، مكتفياً بالقول إنها لدى ‏وصولها إلى البحر المتوسط سيجري الإعلان عن الخطوات.‏

وقال: "أعطينا الأولوية في السفينة الأولى لمادة المازوت من أجل "المستشفيات ومصانع الأدوية ‏ومصانع المواد الغذائية وأفران الخبز ومولدات الكهرباء". وحذّر نصر الله الإسرائيليين ‏والأميركيين من أن حزبه سيعتبر السفينة "أرضاً لبنانية"، ما ينذر بردّ منه في حال تعرضها ‏لهجوم، بعدما شهدت سفن مرتبطة بإيران وإسرائيل هجمات في الأشهر الماضية، اتهم كل طرف ‏الآخر بالوقوف خلف بعضها.‏

ويقدر أن تصل شحنة النفط الإيرانية إلى لبنان خلال مدة تتراوح بين 12 و15 يوماً، فيما لم يتم ‏الجزم ما إذا كانت الشحنة ستُفرغ في الموانئ اللبنانية أم في ميناء سوري وتُنقل براً إلى لبنان.‏

ورفع إعلان نصر الله وتيرة المخاوف اللبنانية من تداعيات هذه الخطوة. وسأل الرئيس سعد ‏الحريري في بيان: "هل ما سمعناه عن وصول السفن الإيرانية هو بشرى سارة للبنانيين أم ‏إعلان خطير بزج لبنان في وحول صراعات داخلية وخارجية؟". وقال الحريري: "يعلم الحزب ‏أن سفن الدعم الإيرانية ستحمل معها إلى اللبنانيين مخاطر وعقوبات إضافية على شاكلة ‏العقوبات التي تخضع لها فنزويلا ودول أخرى".‏

ورأى الحريري أن اعتبار السفن الإيرانية وكأنها أراضٍ لبنانية "يشكل قمة التفريط بسيادتنا ‏الوطنية، ودعوة مرفوضة للتصرف مع لبنان كما لو أنه محافظة إيرانية"، مضيفاً "نحن بما نمثل ‏على المستوى الوطني والسياسي لن نكون تحت أي ظرفٍ غطاء لمشاريع إغراق لبنان في ‏حروب عبثية تعادي العرب والعالم".‏

وسأل الحريري: "هل نحن في دولة تسلم فيها (حزب الله) كل الحقائب الوزارية، من الصحة إلى ‏الاقتصاد إلى الدفاع إلى المرافئ والأشغال العامة، له ساعة يشاء أن يطلب الدواء من إيران، وأن ‏يستدعي السفن الإيرانية المحملة بالمازوت والبنزين وأن يهدد بإدخالها بحراً وبراً وجهاراً نهاراً، ‏رغماً عن السلطات العسكرية والأمنية؟".‏

وأكد الحريري أن "المواقف التي سمعناها تقول للبنانيين إنهم لا يريدون حكومة"، متسائلاً: "أي ‏حكومة هذه التي يريدونها أن تفتتح عملها باستقبال السفن الإيرانية والاصطدام مع المجتمع ‏الدولي، في وقت أحوج ما يكون فيه لبنان إلى حكومة تحظى بدعم الأشقاء والأصدقاء". وقال: ‏‏"يستطيع (حزب الله) أن يحصل على تأشيرة تواطؤ مع العهد، وأن يغطي نفسه بصمت الفريق ‏الرئاسي، لكنه لن يحصل من أكثرية اللبنانيين على إجازة مرور لتسليم لبنان للسطوة الإيرانية". ‏ورأى أن "هذه مواقف ستضاعف من معاناة الناس المعيشية والاقتصادية، وتشق الطريق السريع ‏إلى جهنم".‏

وإثر إعلان نصر الله، وجه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع رسالة إلى رئيس ‏الجمهورية ميشال عون عن الباخرة الإيرانية موجهاً اللوم إلى وزير الطاقة الذي اعتبره جعجع ‏محسوباً على عون، على خلفية عدم منح الوزير إذونات للشركات الخاصة وبعض القطاع ‏الخاص لاستيراد البنزين والمازوت بأسعاره الحقيقية وطرحه في السوق بعدما عجزت الدولة ‏عن تأمينه مدعوما. وقال: "تفاجأنا بأن (حزب الله) سيأتي بباخرة مازوت ويفرغها أغلب الظن ‏في مصفاة الزهراني"، سائلاً: "هل يا فخامة الرئيس تتركون الحزب الذي صادر القرار ‏الاستراتيجي والعسكري والأمني، بأن يصادر اليوم القرار الاقتصادي ضاربا اللبنانيين ‏ومصالحهم عرض الحائط ومسقطا القطاع الخاص نهائيا، وقاطعا عن اللبنانيين كل سبل العيش ‏الكريم والمقبول؟".‏

وحمل جعجع عون "المسؤولية الكاملة عما يمكن أن يلحق بالبلد من جراء عدم تحرير استيراد ‏النفط والأدوية وغيرهما، في الوقت الذي تتركون فيه (حزب الله) يقوم بالأمر بوسائل ملتوية ‏وغير قانونية دوليا، ستعرِّض لبنان لكارثة حقيقية".‏

بدوره، حذر رئيس حزب "الكتائب" النائب المستقيل سامي الجميل من أن "النفط الإيراني يخرق ‏القانون الدولي ويتسبب بحصار وعقوبات للبنان"، معربا عن أسفه لـ"غياب رئيس الجمهورية ‏التام والوزراء والنواب".‏

وقال الجميل: "ليس نصر الله من يفك الحصار بل الحصار سوف يأتي بسبب حسن نصر الله ‏والباخرة تخرق القانون الدولي والعقوبات على إيران، وستتسبب للبنان بحصار وعقوبات". ‏ورأى في حديث إذاعي أن "طريقة نصر الله تكبر المشكلة وهي مخالفة لسياسة لبنان ولكل ‏القوانين اللبنانية، وهي تعد على السلطة اللبنانية والدولة والحكومة، التي هي من المفترض أن ‏تكون سيدة على كل القرارات المهمة التي لها علاقة بمستقبل لبنان".‏




الشرق الاوسط