أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، استقالة المبعوث الأميركي إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، من دون أن توضح أسباب تلك الخطوة.
إلا أن رسالة الاستقالة كشفت جزءا يسيرا، ووعدت بكشف المزيد عن خفايا التعثر في الملف الأفغاني، وفشل المفاوضات التي جرت لأشهر طويلة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان.
فقد أكد خليل زاد، الذي شغل مجموعة من المناصب في ظل إدارات أميركية عديدة على مر السنوات الماضية، من ضمنها منصب السفير الأميركي في أفغانستان والعراق، في رسالة الاستقالة التي قدمها إلى وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بحسب ما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "الترتيبات السياسية بين الحكومة الأفغانية وطالبان لم تمضِ قدمًا على النحو الذي كان مخططا لها".
كما أضاف أن أسباب هذا التعثر معقدة للغاية، واعداً بكشف المزيد خلال الأيام المقبلة.
فقد كتب موضحا "سأشارك أفكاري في الأيام والأسابيع المقبلة، بعد ترك الخدمة الحكومية" .
كما أعرب عن أسفه لما آلت إليه الأمور، لكنه شدد في الوقت عينه على أن هذا التعثر أو "ليس حتما الفصل الأخير".
ابن أفغانستان
يشار إلى أن تلك الاستقالة أتت بعد أشهر من فشل الجهود الدبلوماسية التي قادها زلماي في منع حركة طالبان من الاستيلاء على السلطة في بلده الأمّ.
وخليل زاد دبلوماسي مخضرم وُلد قبل 70 عاماً في أفغانستان وتقلّد مناصب رفيعة في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن.
يتحدّر من مزار الشريف في شمال أفغانستان ويجيد الباشتو والداري، وهما اللغتان الرئيسيتان في البلاد.
تولّى زاد ملف العلاقة بين الولايات المتحدة وأفغانستان عام 2018 بعدما عينته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مبعوثاً خاصاً للإشراف على المفاوضات مع حركة طالبان، وهي مفاوضات لم يشرك فيها الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في كابل.
أثمرت المفاوضات لاحقا عن اتفاق تاريخي أبرم في الدوحة في شباط/فبراير 2020 وتعهّدت الولايات المتّحدة بموجبه بالانسحاب من أفغانستان في العام التالي.
لكنّ مفاوضات السلام بين طالبان وحكومة كابل لم تحرز أي تقدم يذكر، وعندما دنا موعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان انهارت في غضون أيام القوات الحكومية التي بنتها الولايات المتحدة على مدى 20 عاماً.
سلسلة تنازلات أميركية
فقد بدا أنّ الاتفاق الذي رسم معالمه خيل زاد لم يكن أكثر من مجرّد سلسلة تنازلات أميركية، إذ نصّ على أن تغادر الولايات المتحدة أفغانستان من دون وقف لإطلاق النار ومن دون أن تضع حتى إطار عمل لأي عملية سلام مستقبلية تنهي الحرب.
وبدلاً من انتزاع ضمانات من طالبان في الأشهر التي تلت الاتفاق، كثّف خليل زاد الضغط على الحكومة الأفغانية فأجبر الرئاسة على إطلاق سراح آلاف السجناء التابعين للحركة، الذين عزّزوا على الفور صفوف مسلّحي الحركة.
إلى ذلك، فاقم الاتفاق الضغط على حكومة كابل إذ أطلق عدّاً تنازلياً بسبب تعهّد أميركا بسحب كامل جنودها من أفغانستان بحلول أيار/مايو 2021، في مهلة تم تمديدها لاحقا إلى أيلول/سبتمبر.
ولم يترك ذلك أمام الحكومة الأفغانية الكثير من الوقت والمساحة للمناورة.
ثم أتى لاحقا قرار الرئيس الأميركي جو بايدن في نيسان/أبريل المضيّ قدماً بالانسحاب، ليشعل آخر فتيل، فأطلق العنان لهجوم شامل شنّته طالبان مطيحة بالحكومة الأفغانية بالقوة في 15 آب/أغسطس.
العربية.نت