بدأت الإدارة الأميركية مواجهة التحديات الجديدة في أفغانستان وأوّلها هو إخراج من تبقّى من الأميركيين أو المتعاونين الأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية خلال السنوات العشرين الماضية.
الهروب من أفغانستان
هناك مركز متخصص في العمليات المتقدمة تابع للقيادة المركزية، ومركزه الآن قطر، يعمل من خلاله الأميركيون للاتصال بطالبان، وتقول مصادر العربية والحدث إن وجود ممثلين عن حركة طالبان في الدوحة يسهّل الاتصال المباشر أو شبه المباشر بين الأميركيين وطالبان لكن ما يحدث بعد ذلك فمسألة بالغة التعقيد.
وتقول مصادر "العربية" و"الحدث" إن طالبان أبدت تعاوناً ملموساً لجهة تسهيل خروج من يحملون أوراقا تثبت أنهم أميركيون أو مقيمون أميركيون، لكن الحركة لا تتعاون بالشكل الكافي للمساعدة في خروج آخرين ممن علقوا في أفغانستان أو يريدون الآن الخروج لأنهم معرّضين للاضطهاد لأسباب دينية أو شخصية.
تعتبر الحكومة الأميركية أن إخراج هؤلاء أولوية، وتسعى للعمل على ذلك حتى بدون التعاون مع طالبان، وهناك من يجدون مساعدات لدى جمعيات إنسانية تعمل في أفغانستان، ويحاولون التعاون معها للوصول إلى المعابر الحدودية والخروج إلى باكستان أو إلى طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان.
لكن التحدّي الأخطر لدى الأميركيين هو تحدّي الإرهاب، فعلى رغم كل الوعود يرى الأميركيون أن طالبان لم ترفض فكر القاعدة، وأن عناصر من التنظيم الإرهابي يعملون على الأرض في أفغانستان وبمعرفة تنظيم طالبان ويخشى الأميركيون كثيراً من أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل العام 2001.
تنظيم داعش خورسان يشكل تحدّيا معكوسا، حيث إن طالبان على عداء مع هذا التنظيم، لكنها لم تتمكن منذ سنوات من القضاء عليه على رغم كل المحاولات والتصفيات التي قام بها التنظيم والحكومة الأفغانية السابقة.
التهديد الإرهابي النابع من أفغانستان تهديد حقيقي تقول مصادر العربية والحدث، وتعمل الولايات المتحدة الآن بشكل جدّي على تطبيق استراتيجية "عبر الأفق" وبحسب مصادر العربية والحدث فإن أجهزة الاستخبارات الأميركية والقوات العسكرية الأميركية تستعين بـ "قدرات بشرية" في أفغانستان بالإضافة إلى "الرصد الإلكتروني" وعمليات "المسح الجوّي".
التجسس الأميركي
تشرح مصادر العربية والحدث بالقول إن الأميركيين ما زال لديهم في أفغانستان متعاونون قادرين على رصد التحركات، وجمع المعلومات عن التنظيمات الإرهابية وعناصرها، ومراقبة ما يحدث على الأرض، وهم يقدّمون هذه المعلومات للأميركيين خارج أفغانستان.
كما أن قدرات الأميركيين على الرصد الإلكتروني عالية، وهم يعملون من خلال أجهزة التنصت على رصد أي إشارات وحوارات تدّل على نشاطات التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش خورسان، بالإضافة إلى عناصر تنظيم حقّاني وهو يعمل من ضمن مظلة تنظيم طالبان.
العنصر الثالث في هذه الاستراتيجية يقوم على المسح الجوّي، وتؤكد مصادر العربية والحدث أن مسيرات وطائرات الرصد التابعة للقوات الأميركية وأجهزة الاستخبارات تحلّق على مدار الساعة في الأجواء الأفغانية، وتقوم بعمليات المسح والتجسس وتؤكد هذه المصادر للعربية والحدث أن المسيرات والطائرات لديها القدرات على شنّ هجوم من الجوّ وتدمير أهداف كثيرة على الأراضي الأفغانية.
الثقة الأميركية
تؤكد مصادر العربية والحدث أن وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات الأميركية مطمئنة إلى أن استراتيجية عبر الأفق تعمل، وهي فعالة، وقال أحد المتحدثين إنه يجب النظر إلى العمليتين الجويتين اللتين قامت بهما القوات الأميركية فهما مثال جيّد على نجاح هذه الاستراتيجية.
تجدر الإشارة إلى أن العملية الأولى كانت تصفية أحد منظمي الهجوم الانتحاري على مطار كابل خلال عملية الانسحاب، والعملية الثانية أصابت سيارة في أحد أحياء كابول وقال الأميركيون حينها إنها كانت تستعد لشنّ هجوم انتحاري ثان على المطار.
تعرضت الولايات المتحدة لانتقادات كثيرة من قبل الصحافة ومؤسسات حقوق الإنسان بعدما نشرت صحيفة نيويورك تايمز منذ أيام تحقيقاً يقول إن الرجل الذي لاحقته المسيرات الأميركية ثم قتلته مع عدد من أبنائه إنما هو شخص بريء ويعمل لمصلحة جمعية خيرية غير حكومية.
أحد المتحدثين قال لـ"العربية" و"الحدث" إنه رأى التقارير الصحافية التي تشير الى أن المستهدف شخص بريء، لكنه قال ان المسألة قيد التحقيق من قبل القيادة المركزية، وربما تكون الأشياء أكثر تعقيداً من ما نعرف الآن، وأشار الى أن عمليات الرصد التي سبقت العملية هي مثال جيّد على نجاح الرصد الجوي وشنّ الهجوم على هدف إرهابي.
الصعوبات الآتية
هذه الصورة "الوردية" ربما لا تكون ذاتها غداً أو بعد سنة أو سنتين، لأن الحرب عبر الأفق تشترط تعاوناً من قبل باكستان أولاً، حيث إن الطائرات الأميركية تعبر الأجواء الباكستانية للوصول الى الأجواء الأفغانية وتستطيع باكستان مع الوقت الاعتراض على التحليق مثلما تعترض الآن على وجود قوات أميركية على أراضيها.
الصعوبة الثانية مصدرها العنصر البشري على الأرض، حيث إن الأميركيين غادروا منذ أسبوعين فقط وما زالت لديهم اتصالات مباشرة مع متعاونين على الأرض، لكن خروج الأميركيين ومرور الوقت سيضعفان هذه الاتصالات مع السكان المحليين وسيصبح الأمر أكثر صعوبة.
في أفضل تقدير، فإن أفغانستان لم تعد إلى ما كانت عليه في 10 أيلول/سبتمبر 2001 وإن تعاوناً أميركيا باكستانياً مع دول وسط آسيا سيدفع إلى احتواء مشاكل أفغانستان ويحصر المخاطر داخل حدودها، لكن هذا السيناريو سيواجه تحديات كثيرة وسيتطلب الكثير من الدبلوماسية والضغوط الأميركية والتعاون مع الأصدقاء والأعداء للوصول إلى نتيجة.
العربية.نت