عرب وعالم

الأميركيون يتجسّسون على أفغانستان.. وطائراتهم في الأجواء

تم النشر في 14 أيلول 2021 | 00:00

بدأت الإدارة الأميركية مواجهة التحديات الجديدة في أفغانستان وأوّلها هو إخراج ‏من تبقّى من الأميركيين أو المتعاونين الأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية ‏خلال السنوات العشرين الماضية‎.‎

الهروب من أفغانستان

هناك مركز متخصص في العمليات المتقدمة تابع للقيادة المركزية، ومركزه الآن ‏قطر، يعمل من خلاله الأميركيون للاتصال بطالبان، وتقول مصادر العربية ‏والحدث إن وجود ممثلين عن حركة طالبان في الدوحة يسهّل الاتصال المباشر أو ‏شبه المباشر بين الأميركيين وطالبان لكن ما يحدث بعد ذلك فمسألة بالغة التعقيد‎.‎

وتقول مصادر "العربية" و"الحدث" إن طالبان أبدت تعاوناً ملموساً لجهة تسهيل ‏خروج من يحملون أوراقا تثبت أنهم أميركيون أو مقيمون أميركيون، لكن الحركة ‏لا تتعاون بالشكل الكافي للمساعدة في خروج آخرين ممن علقوا في أفغانستان أو ‏يريدون الآن الخروج لأنهم معرّضين للاضطهاد لأسباب دينية أو شخصية‎.‎

تعتبر الحكومة الأميركية أن إخراج هؤلاء أولوية، وتسعى للعمل على ذلك حتى ‏بدون التعاون مع طالبان، وهناك من يجدون مساعدات لدى جمعيات إنسانية تعمل ‏في أفغانستان، ويحاولون التعاون معها للوصول إلى المعابر الحدودية والخروج إلى ‏باكستان أو إلى طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان‎.‎

لكن التحدّي الأخطر لدى الأميركيين هو تحدّي الإرهاب، فعلى رغم كل الوعود ‏يرى الأميركيون أن طالبان لم ترفض فكر القاعدة، وأن عناصر من التنظيم ‏الإرهابي يعملون على الأرض في أفغانستان وبمعرفة تنظيم طالبان ويخشى ‏الأميركيون كثيراً من أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل العام 2001‏‎.‎

تنظيم داعش خورسان يشكل تحدّيا معكوسا، حيث إن طالبان على عداء مع هذا ‏التنظيم، لكنها لم تتمكن منذ سنوات من القضاء عليه على رغم كل المحاولات ‏والتصفيات التي قام بها التنظيم والحكومة الأفغانية السابقة‎.‎

التهديد الإرهابي النابع من أفغانستان تهديد حقيقي تقول مصادر العربية والحدث، ‏وتعمل الولايات المتحدة الآن بشكل جدّي على تطبيق استراتيجية "عبر الأفق" ‏وبحسب مصادر العربية والحدث فإن أجهزة الاستخبارات الأميركية والقوات ‏العسكرية الأميركية تستعين بـ "قدرات بشرية" في أفغانستان بالإضافة إلى "الرصد ‏الإلكتروني" وعمليات "المسح الجوّي‎"‎‏.‏

التجسس الأميركي

تشرح مصادر العربية والحدث بالقول إن الأميركيين ما زال لديهم في أفغانستان ‏متعاونون قادرين على رصد التحركات، وجمع المعلومات عن التنظيمات الإرهابية ‏وعناصرها، ومراقبة ما يحدث على الأرض، وهم يقدّمون هذه المعلومات ‏للأميركيين خارج أفغانستان‎.‎

كما أن قدرات الأميركيين على الرصد الإلكتروني عالية، وهم يعملون من خلال ‏أجهزة التنصت على رصد أي إشارات وحوارات تدّل على نشاطات التنظيمات ‏الإرهابية مثل القاعدة وداعش خورسان، بالإضافة إلى عناصر تنظيم حقّاني وهو ‏يعمل من ضمن مظلة تنظيم طالبان‎.‎

العنصر الثالث في هذه الاستراتيجية يقوم على المسح الجوّي، وتؤكد مصادر ‏العربية والحدث أن مسيرات وطائرات الرصد التابعة للقوات الأميركية وأجهزة ‏الاستخبارات تحلّق على مدار الساعة في الأجواء الأفغانية، وتقوم بعمليات المسح ‏والتجسس وتؤكد هذه المصادر للعربية والحدث أن المسيرات والطائرات لديها ‏القدرات على شنّ هجوم من الجوّ وتدمير أهداف كثيرة على الأراضي الأفغانية‎.‎

الثقة الأميركية

تؤكد مصادر العربية والحدث أن وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات الأميركية ‏مطمئنة إلى أن استراتيجية عبر الأفق تعمل، وهي فعالة، وقال أحد المتحدثين إنه ‏يجب النظر إلى العمليتين الجويتين اللتين قامت بهما القوات الأميركية فهما مثال ‏جيّد على نجاح هذه الاستراتيجية‎.‎

تجدر الإشارة إلى أن العملية الأولى كانت تصفية أحد منظمي الهجوم الانتحاري ‏على مطار كابل خلال عملية الانسحاب، والعملية الثانية أصابت سيارة في أحد ‏أحياء كابول وقال الأميركيون حينها إنها كانت تستعد لشنّ هجوم انتحاري ثان على ‏المطار‎.‎

تعرضت الولايات المتحدة لانتقادات كثيرة من قبل الصحافة ومؤسسات حقوق ‏الإنسان بعدما نشرت صحيفة نيويورك تايمز منذ أيام تحقيقاً يقول إن الرجل الذي ‏لاحقته المسيرات الأميركية ثم قتلته مع عدد من أبنائه إنما هو شخص بريء ويعمل ‏لمصلحة جمعية خيرية غير حكومية‎.‎

أحد المتحدثين قال لـ"العربية" و"الحدث" إنه رأى التقارير الصحافية التي تشير ‏الى أن المستهدف شخص بريء، لكنه قال ان المسألة قيد التحقيق من قبل القيادة ‏المركزية، وربما تكون الأشياء أكثر تعقيداً من ما نعرف الآن، وأشار الى أن ‏عمليات الرصد التي سبقت العملية هي مثال جيّد على نجاح الرصد الجوي وشنّ ‏الهجوم على هدف إرهابي‎.‎

الصعوبات الآتية

هذه الصورة "الوردية" ربما لا تكون ذاتها غداً أو بعد سنة أو سنتين، لأن الحرب ‏عبر الأفق تشترط تعاوناً من قبل باكستان أولاً، حيث إن الطائرات الأميركية تعبر ‏الأجواء الباكستانية للوصول الى الأجواء الأفغانية وتستطيع باكستان مع الوقت ‏الاعتراض على التحليق مثلما تعترض الآن على وجود قوات أميركية على ‏أراضيها‎.‎

الصعوبة الثانية مصدرها العنصر البشري على الأرض، حيث إن الأميركيين ‏غادروا منذ أسبوعين فقط وما زالت لديهم اتصالات مباشرة مع متعاونين على ‏الأرض، لكن خروج الأميركيين ومرور الوقت سيضعفان هذه الاتصالات مع ‏السكان المحليين وسيصبح الأمر أكثر صعوبة‎.‎

في أفضل تقدير، فإن أفغانستان لم تعد إلى ما كانت عليه في 10 أيلول/سبتمبر ‏‏2001 وإن تعاوناً أميركيا باكستانياً مع دول وسط آسيا سيدفع إلى احتواء مشاكل ‏أفغانستان ويحصر المخاطر داخل حدودها، لكن هذا السيناريو سيواجه تحديات ‏كثيرة وسيتطلب الكثير من الدبلوماسية والضغوط الأميركية والتعاون مع الأصدقاء ‏والأعداء للوصول إلى نتيجة‎.‎




العربية.نت