كتبت صحيفة " النهار " تقول : لم تكن الحملة اللافتة لرئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمته لمناسبة الذكرى الـ 43 لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه على "الثلث المعطل" وربط تشكيل الحكومة به، ولو من دون أن يسمي الفريق الذي يتولى هذا الربط، وكذلك إلحاحه على وجوب تشكيل الحكومة "هذا الأسبوع لتحرير الناس من الطوابير" سوى مؤشر متقدم على بلوغ الازمة الحكومية مرحلة مفصلية يفترض انها تعكس الوصول إلى خيارات حاسمة.
ولكن، وفق المعطيات المتوافرة لـ"النهار" فان الجمود ظلّ يتحكم بعملية التأليف رغم كل ما تردد عن تقدم وساطة يقوم بها اللواء عباس ابرهيم بين بعبدا والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، علما انها الوساطة الثالثة التي بذلت في هذا السياق.
ومع أن اللواء ابرهيم وكلاً من النائب علي حسن خليل والمستشار في "حزب الله" حسين الخليل يشاركون في الاتصالات والتفاوض على العقد المتبقية، الا ان اوساطا مطلعة ظلت تشكك في ان لا ضوء اخضر بعد لولادة حكومة.
آخر التسريبات افادت بان اتفاقاً قد تحقق على تسمية وزيرة للعدل هي القاضية ريتا كرم كما على تسمية القاضي بسام المولوي لوزارة الداخلية، وان سعادة الشامي قد يسمى وزيراً للاقتصاد، ومروان بو فاضل نائباً لرئيس الحكومة. كما اشارت إلى أن عقدة المردة ذلّلت بموافقة رئيس الجمهورية ميشال عون على توزير مارونيين من كسروان لكتلة المردة وفريد هيكل الخازن.
وفيما تشير بعض المصادر إلى تقدم في الاتصالات الناشطة، كشفت مصادر اخرى أنه إذا مرّ هذا الاسبوع من دون أن يوافق رئيس الجمهورية على التشكيلة التي قدمها اليه الرئيس المكلف، الذي يترك مجالاً للأخذ والرد على بعض اسمائها، فعندئذ قد يجد الرئيس ميقاتي نفسه مضطراً للاعتذار. وتحدثت المعلومات عن حركة ناشطة سجّلت في الساعات الأخيرة ودخول الرئيس بري على خط الجهود لاستعجال الولادة الحكومية وإزالة شرط الثلث المعطل، ومن هنا كانت إشارته عمدا في كلمته إلى التشديد على الولادة هذا الأسبوع. وتجمع المصادر على أن هذا الاسبوع يفترض أن يكون مفصلياً بين خياري التأليف اوالاعتذار الذي أرجأه الرئيس ميقاتي بناء لتدخلات داخلية وخارجية ولاسيما من الجانب الفرنسي.
وتكشف بعض المصادر أن السفير برنار ايمييه الذي يتولى التواصل هو الذي نقل رغبة الرئاسة الفرنسية بعدم الاعتذار خشية أن يتكّبد اللبنانيون مزيداً من انهيار العملة ومن سقوط البلد في الفراغ السياسي والمجهول الامني.
وتجدر الإشارة إلى أن مصادر مؤيدة لموقف بعبدا توقفت عند قول الرئيس ميقاتي في مقابلته التلفزيونية الاخيرة بأن رئيس الحكومة هو الذي يتعرض للمحاسبة في مجلس النواب وهو بالتالي المسؤول، وعليه اختيار الوزراء ليشاركوه المسؤولية. وتساءلت هذه المصادر اذا كان الامر كذلك، فلماذا يشن رؤساء الحكومة السابقون في بياناتهم، وآخرها البيان الذي صدر قبل ايام، حملات على رئيس الجمهورية ويحمّلونه مسؤولية ما يجري، وكيف لا يحاسبون هم انفسهم على ما ارتكبوه خلال وجودهم في المسؤولية طالما أن رؤساء الحكومة يكونون موضع تساؤل ومحاسبة كما قالوا في بيانهم. وتساءلت المصادر اليس في هذه المواقف من تناقض، ثم كيف يتجاهلون ما ورثه العهد من السنوات السابقة التي كان فيها هؤلاء الرؤساء في موقع المسؤولية على مدى ثلاثة عهود متتالية؟
مواقف بري
أما الرئيس بري فتناول في الكلمة التي القاها للسنة التالية من عين التينة في ذكرى الامام الصدر معظم التطورات وتحدث عن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت مؤكدا أن " لا حصانة فوق رأس أيّ متورط من رأس الهرم ونزولاً إلى أسفله والحصانة في قضية انفجار المرفأ فقط للقضاء والعدالة، وتعاونّا وسنتعاون كمجلس نيابي مع القضاء إلى أقصى الحدود ولم نقل يوماً إننا ضد رفع الحصانات وجلّ ما طالبنا به هو تطبيق القانون والدستور". وقال إن "مجلس النواب ليس مجلس نيترات والمطلوب من المحقق العدلي القاضي طارق بيطار تطبيق القوانين بدءا من الدستور لا أن يقفز فوقها او ينتقي او يتحيّز، اسمع صوت العدالة لا صوت من يهتف لك والويل لقاضي الارض من قاضي السماء."
ورأى بري أننا "أمام محاولة موصوفة لاختطاف لبنان واسقاطه من الداخل وهناك العديد من المؤشرات التي تدلّ على ذلك." وتساءل "لمصلحة من تسليم لبنان لسلطة ما يسمى مؤسسات المجتمع المدني على أنها بديل للدولة والمؤسسات ومن يمولها ويدربها؟".
وفي ملف تشكيل الحكومة سأل "هل ربط تشكيل الحكومة بالثلث المعطل هل هو سياسة أم مساسة؟ وهل جهنم بحاجة إلى مأموري أحراش؟ فكرنا الباشا باشا طلع الباشا زلمي!"
وقال "يجب تنحية كل الخلافات والاسراع بتشكيل حكومة خلال هذا الأسبوع تعمل على تحرير اللبنانيين من طوابير الذل وتفعيل عمل الجهات القضائية والرقابية." وأضاف بري: "لمصلحة من التهديد والتلويح بالإستقالات من مجلس النواب ولمصلحة من تعطيل آخر مؤسسة منتجة وعاملة في لبنان على المستوى التشريعي؟" وأما عن السفينة الإيرانية التي تنقل محروقات إلى لبنان فأكد بري "أننا لا نرى حرجاً في تقبل أي مساعدة للشعب اللبناني خصوصاً من إيران أو مصر أو سوريا وأي دولة عربية شقيقة وصديقة. ونقول للقاصي والداني إن حركة أمل كانت ولا تزال مبتدأ المقاومة".
الازمات إلى اشتداد
وسط هذه الاجواء، لا تزال الهموم المعيشية في الواجهة علما أن الوضع عاد إلى التفاقم بأسوأ مما كان عليه في الأيام السابقة امام محطات الوقود حيث الطوابير على حالها للحصول على البنزين فيما مادة المازوت مقطوعة. وقد طالب رئيس الجمهورية في هذا السياق الأجهزة العسكرية والأمنية والقضائية، "بالتعاطي بشفافية مع المواطنين فيما خص نتائج المداهمات التي تقوم بها القوى العسكرية والأمنية لمستودعات الادوية والمواد الغذائية ومحطات المحروقات، والتي تزايدت خلال الأيام الماضية. واعتبر "أن من حق اللبنانيين، من اجل استعادة ثقتهم بالدولة وبأجهزتها ومؤسساتها كافة، أن يعرفوا من هم المتهمون الفعليون باحتكار الادوية وحليب الاطفال والمستلزمات الطبية وتخزينها لبيعها بسعر اعلى وحرمان المحتاجين منها. كما من حقهم ايضاً أن يعرفوا من هم أولئك الذين خزّنوا المحروقات ولاجل أي غاية، وما هي الإجراءات التي اتخذت في حقهم، وهل أوقفوا وأودعوا السجن، ام تواروا عن الأنظار، او حظيوا بحماية من جهات او مرجعيات امّنت لهم التفلت من العدالة؟ كذلك طالب الرئيس عون بإعلام المواطنين عن مصير المواد المصادرة، معتبرا ان ما لم يحصل اللبنانيون على أجوبة واضحة لهذه التساؤلات المشروعة، ستبقى علامات الاستفهام تجول في خواطرهم وتزيد من معاناتهم، وتتلاشى يوما بعد يوم الثقة التي يفترض ان تقوم بينهم وبين دولتهم بأجهزتها كافة".
على خط آخر، غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قائلاً: "لمن يهمه الأمر "ضاع الكثير من الأموال المخصصة للإغاثة الإنسانية وإعادة بناء المجتمع المدني بسبب الاحتيال والتبديد والانتهاكات". أضاف: أما بالنسبة للبنان فقد جاء الكثير من الأموال والمساعدات بعد انفجار المرفأ ولكن السؤال الكبير يبقى كيف يتم توزيعها أو تخصيصها؟".
النهار