أخبار لبنان

جهنم مكتمل الأوصاف.. والليرة قريباً ورق "مونوبولي"!‏

تم النشر في 26 تشرين الأول 2021 | 00:00

أشارت "نداء الوطن" الى ان وَضعُ "طبخة" تصحيح الأجور على نار حامية قبل ‏إضافة "سوائل" تعزيز إيرادات الدولة وتحقيق النمو الاقتصادي يعرّضها مع ‏مستحقيها لـ"الاحتراق" سريعاً. فزيادة الرواتب في مرحلة انكماش مقدر من البنك ‏الدولي بـ -10.5 في المئة، لا تؤدي إلى مفاقمة عجز الموازنة وضرب أحد أهم ‏الشروط الاصلاحية فحسب، إنما إلى حتمية تمويل هذه الزيادات من طبع النقود. ‏نتحدث هنا عن زيادة شهرية بقيمة تقدر بحوالى 5000 مليار ليرة سنوياً، هذا في ‏حال اقتصرت الزيادة على رفع بدل النقل لـ 320 ألف موظف إلى 64 ألف ليرة.‏

وعليه سيمتص بند الرواتب والأجور وحده نحو 17 ألف مليار ليرة من النفقات ‏سنوياً في حين أن كل إيرادات الدولة المحققة في العام 2020 بلغت 13600 مليار ‏ليرة. أما في حال الدخول في رفع الحد الأدنى للأجور من 675 ألف ليرة إلى 7 ‏ملايين، إو حتى نصف الرقم المطلوب، فإن أرقام العجز ستكون خيالية.‏

أبرز تجليات إبداع السلطة كانت محاولة تقسيم الزيادة على موظفيها بحيث يستفيد ‏منها موظفو الإدارة العامة المقدرة أعدادهم بحوالى 30 ألفاً، والقوى المسلحة التي ‏يبلغ عديدها حوالى 130 ألفاً، واستثناء بقية العاملين في القطاعات، ومنهم ‏المتقاعدون الذي يبلغ عددهم حوالى 120 ألفاً.‏

ومع هذا، فإن تمويل هذه الزيادات سيكون من خلال طباعة النقود التي ستتحوّل ‏سريعاً إلى ورق "مونوبولي"، نتيجة ارتفاع التضخم وارتفاع الأسعار ونعود إلى ‏نقطة السفر في فترة تقدر بالأشهر. فالكتلة النقدية التي تضخمت من أقل من 5000 ‏مليار ليرة قبل العام 2020 وصلت حالياً إلى أكثر من 40 ألف مليار، ومن ‏المتوقع بحسب الخبراء "في حال استمرار الطبع لتمويل الزيادات أن ترتفع بوتيرة ‏‏2000 مليار ليرة شهرياً. أي أنها قد تتجاوز الـ50 ألف مليار في الأشهر الاولى ‏من العام المقبل. هذه المبالغ ستتحول طلباً على الدولار، وستزيد الخلل في الموازنة ‏وميزان المدفوعات، وتؤدي إلى انهيار قيمة العملة أكثر وأكثر".‏

بدوره، لن يكون القطاع الخاص بمنأى عن الزيادات حيث بدأت لجنة المؤشر التي ‏تضم كلاً من الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام ووزارة الاقتصاد الاجتماع ‏للاتفاق على مقدار الزيادة التي ستعطى. وفي ظل كل ما يعانيه القطاع فإن "الزيادة ‏في حال إقرارها ستكون على حساب بقية العمال وفرص التوظيف الجديدة" برأي ‏أحد الخبراء، "حيث من المتوقع أن تعمد المؤسسات إلى تخفيض أعداد موظفيها ‏لتتحمل الزيادة التي ستفرض عليها. الامر الذي ستكون انعكاساته أشد خطورة على ‏الوضعين الاقتصادي والاجتماعي".‏

من جهة أخرى، أشارت "الجمهورية" الى ان حياتياً، يبدو الوضع الاجتماعي ‏والمعيشي على فوهة بركان، وتبدو الدولة بمؤسساتها وكأنها في مرحلة ضمور، ‏تمهيداً للزوال. الموظفون في القطاع العام يداومون يوما واحدا في الاسبوع، اذا ‏داوموا. الموظفون في القطاع الخاص في حال يُرثى لها، ومؤسساتهم ليست افضل ‏حالا من حالتهم. طوابير البنزين عادت للظهور رغم ارتفاع سعر الصفيحة الى ما ‏دون قدرة المواطن الموعود باستمرار ارتفاع اسعار المحروقات الى مستويات ‏تقارب الـ400 الف ليرة للصفيحة. انه مشهد جهنم مكتمل الاوصاف.‏

في هذا الجو القاتم، تتحرك الحكومة العرجاء في محاولة لتنفيذ اجراءات الحد ‏الأدنى لضمان عدم حصول الانفجار. وفي هذا السياق، يكمن إدراج عودة ‏اجتماعات لجنة المؤشر الى الاجتماع في محاولة للتوافق على رفع الحد الأدنى ‏للاجور، وتصحيح الاجور، وتعديل بدل النقل في القطاعين العام والخاص.‏

ومن خلال المعلومات، والمواقف المعلنة للاطراف المعنية، هناك قناعة بضرورة ‏تعديل الاجور بالحد الأدنى المتاح، لضمان صمود المواطن في هذه الحقبة، مع ‏ضمان عدم تهديد استمرارية المؤسسات، لئلا يرتفع عدد العاطلين عن العمل بنسب ‏كبيرة، حيث لا ينفع رفع الأجر، لمواطن لا يتقاضى أجراً في الاساس. كذلك تتم ‏دراسة وضع سوق الصرف، لئلا يتحول تصحيح الاجور الى عملية انخفاضٍ لقيمة ‏الليرة بصورة دراماتيكية، تعيد الامور الى نقطة الصفر بالنسبة الى الموظف في ‏وقت قياسي. والمشكلة هنا، ان ارتفاع الدولار بسرعة سيقضي بالكامل على طبقة ‏العاطلين عن العمل، وقد اصبح عديدها لا يستهان به.‏

من هنا، يؤكد خبراء الاقتصاد ضرورة درس الخطوات بعناية لضمان وجود نوع ‏من التوازن المعقول بين رفع مستوى القدرة الشرائية للمواطن، وحماية المؤسسات ‏وعدم المجازفة بانهيار سريع لسعر صرف الليرة. ضمن هذه المعادلة الصعبة، ‏الثلاثية الابعاد، تجتمع لجنة المؤشر غدا الاربعاء، لبدء النقاش حول مستقبل ‏الاجور، وهو نقاش معقد قد لا يُحسم في وقت قصير. وعلى المواطن الاستعداد لشد ‏الأحزمة اكثر، ولمرحلة صعبة جدا، لا يُحسد عليها اللبناني في المرحلة التي تسبق ‏الانتخابات.‏





المركزية