منوعات

‎"‎الجناح و أخواتها":‏‎" ‎السان سيمون و السان ميشال"! (٣/١‏‎)‎

تم النشر في 28 آب 2021 | 00:00

زياد سامي عيتاني‎*‎




في النصف الأول من القرن الماضي، وعلى بعد دقائق من العاصمة بيروت، المدينة المزدحمة ‏التي تضج بالحياة، وعلى إمتداد شاطئ الساحل الجنوبي بين منطقتي "الجناح" و"الأوزاعي" ‏ذات الرمال الذهبية والبحر الفيروزي النقي، أنشئت مسابح ومنتجعات سياحية ومطاعم، تمكنت ‏بسرعة خارقة من

منافسة تلك كانت كانت منتشرة بمحازاة الواجهة البحرية لبيروت من "جادة الإفرنسيين" ‏و"الزيتونة"، مروراً ب"ميناء الحصن" و"عين المريسة"، وصولاً إلى الروشة‎.‎

أطلق على هذه الكيلوميترات الشاطئية إسم "وجه لبنان"، حيث كان أول لمحة جمالية للربوع ‏اللبنانية يشاهدها المسافرون عند هبوطهم في المطار القريب، وذلك لما كانت ذات يوم ‏‏"الريفييرا‎"‎

‎(‎اللبنانية)، التي تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى النخب اللبنانية، الذين أمضوا ‏في تلك الفسحة أجمل أيام حياتهم، كما يقول الكثير ممن تمتع ببحرها ورمالها وشمسها خلال ‏السنوات المجيدة، يوم كانت تنتشر كلوحة فنية خلابة "الشاليهات" و"أكواخ القش" والمظلات ‏المتعددة الألوان، خصوصاً وأنها كانت توفر لهم جميع الملذات والإلهاءات التي يبحثون عنها، ‏للإسترخاء والإستجمام، حيث كان الكبار والصغار يتدفقون إلى تلك الفسحة البحرية، بحثاً عن ‏النضارة، ولتحرير أجسادهم من أغلال الملابس، للإفادة من فوائد البحر والشمس‎.‎

‎**‎

إنه العصر الذهبي لشاطئ ذهبي، لا بل شاطئ أسطوري، عندما كانت الرمال بيضاء، البحر نقي ‏وصاف، أناقة صارمة، حتى في ثوب السباحة (!)، سرعان ما ساهم "جنونه" في سمعة المدينة ‏الممتعة والعالمية، المنفتحة على الحداثة، ومزاحمة أرقى المدن السياحية على هذا المتوسط يوم ‏كان أبيضاً‎...‎

وأبرز تلك المسابح، كانا "السان سيمون" و"السان ميشال"، حتى أن المنطقة صارت تعرف ‏بإسميهما، إضافة إلى شواطئ كوت دازور"، "ريفيرا"، و"أكابولكو"، الذي بناه في مطلع ‏الستينات عاد إلى لبنان المغترب‎ Pépé (‎بيبي العبد) القادم من المكسيك مع قريبه الثري ميشال ‏العبد (الذي تكفل بإنشاء ساعة العبد في ساحة النجمة)، حيث ضم مسبحاً و"شاليهات" ومطاعم ‏بطابع مكسيكي. إلا أن أكثر ما كان يشد الأنظار في هذا المنتجع مبناً فريداً بموقعه وشكله، وهو ‏‏"شاليه" رجا صعب الشهير، الذي صممه وأشرف على أثاثه وإضاءته المصمم الفرنسي الشهير ‏جان روبيير، الذي بنى هذا الهيكل الفريد بما يشبه طبقاً طائراً، قائم على أربع أعمدة بيضاوية، ‏مع محافظة الدرج الحلزوني البسيط في قلبه المحاط بسياج فولاذي رفيع على المنظر المفتوح ‏للبحر عند مستوى المدخل، ويؤدي إلى هبوط يشبه الحلقة، فيمنح الغرف المختلفة المحيطة متعة ‏الإطلالة على منظر البحر‎...‎

وأول ما كان يشد إنتباه المتجهين جنوباً، بعد تجاوزل شاطئ الرملة البيضاء الذهبي (السان ‏بلاش) هو مسبح وفندق "إيدن روك" ذات الغرف العشرين المطلة على البحر، وشرفة الحديقة ‏الفريدة المغطاة بالخيم النقالة مع طاولات وكراسي إستلقاء، والمروج والمطعم الذي كان يقدم ‏المأكولات والمقبلات الشرقية والأسماك وثمار البحر على أنواعها، فضلاً عن النادي الليلي، ‏الذي كان مقصداً لمحبي السهرات الموسيقية الصاخبة‎.‎

‎**‎

‎-‎يتبع السان سيمون‎:‎

‎*‎إعلامي وباحث في التراث الشعبي‎.‎