رغم الأمال، ولو الضيئلة، التي كانت معقودة على الحكومة الجديدة حيث كان من المفترض بها لجم سرعة الانهيار الذي تغرق فيه البلاد، على الأقل في القطاعات الحيوية، لتأمين الحدّ الأدنى من مقومات الحياة في مرحلة انتقالية تسبق موعد الانتخابات النيابية، يبدو أن وجود الحكومة مثل عدمه.
فالطبقة الحاكمة لم تكتف بإفلاس مؤسسة كهرباء لبنان، وقطع خدماتها عن اللبنانيين، بل لا تكترث أيضاً للحل البديل، عنينا المولدات. إذ بات هذا القطاع يؤمن ما بين 22 و23 ساعة من الكهرباء، في حين أنه ينزف منذ اشهر ويحاول تفادي أكثر من سبب يغرق البلد في العتمة الشاملة عبر بذل كل الجهود الممكنة، لكن هذه المرة اصبحت العتمة التامة أمرا واقعا لا مهرب منه بعد ان تم القضاء على قطاع كان يلفظ أنفاسه الأخيرة من دون أن يرف للمسؤولين جفن.
هذا الكلام يأتي بعد تقدّم "أصحاب المولدات في بيروت (الأشرفية، المدوّر، الرميل، الصيفي، المرفأ) بكتب إلى وزارة الطاقة والمحافظة والبلدية يعلنون فيها التوقف عن تشغيل مولداتهم خلال مهلة أقصاها نهاية الشهر الجاري، على أن تسجلّ الكتب الإثنين المقبل في الوزارة"، وفق ما كشفه رئيس تجمّع أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة لـ "المركزية"، لافتاً إلى ان "كتابا آخر مشابها جهّز أيضاً من قبل مولدات طريق الجديدة"، مؤكّداً أن "المناطق الأخرى على خطاهم سائرة، والأزمة ستمتد إليها". وذكّر أن "سبق لنا ونبّهنا من أن بعد 15 الجاري سيبدأ "كسر القطاع" بالتجلي والظهور إلى العلن".
وأوضح سعادة أن "لم يعد من إمكانية للمولدات بالاستمرار في تقديم خدماتها"، مفنداً الظروف القاهرة والخسائر المادية التي أدت إلى اتخاذ قرار الإطفاء "فالتسعيرة الرسمية مجحفة، والجباية لا تكفي لتغطية كلفة تشغيل أسبوعين إذ إن معدّل الكلفة الشهرية يتراوح ما بين الـ 400 والـ 500 مليون ليرة لبنانية، أما صاحب المولد فعاجز عن تأمين المبالغ الكافية لشراء المازوت حيث فاق سعر الطن الـ 700$. وأكثر من ذلك يتم إلزامه بتركيب عداد على نفقته، مع العلم أن في مؤسسة كهرباء لبنان يسدد المواطن ثمنه. مع الإشارة أيضاً إلى أن ثمن المولدات وأكلاف صياتنها وقطع الغيار والزيوت والفلاتر تحتسب بالدولار، ما يعني أن صاحب المولد يسدد كل الأكلاف التشغيلية بالعملة الصعبة مقابل تسعيرة بالليرة اللبنانية وهو ملزم على تقاضي الفواتير بالعملة الوطنية. هذا عدا عن عدم قدرة المشتركين على تسديدها وتلاعب عدد منهم بالعدادات والقواطع وسرقة الطاقة والتعليق على كابلات المولدات ويتم غض النظر عنهم"، سائلاً "كيف تضمن الاستمرارية في ظلّ هذا الواقع؟ من أين نأتي بالمال؟" .
"ومنذ رفع الصوت بداية الشهر الجاري لم تتخذ وزارة الاقتصاد أي مبادرة لمحاولة التوصل إلى حل"، حسب سعادة، مضيفاً "تأملنا بالحكومة الجديدة على أساس أن تبدّي التبادل في وجهات النظر خلال تعاملها مع القطاع، لكن ما من أمل فيها حتى. رغم الساعات الطويلة التي نؤمن خلالها الكهرباء لا نسمع من يسألنا عن مشاكلنا وهواجسنا لمساعدتنا على مواصلة نشاطنا".