عرب وعالم

ذكرى 11 أيلول.. كيف تغيّرت حرب أميركا على الإرهاب؟

تم النشر في 10 أيلول 2021 | 00:00

في خريف عام 2001، كان عميل مكتب التحقيق الفيدرالي آرون زيبلي في نيويورك. قد استلم ‏لتوه منصبا جديدا يعنى بمحاربة الجريمة، بعد أن أمضى السنوات الماضية في مكافحة الإرهاب

وللمفارقة، كان يومه الأول في الوظيفة الجديدة في 11 سبتمبر، يوم الهجمات الإرهابية التي لن ‏تنساها أميركا.‏

وقال زيبلي الذي كان حينها يبلغ من العمر 31 عاما: "كنت أنظف المكتب (المعنى الحرفي ‏للكلمة)، عندما اصطدمت الطائرة الأولى بالبرج الشمالية. لقد اهتز بنايتنا".‏

أضاف: "في وقت لاحق من ذلك اليوم، تم إعادتي إلى وحدة مكافحة الإرهاب".‏

وكان عميل الـ"أف، بي، آي" قد أمضى السنوات الثلاث السابقة للهجوم الضخم في التحقيق في ‏الهجمات الإرهابية التي طالت سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، وصار لاحقا عضوا ‏بارزا في فريق تحقيق "أف، بي، آي" في هجمات 11 سبتمبر.‏

وسرعان ما اتضح أن تنظيم القاعدة الإرهابي كان وراء تلك الهجمات المدمرة، وتدرب عناصره ‏في معسكرات التنظيم في أفغانستان، وفي النهاية سافروا إلى أميركا لشن الهجمات عبر خطف ‏الطائرات.‏

الهجوم الثاني

وبينما كان الشعب الأميركي في حالة صدمة من الهجوم المدمر الذي أوقع نحو 3 آلاف قتيل، ‏كانت إدارة الرئيس الأميركي حينها جورج بوش الابن تعمل بشكل محموم تفادي وقوع هجوم ‏إرهابي ثان.‏

وأمر بوش أعضاء إدارته بمن فيهم مسؤول مكافحة الإرهاب، ريتشار كلارك، بتخيل شكل ‏الهجوم التالي على أميركا وووضع الخطط الكفيلة بإحباطه.‏

وقال كلارك إن أميركا حينها كانت تعاني من نقاط ضعف كثيرة، ذلك أن أحدا لم يفكر جديا ‏باحتمال تعرض البلاد لهجمات إرهابية.‏

وعلى مدى عقدين، ضخت الحكومة الأميركية أموالا وموارد ضخمة، لحماية البلاد من هجوم ‏إرهابي آخر، وتمثل ذلك بإنشاء وزارة للأمن الداخلي، لحماية البلاد من الهجمات الإرهابية، كما ‏قدمت الإدارات المتعاقبة الدعم للأجهزة الأمنية والجيش لكي تضرب تنظيم القاعدة بكل قوة.‏

وغزت الولايات المتحدة أفغانستان التي كانت ملاذا للقاعدة، كما طاردت وكالة الاستخبارات ‏المركزية "سي، أي، إيه"، عناصر القاعدة في شتى أنحاء العالم.‏

‏"كما شنت إدارة بوش حربا في العراق، والتي أدت إلى عقدين من إراقة الدماء، وهزت الشرق ‏الأوسط وأنتجت جيلًا آخر من الإرهابيين"، بحسب ما يقول موقع "الإذاعة الوطنية الأميركية"، ‏في تحليل بمناسبة الذكرى العشرين للهجمات الإرهابية.‏

تغير "الأف، بي، آي"‏

وعلى صعيد الداخل الأميركي، تغيرت هيكلية مكتب التحقيقات الفيدرالي بشكل هائل، فقد أمر ‏رئيس المكتب حينها، روبرت مولر، بتحويل 2000 من عملاء الجهاز الأمني إلى وحدة مكافحة ‏الإرهاب.‏

وكانت مولر قبل هجمات سبتمبر يسعى إلى تحويل المكتب إلى هيئة أمنية تعنى بمكافحة ‏الجريمة، وبعد الهجمات صارت الأولولية لمكافحة الإرهاب ومنع الهجوم التالي.‏

وبدا أن الولايات المتحدة حققت نجاحات على صعيد التصدي للهجمات الإرهابية، مثل المحاولة ‏التي كانت تستهدف جسر بروكلين في نيويورك.‏

وبمرور الوقت، فهم مكتب التحقيقات الفيدرالي وشركاؤه تنظيم القاعدة بشكل جيد بما في ذلك ‏هيكلها الهرمي.‏

ويقول زيبلي إن الأمر يعود إلى حد كبير إلى تحسن قدرات الولايات المتحدة على جمع كل ‏الخيوط الاستخبارية، وزيادة وتيرة العمليات ضد الإرهاب.‏

أضاف أن جهد الولايات المتحدة بعد الهجمات الإرهابية صارت عشرة أضعاف ما كان عليه قبل ‏الهجمات.‏

العولقي

وبعد تلاشي خطر القاعدة الأم، ظهر فرع صغير له مقره اليمن، وصار أكبر تهديد للأمن ‏الأميركي.‏

وظهر خطر هذا التنظيم في عام 2009، عندما أطلق الرائد بالجيش الأميركي نضال حسن النار ‏في قاعدة عسكرية مما أدى لمقتل 13 شخصا، وبعد نحو شهر حاول شاب نيجري تفجير طائرة ‏ركاب فوق مدينة ديترويت.‏

وسرعان ما اتضح أن الرجلين كانا على اتصال بشخصية بارزة في القاعدة يدعى أنور العولقي.‏

ويقول الرجل الثاني السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، جون بيستول، إنه فشل في تقدير ‏مدى الخطر الذي يشكله العولقي على الأمن الأميركي.‏

وكان العولقي يستخدم الإنترنت في دعايته ضد الولايات المتحدة، وقتل في غارة جوية عام ‏‏2011، في خطوة أثارت جدلا في أميركا خاصة أنه كان يحمل جنسيتها.‏

داعش

وبعد بضع سنوات ظهرت مجموعة إرهابية مختلفة في سوريا والعراق. إنها داعش، التي بنت ‏على ما صنعه العولقي في العالم الافتراضي.‏

وقالت مسؤولة الأمن القومي السابقة في وزارة العدل، ماري ماكورد إن ظهور تنظيم داعش ‏على الساحة كان خارج التوقعات، في صيف 2014، مشيرة إلى تكثيفه استخدام فيديوهات قطع ‏الرؤوس والاستخدام الغزير لوسائل التواصل الاجتماعي

ومثل القاعدة، استخدم داعش معقله بسوريا والعراق للتخطيط لعمليات في الخارج، مثل الهجمات ‏المنسقة في عام 2015 التي أودت بحياة 130 شخصا في باريس.‏

وقال ماكورد: "لقد اسخدموا التكنولوجيا بطريقة أكثر تعقيدا بكثير مما رأيناه مع معظم المنظمات ‏الإرهابية الأجنبية الأخرى".‏

بدوره، قال تشاك روزنبرغ، الذي شغل منصب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي:"كان التهديد أفقيا ‏بدرجة أكبر. وكان من الصعب محاصرته".‏

وأردف أنه "يمكن للأشخاص المتأثيره بدعاية داعش الانتقال من مشاهدة مقاطع الفيديو التابعة ‏للتنظيم إلى العمل بسرعة نسبيا دون إطلاق الإنذارات".‏

لكن جاذبية التنظيم تضاءلت بعد أن نجح تحالف عالمي بقيادة الولايات المتحدة في استعادة كل ‏الأراضي التي استولت عليها داعش في سوريا والعراق.‏

الإرهاب المحلي

ومع انحسار تأثير الإرهاب الخارجي، كان هناك إرهاب من نوع الآخر يتطور على الأرض ‏الأميركي، ويوصف بـ"الإرهاب المحلي".‏

ولما يقرب من عقدين من الزمن ، أعطى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأولوية للقتال ضد ‏الإرهابيين الدوليين. لكن في أوائل عام 2020 ، قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر ‏وراي إن ذلك تغير.‏

وشهد أمام الكونغرس: "لق لاحظنا مستوى أعلى من التطرف العنيف بدوافع عنصرية، لذا فهو ‏يساوي داعش في تهديد أمننا القومي".‏

ووقعت سلسلة من الهجمات الدامية في الولايات المتحدة، كان يقف وراءها جهات عنصرية، ‏وتجلت بصورة كبيرة في 6 يناير الماضي، عندما اقتحم عناصر هذه الجماعات مقر الكونغرس ‏الأميركي.‏




سكاي نيوز عربية