دأبت طهران خلال الأيام والأسابيع الماضية على التأكيد على أنها ستستأنف المحادثات النووية في فيينا، إلا أنها أمس حددت بشكل واضح بعض شروط تلك العودة إلى طاولة المفاوضات، ومنها ما أعلنه رئيسها، إبراهيم رئيسي، من أن ضرورة رفع أميركا للعقوبات كبادرة حسن نية.
إلا أن سياسة الحكومة الجديدة في ما يتعلق بالملف النووي تحكمها 3 وثائق رئيسية تحدد توجهاتها في هذا الشأن: ألا وهي أولا رسالة المرشد علي خامنئي إلى الرئيس السابق حسن روحاني عام 2025، التي وافق فيها على خطة العمل الشاملة(الاتفاق النووي) آنذاك.
أما الوثيقة الثانية فمشروع قانون "خطة العمل الاستراتيجية لمواجهة العقوبات" الذي أقره البرلمان في 2 ديسمبر 2020؛ والثالثة خطاب المرشد في 7 فبراير 2021.
وبالتالي فإن المضي قدماً في المفاوضات النووية، لا بد بحسب دراسة أعدتها مؤسسة الشرق الأوسط للأبحاث، التماشي مع التوجيهات المنصوص عليها في هذه الوثائق الثلاث.
لذا يتمسك الإيرانيون بـ 5 شروط رئيسية في أي مفاوضات مستقبلية، ويرجح أن يتخذوا موقفاً حازماً لتحقيق مطالبهم.
5 شروط
ففي البداية لن يقبل الإيرانيون بوقف الأنشطة النووية بل سيستمرون بخرق بنود خطة العمل المشتركة حتى رفع العقوبات كاملة، ولن يقبلوا بالتالي ما طرح سابقا "التزام بالتزام" أي خطوة إيرانية مقابل أخرى أميركية!
كما لن تقبل طهران بتغيير الجداول الزمنية التي أقرها سابقا الاتفاق النووي الموقع في 2015، لاسيما مسألة يوم الانتقال (2023) وتاريخ إنهاء قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (2025).
وكانت بعض التقارير والمعلومات أشارت إلى أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية كانت تحاول إدراج بند في الاتفاق لضمان التزامات طويلة الأجل بشأن عدم انتشار السلاح النووي.
لكن طهران ترى في تلك الخطوة محاولة لتغيير الجداول الزمنية التي نص عليها سابقا.
أما الملف أو الشرط الرابع فيكمن في مسألة العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان والإرهاب. فوفقًا للشروط التي وضعها سابقا خامنئي، تعتبر طهران أن فرض أي عقوبات بحجة حقوق الإنسان أو الإرهاب أو القضايا العسكرية، بعد بدء تطبيق الاتفاق النووي في يناير 2016، انتهاكًا للاتفاقية.
وبالتالي فإن الوفد الإيراني المفاوض لن يطالب برفع جميع العقوبات، وفقًا لخطة العمل الشاملة فحسب، بل سيدعو أيضًا إلى رفع العقوبات المفروضة بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، مثل قيود الإعفاء من التأشيرة التي فرضها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عام 2015 أو قرارات دونالد ترمب عام 2017 .
أما الشرط الرابع، فبات معروفا ألا وهو الحصول على ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تنسحب مرة أخرى من الاتفاق.
الأهم بين كل ما سبق
ولعل الشرط الخامس هو الأهم بين كل ما سبق. فإيران تود أولا وأخيرا "التحقق" من رفع العقوبات.
فقد أكد خامنئي سابقا، وكررها رئيسي أمس "إذا كانوا يريدون عودة إيران إلى التزامات خطة العمل الشاملة المشتركة، فيجب على واشنطن رفع كل العقوبات، على أن نتحقق من ذلك ونتأكد من أن العقوبات رفعت بطريقة صحيحة".
عندها ستلتزم إيران بالاتفاق، هذا ما أكده المرشد الإيراني في كلمة سابقة له، مشددا على أن بلاده لن تتنازل عن هذا الشرط!
"قريبا".. ولكن!
وكانت السلطات الإيرانية كررت مرارا خلال الأسابيع الماضية عزمها استئناف المحادثات المتعلقة بإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي قيدت بموجبه برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، "قريبا" لكن دون أن تحدد موعدا معلوماً.
فيما لوحت الإدارة الأميركية ببدائل لم تحددها في حال فشلت الدبلوماسية في استئناف الحوار. فقد أكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن، بالإضافة إلى المبعوث الأميركي روبرت مالي، الأسبوع الماضي أن واشنطن تدرس خططا بديلة عن المحادثات إذا لم تستأنف قريبا.
في المقابل، حضت الدول الغربية التي لا تزال منضوية في الاتفاق المبرم بين طهران والقوى الكبرى عام 2015 (فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) والذي انسحبت منه واشنطن قبل ثلاثة أعوام، بشكل متواصل خلال الشهرين الماضيين على العودة إلى التفاوض في العاصمة النمساوية، بعد أن توقفت المحادثات في يونيو الماضي، عقب 6 جولات لم تفضِ إلى توافق حول جميع القضايا العالقة.
العربية.نت