أخبار لبنان

‏"التعطيل الثالث" يتمادى... واحتواء فتنة جنوبية

تم النشر في 30 آب 2021 | 00:00


كتبت صحيفة "النهار" تقول: في "هدأة " الأيام الثلاثة الماضية التي لم ‏تشهد أي تحرك او لقاء او تطورات يعتدّ بها في شأن عملية تأليف ‏الحكومة، وكأن البلاد بالف خير، ولا شيء يستدعي لا التحرك ولا ‏الالتفات الى الرأي العام الداخلي وإبلاغه على سبيل الاحترام فقط لا غير ‏بمجريات المخاض الثالث للتكليف الثالث، بات من غير المشكوك فيه ابداً ‏ان التعقيدات التي حالت دون تصاعد الدخان الأبيض في الأسبوع ‏الماضي ستطارد عملية التأليف هذا الأسبوع أيضاً. وإذا كان اطلاق ‏بالونات التورية والتعمية في مطلع كل أسبوع، والزعم بأن الأسبوع ‏الجديد سيحمل ولادة الحكومة او الحسم سلباً باعتذار الرئيس المكلف ‏نجيب ميقاتي، فإن اللافت الذي سجل في الساعات الماضية تمثل في عدم ‏تكرار هذه "التقليعة" اذ غابت التوقعات المسبقة والموغلة في إشاعة ‏أجواء إيجابية في ظل ثلاثة أسباب مباشرة وضمنية: الأول عدم تسجيل ‏الاتصالات الجارية بعيداً من الأضواء بين رئاسة الجمهورية والرئيس ‏المكلف أي اختراق يذكر لجهة انجاز التوافق على التشكيلة الوزارية التي ‏سبق للرئيس ميقاتي ان قدمها في اللقاء الثالث عشر ولم يستكمل الاتفاق ‏عليها او على تعديلاتها بعد بينه وبين الرئيس ميشال عون. الثاني ‏استفحال ازمة المحروقات واتساعها بأسوأ مما شهدته في الأسابيع ‏السابقة، الامر الذي يحول دون استعمال التوقعات المشكوك فيها حيال ‏تشكيل حكومة جديدة كوسيلة فاشلة للتخفيف من حدة الكارثة المعيشية ‏والإنتاجية والاقتصادية التي بدأت ترزح تحتها سائر القطاعات اللبنانية ‏في ظل فقدان المازوت والبنزين والفيول. الثالث انفجار الوضع مجدداً ‏بين بلدتي مغدوشة وعنقون واتخاذه طابعاً طائفياً بغيضاً مع انه صنيعة ‏ازمة المحروقات وانصراف المعنيين الى تطويقه واحتوائه.‏

وعلم ان الرئيس المكلف الذي قدم تشكيلته الى الرئيس عون لا يزال ‏ينتظر الأجوبة النهائية عليها فيما تجرى اتصالات لتعديل عدد من ‏الأسماء. وفهم ان بعض الموفدين يتولون مهمة الأخذ والرد بين بعبدا ‏والرئيس المكلف، ولو ان الجمود يطغى على نحو كبير على هذه العملية ‏اذ لم يكن قد تم الاتفاق حتى مساء امس بعد على موعد لعقد اللقاء الرابع ‏عشر بين عون وميقاتي.‏

الراعي وعودة

وعلى جاري عادتهما في عظات الاحد جدد كل من البطريرك الماروني ‏الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وميتروبوليت بيروت وتوابعها ‏للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة انتقاداتهما الحادة للمسؤولين في ‏ازمة تشكيل الحكومة والأزمات الأخرى. وقال الراعي في عظته امس: ‏‏"شعبنا ناقم على المسؤولين السياسيين، بل على كل السياسيين، لأنهم ‏مازالوا منشغلين بالتافه من الحصص والحسابات، فيما الشعب متروك ‏فريسة الجوع والقهر والفقر والإذلال والهجرة .. وناقمٌ عليهم لأنهم ‏يصمّون آذانهم عن سماع الذين، من أجل لبنان واللبنانيين، ينصحون ‏ويرجون التوقف عن سياسة التدمير الذاتي، والإسراع في تشكيل حكومة ‏إنقاذية تكون بمستوى التحديات، حيادية غير حزبية وغير فئوية، تتألف ‏من ذوي كفاءات عالية، تثير أسماؤهم الإرتياح والأمل بحكومة ناجحة. ‏مقابل هذه الإلتفاتة النبيلة من الدول الصديقة شرقاً وغرباً، بات من واجب ‏قادة البلاد والأحزاب والحراك الشعبي، أن يتشاوروا في ما بينهم ويلتفوا ‏من أجل اتخاذ القرارات الوطنية وتقرير الخطوات الضرورية لدفع الدولة ‏إلى تغيير أدائها قبل الانهيار الكبير الذي لنْ يوفر أحدا". وإذ شجع ‏الأجهزة الامنية على توسيع مداهماتها لتشمل جميع المحتكرين وحاجبي ‏الحاجات الحياتية والصحية عن الناس، دعاها أيضا "وبخاصة إلى إغلاق ‏المعابر الحدودية ومنع التهريب. فكل إجراء إداري يتخذ يبقى ناقص ‏المفعول ما لم تغلق معابر التهريب بين لبنان وسوريا. وندعو القضاء ‏إلى ملاحقة المحتكرين والمهربين بعيداً من الضغوط السياسية والطائفية ‏والمذهبية".‏

وبدوره سأل المطران عودة: "هل تمت محاسبة أي من محتكري الأدوية، ‏أو سواها من مقومات الحياة، التي يمنعونها عن الشعب، وهم مجرمون ‏يستحقون العقاب؟ مؤسف أننا نعيش في بلد يذل فيه الضعيف ويموت، ‏فيما يستقوي الأقوياء بمن يغطون سيئاتهم ويتغاضون عن جرائمهم ‏كالفساد والإحتكار والمتاجرة بأرزاق الناس . نأسف أن ينظر في بلدنا ‏إلى أهل الضحايا على أنهم المجرمون، بينما القتلة الحقيقيون يسرحون ‏ويمرحون ويتهربون من العدالة.. . لم تعد الحرية والديموقراطية في ‏لبنان سوى كلمات فارغة، لأن الديموقراطية لا ترافق إلا النفس الحرة ‏النبيلة التي تحترم الذات وتحترم الآخرين. هل تصدقون من يكلمكم عن ‏الحق والعدل وهو يسرق حقوق الآخرين ويتاجر بأرواح الناس ‏وممتلكاتهم؟ هل تحترمون من يحتكر الطعام والدواء والمحروقات ‏ويمنعها عن المحتاجين من أجل جني الأرباح؟ أو من يعطل تشكيل ‏حكومة نحن بأمس الحاجة إليها للخروج من المأزق، بسبب مصلحة أو ‏مطلب؟".‏

مغدوشة وعنقون

على الصعيد الأمني اكتسب تجدد الصدام بين شبان من بلدتي مغدوشة ‏وعنقون امس طابعاً حساساً وخطيراً وتسارعت الجهود الأمنية والسياسية ‏لاحتوائه بعدما اثار الخشية من توظيف طائفي له على رغم انه نشب ‏على خلفية نزاع على الحصول على البنزين. وانتشرت وحدات معززة ‏من الجيش مساء في البلدتين منعاً للصدام علماً ان شبانا من بلدة عنقون ‏كانوا تسببوا بتجدد الصدام بعدما دخلوا عنوة منازل أطراف بلدة ‏مغدوشة، وقاموا بضرب عدد من الاهالي وتكسير سيارات ومزارات في ‏البلدة، وتصاعدت حدة التوتر بين البلدتين اثر دخول عناصر مخفر ‏مغدوشة الى عنقون، بحثا عن المعتدين في الاشكال الذي وقع في البلدة ‏قبل يومين. وطالبت حركة امل و"حزب الله" الجيش بالتدخل.‏

وسجل انتشار كثيف للجيش اللبناني في مغدوشة وعند مداخل بلدة عنقون ‏وجرى توقيف عدد من المتورطين في الاشتباكات والاعتداءات وبدأ ‏الوضع يعود الى الهدوء وان مشوبا بحذر شديد.‏

وردا على اتهامات صدرت لحركة "امل" بالتورط في الاعتداءات، ‏أصدرت الحركة بيانا اكدت فيه "عدم علاقتها بأي شكل من الإشكال بما ‏حصل في بلدة مغدوشة". واعتبرت "أنه أمر غير مقبول على الإطلاق، ‏ولا يمت إلى أدبيات العيش المشترك التي لطالما تمسكت بها الحركة ‏ودفعت الدم في سبيلها وفي سبيل حماية مغدوشة والإبقاء عليها أيقونة في ‏الجنوب" .‏

وبناء لتوجيهات رئيس مجلس النواب نبيه بري زار مفتي صور وجبل ‏عامل المسؤول الثقافي المركزي في حركة "أمل" الشيخ حسن عبدالله بلدة ‏مغدوشة مساء اليوم وعقد لقاءً مع راعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم ‏الملكيين الكاثوليك المطران ايلي حداد في منزل النائب ميشال موسى ‏وانتقل بعدها المجتمعون الى بلدة عنقون حيث التقوا فعاليات بلدة عنقون ‏في النادي الحسيني للبلدة، واكدوا ضرورة المحافظة على العيش ‏المشترك وحسن الجوار بين البلدتين.‏




النهار